للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا فَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ التَّيَمُّمِ وَقْتَ غَسْلِ الْعَلِيلِ، فَإِنْ جُرِحَ عُضْوَاهُ فَتَيَمُّمَانِ.

فَإِنْ كَانَ كَجَبِيرَةٍ لَا يُمْكِنُ نَزْعُهَا غَسَلَ الصَّحِيحَ وَتَيَمَّمَ

ــ

[مغني المحتاج]

وَلَوْ قَالَ: لَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا لِلْمُغْتَسَلِ لَشَمَلَ مَا قَدَّرْتُهُ. فَإِنْ قِيلَ: هَلَّا وَجَبَ تَقْدِيمُ غَسْلِ الصَّحِيحِ كَوُجُودِ مَا لَا يَكْفِيهِ. .

أُجِيبَ بِأَنَّ الْعَاجِزَ هُنَاكَ أُبِيحَ لَهُ التَّيَمُّمُ لِفَقْدِ الْمَاءِ فَلَا يَجُوزُ مَعَ وُجُودِهِ، وَهُنَا أُبِيحَ لِلْعِلَّةِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ، بَلْ النَّصُّ هَهُنَا أَنْ يُنْدَبَ أَنْ يَبْدَأَ بِالتَّيَمُّمِ لِيُزِيلَ الْمَاءُ أَثَرَ التُّرَابِ (فَإِنْ كَانَ) مَنْ بِهِ الْعِلَّةُ (مُحْدِثًا) حَدَثًا أَصْغَرَ (فَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ التَّيَمُّمِ وَقْتَ غَسْلِ الْعَلِيلِ) أَيْ الْعُضْوِ الْعَلِيلِ لِاعْتِبَارِ التَّرْتِيبِ فِي الْوُضُوءِ فَلَا يَنْتَقِلُ عَنْ الْعُضْوِ الْمَعْلُولِ إلَّا بَعْدَ كَمَالِ طَهَارَتِهِ أَصْلًا وَبَدَلًا، وَيُقَدِّمُ مَا شَاءَ مِنْ الْغَسْلِ وَالتَّيَمُّمِ فِي الْعُضْوِ الْوَاحِدِ، وَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ التَّيَمُّمِ عَلَى غَسْلِهِ هُنَا أَيْضًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. وَالثَّانِي: يَجِبُ تَقْدِيمُ غَسْلِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ مِنْ الْأَعْضَاءِ كُلِّهَا لِمَا مَرَّ فِي الْجُنُبِ. وَالثَّالِثُ: يَتَخَيَّرُ كَالْجُنُبِ (فَإِنْ جُرِحَ عُضْوَاهُ) أَيْ الْمُحْدِثِ أَوْ اُمْتُنِعَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِيهِمَا لِغَيْرِ جِرَاحَةٍ (فَتَيَمُّمَانِ) يَجِبَانِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ، وَهُوَ اشْتِرَاطُ التَّيَمُّمِ وَقْتَ غَسْلِ الْعَلِيلِ لِتَعَدُّدِ الْعَلِيلِ، وَكُلٌّ مِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ كَوُضُوءٍ وَاحِدٍ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تُجْعَلَ كُلُّ وَاحِدَةٍ كَعُضْوٍ، فَإِنْ كَانَ فِي أَعْضَائِهِ الْأَرْبَعَةِ جِرَاحَةٌ، وَلَمْ تَعُمَّهَا فَلَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثِ تَيَمُّمَاتٍ: الْأَوَّلُ لِلْوَجْهِ. وَالثَّانِي: لِلْيَدَيْنِ. وَالثَّالِثُ: لِلرِّجْلَيْنِ، وَالرَّأْسُ يَكْفِي فِيهِ مَسْحُ مَا قَلَّ مِنْهُ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ عَمَّتْ الرَّأْسَ فَأَرْبَعَةٌ، وَإِنْ عَمَّتْ الْأَعْضَاءَ كُلَّهَا فَتَيَمُّمٌ وَاحِدٌ عَنْ الْجَمِيعِ لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ بِسُقُوطِ الْغَسْلِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ. فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَتْ الْجِرَاحَةُ فِي وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَغَسَلَ صَحِيحَ الْوَجْهِ أَوَّلًا جَازَ تَوَالِي تَيَمُّمَيْهِمَا فَلِمَ لَا يَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ كَمَنْ عَمَّتْ الْجِرَاحَةُ أَعْضَاءَهُ؟ . فَالْجَوَابُ أَنَّ التَّيَمُّمَ هُنَا فِي طُهْرٍ تَحَتَّمَ فِيهِ التَّرْتِيبُ، فَلَوْ كَفَاهُ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ حَصَلَ تَطْهِيرُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ عَنْ الْأَعْضَاءِ كُلِّهَا لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ بِسُقُوطِ الْغَسْلِ اهـ.

فِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْتُهُ مَعَ الْجَوَابِ عَنْهُ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الْجِرَاحَ لَوْ عَمَّتْ الْوَجْهَ وَالْيَدَيْنِ كَفَاهُمَا تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ، وَكَذَا لَوْ عَمَّتْهُمَا الرَّأْسُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ بِسُقُوطِ الْغَسْلِ

(فَإِنْ كَانَ) عَلَى الْعُضْوِ الَّذِي امْتَنَعَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِيهِ سَاتِرٌ (كَجَبِيرَةٍ لَا يُمْكِنُ نَزْعُهَا) لِخَوْفِ مَحْذُورٍ مِمَّا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَكَذَا اللَّصُوقُ بِفَتْحِ اللَّامِ وَالشُّقُوقُ الَّتِي فِي الرِّجْلِ إذَا احْتَاجَ إلَى تَقْطِيرِ شَيْءٍ فِيهَا يَمْنَعُ مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ. وَالْجَبِيرَةُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْجِبَارَةُ بِكَسْرِهَا خَشْبٌ أَوْ قَصَبٌ يُسَوَّى وَيُشَدُّ عَلَى مَوْضِعِ الْكَسْرِ أَوْ الْخَلْعِ لِيَنْجَبِرَ.

وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: الْجَبِيرَةُ مَا كَانَ عَلَى كَسْرٍ، وَاللَّصُوقُ مَا كَانَ عَلَى جَرْحٍ، وَمِنْهُ عِصَابَةُ الْفَصْدِ، وَنَحْوِهَا. وَلِهَذَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالسَّاتِرِ لِعُمُومِهِ وَمَثَّلَ بِالْجَبِيرَةِ، وَإِذَا عَسُرَ عَلَيْهِ نَزْعُ مَا ذُكِرَ (غَسَلَ الصَّحِيحَ) عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ ضَرُورَةٌ فَاعْتُبِرَ الْإِتْيَانُ فِيهَا بِأَقْصَى الْمُمْكِنِ (وَتَيَمَّمَ) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادٍ كُلُّ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ عَنْ جَابِرٍ فِي الْمَشْجُوجِ الَّذِي احْتَلَمَ، وَاغْتَسَلَ فَدَخَلَ الْمَاءُ شَجَّتَهُ فَمَاتَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِبَ عَلَى رَأْسِهِ خِرْقَةً ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ»

<<  <  ج: ص:  >  >>