للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا سَبَقَ، وَيَجِبُ مَعَ ذَلِكَ مَسْحُ كُلِّ جَبِيرَتِهِ بِمَاءٍ، وَقِيلَ بَعْضِهَا.

فَإِذَا تَيَمَّمَ لِفَرْضٍ ثَانٍ وَلَمْ يُحْدِثْ لَمْ يُعِدْ الْجُنُبُ غُسْلًا، وَيُعِيدُ الْمُحْدِثُ مَا بَعْدَ عَلِيلِهِ، وَقِيلَ: يَسْتَأْنِفَانِ،

ــ

[مغني المحتاج]

(١) (كَمَا سَبَقَ) فِي مُرَاعَاةِ التَّرْتِيبِ فِي الْمُحْدِثِ وَتَعَدُّدِ التَّيَمُّمِ عِنْدَ تَعَدُّدِ الْعِلَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ، وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ النَّزْعُ بِلَا خَوْفٍ وَجَبَ، وَهُوَ كَذَلِكَ قَطْعًا، وَنُقِلَ عَنْ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ عَدَمُ الْوُجُوبِ، وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ كَمَا سَبَقَ الْجَزْمُ بِوُجُوبِ التَّيَمُّمِ كَالْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا وَلَيْسَ مُرَادًا فَفِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ صَرَّحَ بِحِكَايَتِهِمَا التَّنْبِيهُ: أَظْهَرُهُمَا أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ (وَيَجِبُ مَعَ ذَلِكَ مَسْحُ كُلِّ جَبِيرَتِهِ) الَّتِي يَضُرُّ نَزْعُهَا (بِمَاءٍ) اسْتِعْمَالًا لِلْمَاءِ مَا أَمْكَنَ بِخِلَافِ التُّرَابِ لَا يَجِبُ مَسْحُهَا بِهِ وَإِنْ كَانَتْ فِي مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّهُ ضَعِيفٌ، فَلَا يُؤَثِّرُ مِنْ وَرَاءِ الْحَائِلِ وَلَا يُقَدَّرُ الْمَسْحُ بِمُدَّةٍ، بَلْ لَهُ الِاسْتِدَامَةُ إلَى الِانْدِمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرَدْ فِيهِ تَوْقِيتٌ وَلِأَنَّ السَّاتِرَ لَا يُنْزَعُ لِلْجَنَابَةِ بِخِلَافِ الْخُفِّ فِيهِمَا، وَالتَّيَمُّمُ الْمُتَقَدِّمُ بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ الْعُضْوِ الْعَلِيلِ، وَمَسْحُ السَّاتِرِ بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ مَا تَحْتَ أَطْرَافِهِ مِنْ الصَّحِيحِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ إنَّهُ بَدَلٌ عَمَّا تَحْتَ الْجَبِيرَةِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ السَّاتِرُ بِقَدْرِ الْعِلَّةِ فَقَطْ أَوْ بِأَزْيَدَ وَغَسَلَ الزَّائِدَ كُلَّهُ لَا يَجِبُ الْمَسْحُ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَإِطْلَاقُهُمْ وُجُوبَ الْمَسْحِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ السَّاتِرَ يَأْخُذُ زِيَادَةً عَلَى مَحَلِّ الْعِلَّةِ وَلَا يُغْسَلُ (وَقِيلَ) : يَكْفِي مَسْحُ (بَعْضِهَا) كَالْخُفِّ وَالرَّأْسِ وَيَمْسَحُ الْجُنُبُ وَنَحْوُهُ مَتَى شَاءَ، وَالْمُحْدِثُ وَقْتَ غَسْلِ عَلِيلِهِ، وَيُشْتَرَطُ فِي السَّاتِرِ لِيَكْتَفِيَ بِمَا ذُكِرَ أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْ الصَّحِيحِ إلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلِاسْتِمْسَاكِ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى غَسْلِهِ بِالتَّلَطُّفِ الْمُتَقَدِّمِ وَجَبَ لِخَبَرِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ أَمَسَّ مَا حَوَالَيْ الْجُرْحِ مَاءً بِلَا إفَاضَةٍ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ، وَالْفَصْدُ كَالْجُرْحِ الَّذِي يَخَافُ مِنْ غَسْلِهِ مَا مَرَّ فَيَتَيَمَّمُ لَهُ إنْ خَافَ اسْتِعْمَالَ الْمَاءِ وَعِصَابَتَهُ كَاللَّصُوقِ وَلِمَا بَيْنَ حَبَّاتِ الْجُدَرِيِّ حُكْمُ الْعُضْوِ الْجَرِيحِ إنْ خَافَ مِنْ غَسْلِهِ مَا مَرَّ، فَإِذَا ظَهَرَ دَمُ الْفَصَادَةِ مِنْ اللَّصُوقِ وَشَقَّ عَلَيْهِ نَزْعُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ مَسْحُهُ، وَيُعْفَى عَنْ هَذَا الدَّمِ الْمُخْتَلَطِ بِالْمَاءِ تَقْدِيمًا لِمَصْلَحَةِ الْوَاجِبِ عَلَى دَفْعِ مَفْسَدَةِ الْحَرَامِ. قَالَ شَيْخِي: كَوُجُوبِ تَنَحْنُحِ مُصَلِّي الْفَرْضِ حَيْثُ تَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ الْوَاجِبَةُ

(فَإِذَا تَيَمَّمَ) الَّذِي غَسَلَ الصَّحِيحَ وَتَيَمَّمَ عَنْ الْبَاقِي وَأَدَّى فَرِيضَةً (لِفَرْضٍ ثَانٍ) وَثَالِثٍ وَهَكَذَا (وَلَمْ يُحْدِثْ) بَعْدَ طَهَارَتِهِ الْأُولَى (لَمْ يُعِدْ الْجُنُبُ) وَنَحْوُهُ (غَسْلًا) لِمَا غَسَلَهُ وَلَا مَسْحًا لِمَا مَسَحَهُ (وَيُعِيدُ الْمُحْدِثُ) غَسْلَ (مَا بَعْدَ عَلِيلِهِ) ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ الْعَلِيلِ، وَلَا تَرْتِيبَ فِي حَقِّ الْجُنُبِ بَيْنَ غَسْلِ الْعَلِيلِ وَبَيْنَ مَا بَعْدَهُ، بِخِلَافِ الْمُحْدِثِ فَإِذَا وَجَبَ إعَادَةُ تَطْهِيرِ عُضْوٍ خَرَجَ ذَلِكَ الْعُضْوُ عَنْ أَنْ تَكُونَ طَهَارَتُهُ تَامَّةً، فَإِذَا أَتَمَّهَا أَعَادَ مَا بَعْدَهَا كَمَا لَوْ نَسِيَ مِنْهُ لَمْعَةً (وَقِيلَ يَسْتَأْنِفَانِ) أَيْ الْجُنُبُ وَنَحْوُهُ الْغُسْلَ، وَالْمُحْدِثُ الْوُضُوءَ، وَهَذَا مُخْرَجٌ مِنْ الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الِاسْتِئْنَافِ عَلَى مَاسِحِ الْخُفِّ إذَا نَزَعَهُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا طَهَارَةٌ مُرَكَّبَةٌ مِنْ أَصْلٍ وَبَدَلٍ، فَإِذَا بَطَلَ الْبَدَلُ بَطَلَ الْأَصْلُ، وَاسْتَغْرَبَ فِي الْمَجْمُوعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>