وَقِيلَ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ، يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ أَيْضًا عِتْقٌ عُلِّقَ بِالْمَوْتِ، وَتَبَرُّعٌ نُجِّزَ فِي مَرَضِهِ: كَوَقْفٍ وَهِبَةٍ وَعِتْقٍ وَإِبْرَاءٍ.
وَإِذَا اجْتَمَعَ تَبَرُّعَاتٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَوْتِ وَعَجَزَ الثُّلُثُ فَإِنْ تَمَحَّضَ الْعِتْقُ أُقْرِعَ
ــ
[مغني المحتاج]
تَعَلَّقَتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ (وَقِيلَ) يُعْتَبَرُ (يَوْمَ الْوَصِيَّةِ) وَعَلَيْهِ تَنْعَكِسُ الْأَحْكَامُ السَّابِقَةُ كَمَا لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ يَوْمَ النَّذْرِ.
وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ ذَلِكَ وَقْتَ اللُّزُومِ نَظِيرُ الْمَوْتِ فِي الْوَصِيَّةِ.
تَنْبِيهٌ: لَا يَخْفَى أَنَّ الثُّلُثَ الَّذِي تُنَفَّذُ فِيهِ الْوَصِيَّةُ هُوَ الثُّلُثُ الْفَاضِلُ بَعْدَ الدَّيْنِ، فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لَمْ تُنَفَّذْ الْوَصِيَّةُ فِي شَيْءٍ، لَكِنَّهَا تَنْعَقِدُ حَتَّى نُنَفِّذَهَا لَوْ أَبْرَأَ الْغَرِيمُ أَوْ قَضَى عَنْهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ (يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ) الَّذِي يُوصَى بِهِ (أَيْضًا عِتْقٌ عُلِّقَ بِالْمَوْتِ) سَوَاءٌ أَعُلِّقَ فِي الصِّحَّةِ أَمْ فِي الْمَرَضِ.
تَنْبِيهٌ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى قَوْلِهِ: يَنْبَغِي إلَخْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَيْضًا: فَإِنَّهُ مَصْدَرَ آضَ: أَيْ: رَجَعَ (وَ) يُعْتَبَرُ أَيْضًا (تَبَرُّعٌ نُجِّزَ فِي مَرَضِهِ) الَّذِي مَاتَ فِيهِ (كَوَقْفٍ وَهِبَةٍ وَعِتْقٍ وَإِبْرَاءٍ) لِخَبَرِ: «إنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ زِيَادَةً لَكُمْ فِي أَعْمَالِكُمْ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَفِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ وَلَوْ وَهَبَ فِي الصِّحَّةِ وَأَقْبَضَ فِي الْمَرَضِ اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ أَيْضًا، إذْ لَا أَثَرَ لِتَقَدُّمِ الْهِبَةِ، وَخَرَجَ: بِتَبَرُّعٍ مَا لَوْ اسْتَوْلَدَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ تَبَرُّعًا بَلْ إتْلَافًا وَاسْتِمْتَاعًا فَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَبِمَرَضِهِ تَبَرُّعٌ نُجِّزَ فِي صِحَّتِهِ فَيُحْسَبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْ الْعِتْقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ عِتْقُ أُمِّ الْوَلَدِ إذَا أَعْتَقَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَإِنَّهُ يُنَفَّذُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ مَعَ أَنَّهُ تَبَرُّعٌ نُجِّزَ فِي الْمَرَضِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ قِيمَةَ مَا يَفُوتُ عَلَى الْوَرَثَةِ يُعْتَبَرُ بِوَقْتِ التَّفْوِيتِ فِي الْمُنَجَّزِ وَبِوَقْتِ الْمَوْتِ فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ فَقَدْ صَرَّحُوا فِي بَابِ الْعِتْقِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ لِمَعْرِفَةِ الثُّلُثِ فِيمَنْ أَعْتَقَهُ مُنَجَّزًا فِي الْمَرَضِ قِيمَةُ يَوْمِ الْإِعْتَاقِ وَفِيمَنْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ قِيمَةُ يَوْمِ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ وَقْتُ الِاسْتِحْقَاقِ وَفِيمَا بَقِيَ لِلْوَرَثَةِ بِأَقَلِّ قِيمَةٍ مِنْ يَوْمِ الْمَوْتِ إلَى يَوْمِ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ يَوْمَ الْمَوْتِ أَقَلَّ فَالزِّيَادَةُ حَصَلَتْ فِي مِلْكِ الْوَارِثِ أَوْ يَوْمَ الْقَبْضِ أَقَلَّ، فَمَا نَقَصَ قَبْلَهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي يَدِهِ فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ جَارٍ فِي غَيْرِ الْعِتْقِ، وَلَوْ أَوْصَى بِتَأْجِيلِ الْحَالِّ اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ، وَلِلرُّويَانِيِّ احْتِمَالُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إلَّا التَّفَاوُتُ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ قَوِيٌّ.
(وَإِذَا اجْتَمَعَ) فِي وَصِيَّةٍ (تَبَرُّعَاتٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَوْتِ) وَإِنْ كَانَتْ مُرَتَّبَةً (وَعَجَزَ الثُّلُثُ) عَنْهَا أَيْ: لَمْ يُوفِ بِهَا (فَإِنْ تَمَحَّضَ الْعِتْقُ) كَأَنْ قَالَ: إذَا مِتُّ فَأَنْتُمْ أَحْرَارٌ أَوْ غَانِمٌ وَسَالِمٌ وَبَكْرٌ أَحْرَارٌ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمْ، فَمَنْ قُرِعَ عَتَقَ مِنْهُ مَا يَكْفِي الثُّلُثَ وَسَيَأْتِي كَيْفِيَّةُ الْقُرْعَةِ فِي بَابَيْ الْقِسْمَةِ وَالْعِتْقِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا يَعْتِقُ مِنْ كُلٍّ بَعْضُهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْعِتْقِ تَخْلِيصُ الشَّخْصِ مِنْ الرِّقِّ، وَلَا يَحْصُلُ مَعَ التَّشْقِيصِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ تَرَتُّبُهَا مَعَ إضَافَتِهَا لِلْمَوْتِ لِاشْتِرَاكِهَا فِي وَقْتِ نَفَاذِهَا، وَهُوَ وَقْتُ الْمَوْتِ، بَلْ لَا يُقَدَّمُ الْعِتْقُ الْمُعَلَّقُ بِالْمَوْتِ عَلَى الْمُوصَى بِإِعْتَاقِهِ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي يَحْتَاجُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute