للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ غَيْرُهُ قُسِّطَ الثُّلُثُ.

أَوْ هُوَ وَغَيْرُهُ قُسِّطَ بِالْقِيمَةِ، وَفِي قَوْلٍ يُقَدَّمُ الْعِتْقُ.

أَوْ مُنَجَّزَةٌ قُدِّمَ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ حَتَّى يَتِمَّ الثُّلُثُ فَإِنْ وُجِدَتْ دُفْعَةً وَاتَّحَدَ الْجِنْسُ كَعِتْقِ عَبِيدٍ أَوْ إبْرَاءِ جَمْعٍ أُقْرِعَ فِي الْعِتْقِ وَقُسِّطَ فِي غَيْرِهِ.

ــ

[مغني المحتاج]

إلَى إنْشَاءِ عِتْقِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ وَقْتَ اسْتِحْقَاقِهِمَا وَاحِدٌ. نَعَمْ إنْ اعْتَبَرَ الْمُوصِي وُقُوعَهَا مُرَتَّبَةً، كَأَنْ قَالَ: أَعْتِقُوا سَالِمًا بَعْدَ مَوْتِي ثُمَّ غَانِمًا ثُمَّ بَكْرًا قُدِّمَ مَا قَدَّمَهُ جَزْمًا.

فَإِنْ قِيلَ لَوْ قَالَ: إذَا مِتُّ فَسَالِمٌ حُرٌّ ثُمَّ غَانِمٌ ثُمَّ نَافِعٌ لَمْ يُقَدَّمْ الْأَوَّلُ، بَلْ هُمْ سَوَاءٌ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّف؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّ التَّبَرُّعَاتِ فِيمَا مَثَّلُوا بِهِ اعْتَبَرَ الْمُوصِي وُقُوعَهَا مُرَتَّبَةً مِنْ غَيْرِهِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَقَعَ عَلَى وَفْقِ اعْتِبَارِهِ بِخِلَافِ هَذَا، وَلَوْ دَبَّرَ عَبْدًا عِنْدَ مَوْتِهِ وَأَوْصَى بِإِعْتَاقِ آخَرَ لَمْ يُقَدَّمْ أَحَدُهُمَا (أَوْ) تَمَحَّضَ تَبَرُّعَاتٌ (غَيْرُهُ قُسِّطَ الثُّلُثُ) عَلَى الْجَمِيعِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ أَوْ الْمِقْدَارِ كَمَا تُقَسَّمُ التَّرِكَةُ بَيْنَ أَرْبَابِ الدُّيُونِ.

فَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِمِائَةٍ وَلِبَكْرٍ بِخَمْسِينَ وَلِعَمْرٍو بِخَمْسِينَ وَثُلُثُ مَالِهِ مِائَةٌ أُعْطِيَ الْأَوَّلُ خَمْسِينَ، وَكُلٌّ مِنْ الْآخَرَيْنِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ، وَلَا يُقَدَّمُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ بِالسَّبْقِ لِأَنَّ الْوَصَايَا إنَّمَا تُمْلَكُ بِالْمَوْتِ، فَاسْتَوَى فِيهَا حُكْمُ الْمُتَقَدِّمِ وَالْمُتَأَخِّرِ وَقَاسَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى الْعَوْلِ فِي الْفَرَائِضِ، هَذَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَلَوْ رَتَّبَ كَأَنْ قَالَ: اُعْطُوا زَيْدًا مِائَةً ثُمَّ عَمْرًا مِائَةً جَرَى عَلَيْهِ حُكْمُ تَرْتِيبِهِ.

(أَوْ هُوَ) أَيْ اجْتَمَعَ عِتْقٌ (وَغَيْرُهُ) كَأَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ سَالِمٍ وَلِزَيْدٍ بِمِائَةٍ (قُسِّطَ) الثُّلُثُ عَلَيْهِمَا (بِالْقِيمَةِ) لِلْعَتِيقِ لِاتِّحَادِ وَقْتِ الِاسْتِحْقَاقِ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ مِائَةً وَالثُّلُثُ مِائَةٌ عَتَقَ نِصْفُهُ وَلِزَيْدٍ خَمْسُونَ (وَفِي قَوْلٍ يُقَدَّمُ الْعِتْقُ) لِقُوَّتِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقِّ الْآدَمِيِّ.

تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَسْأَلَةٌ، وَهِيَ مَا لَوْ دَبَّرَ عَبْدَهُ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ وَأَوْصَى لَهُ بِمِائَةٍ وَثُلُثُ مَالِهِ مِائَةٌ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ كُلُّهُ وَلَا شَيْءَ لِلْوَصِيَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: يُقَسَّطُ وَصَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ، فَإِنْ اعْتَبَرَ الْمُوصِي وُقُوعَ التَّبَرُّعَاتِ مُرَتَّبَةً بَعْدَ الْمَوْتِ، كَأَنْ قَالَ: اعْتِقُوا بَكْرًا ثُمَّ أَعْطُوا زَيْدًا مِائَةً قُدِّمَ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ.

وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ مَثَلًا ثُمَّ مَرِضَ شَهْرًا فَأَكْثَرَ وَمَاتَ فَحُكْمُهُ كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ فِي الصِّحَّةِ فَوُجِدَتْ الصِّفَةُ فِي الْمَرَضِ كَمَا قَالَاهُ هُنَا.

(أَوْ) اجْتَمَعَ تَبَرُّعَاتٌ (مُنَجَّزَةٌ) كَأَنْ أَعْتَقَ وَوَقَفَ وَتَصَدَّقَ (قُدِّمَ الْأَوَّلُ) مِنْهَا (فَالْأَوَّلُ حَتَّى يَتِمَّ الثُّلُثُ) لِقُوَّتِهِ وَنُفُوذِهِ لِأَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى إجَازَةٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ فِيهَا عِتْقٌ أَمْ لَا اتَّحَدَ جِنْسُهَا أَمْ لَا وَيَتَوَقَّفُ مَا بَقِيَ مِنْهَا عَلَى إجَازَةِ الْوَارِثِ (فَإِنْ وُجِدَتْ) هَذِهِ التَّبَرُّعَاتُ (دُفْعَةً) بِضَمِّ الدَّالِ: إمَّا مِنْهُ، أَوْ بِوَكَالَةٍ (وَاتَّحَدَ الْجِنْسُ) فِيهَا (كَعِتْقِ عَبِيدٍ أَوْ إبْرَاءِ جَمْعٍ) كَقَوْلِهِ: أَعْتَقْتُكُمْ أَوْ أَبْرَأْتُكُمْ (أُقْرِعَ فِي الْعِتْقِ) خَاصَّةً حَذَرًا مِنْ التَّشْقِيصِ فِي الْجَمِيع لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: «أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةً مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ فَدَعَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَزَّأَهُمْ أَثْلَاثًا وَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً» .

قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْلَا الْحَدِيثُ لَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَعْتِقَ مِنْ كُلِّ عَبْدٍ مِقْدَارُ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الثُّلُثِ، وَلَكِنَّ الشَّافِعِيَّ تَرَكَهُ لِلْحَدِيثِ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْإِعْتَاقِ تَخْلِيصُ الرَّقَبَةِ. وَلَا يَحْصُلُ هَذَا الْغَرَضُ مَعَ بَقَاءِ رِقِّ بَعْضِهِ (وَقَسَّطَ) بِالْقِيمَةِ (فِي غَيْرِهِ) كَمَا مَرَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>