للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْعَبْدِ كُلُّهَا مِنْ الثُّلُثِ إنْ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا، وَإِنْ أَوْصَى بِهَا مُدَّةً قُوِّمَ بِمَنْفَعَتِهِ ثُمَّ مَسْلُوبَهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ، وَيُحْسَبُ النَّاقِصُ مِنْ الثُّلُثِ.

وَتَصِحُّ بِحَجٍّ تَطَوُّعٍ فِي الْأَظْهَرِ.

ــ

[مغني المحتاج]

حَقِّ الْبِنَاءِ عَلَى السَّطْحِ وَنَحْوِهِ بِأَنَّهَا تُبَاعُ وَحْدَهَا بِالْإِجَارَةِ (وَ) الْأَصَحُّ أَيْضًا (أَنَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْعَبْدِ كُلُّهَا) رَقَبَتُهُ وَمَنْفَعَتُهُ (مِنْ الثُّلُثِ إنْ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا) وَلَوْ بِحَيَاةِ الْمُوصَى لَهُ لِتَفْوِيتِ الْيَدِ كَمَا لَوْ بَاعَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ، وَلِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمُؤَبَّدَةَ لَا يُمْكِنُ تَقْوِيمُهَا، وَلِأَنَّ مُدَّةَ عُمْرِهِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ فَتَعَيَّنَ تَقْوِيمُ الرَّقَبَةِ بِمَنَافِعِهَا.

وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُدَّةَ الْمَجْهُولَةَ كَذَلِكَ. وَالثَّانِي: وَخَرَّجَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ: أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ، إذْ لَا بُدَّ أَنْ يَبْقَى لَهُ قِيمَةٌ طَمَعًا فِي إعْتَاقِهِ، مِثَالُهُ أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ عَبْدٍ قِيمَتُهُ بِمَنَافِعِهِ مِائَةٌ وَبِدُونِهَا عَشَرَةٌ، فَالْمُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ عَلَى الْأَوَّلِ الْمِائَةُ لَا التِّسْعُونَ، فَيُعْتَبَرُ فِي نُفُوذِ الْوَصِيَّةِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِائَتَانِ، وَالْمُعْتَبَرُ عَلَى الثَّانِي تِسْعُونَ فَقَطْ، فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ ضِعْفُ التِّسْعِينَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ أَوْصَى بِرَقَبَتِهِ دُونَ مَنْفَعَتِهِ لَمْ يُحْسَبْ الْعَبْدُ مِنْ الثُّلُثِ لِجَعْلِنَا الرَّقَبَةَ الْخَالِيَةَ عَنْ الْمَنْفَعَةِ كَالتَّالِفَةِ (وَإِنْ أَوْصَى بِهَا) أَيْ مَنْفَعَةِ الْعَبْدِ (مُدَّةً) مَعْلُومَةً (قُوِّمَ بِمَنْفَعَتِهِ ثُمَّ) قُوِّمَ (مَسْلُوبُهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ، وَيُحْسَبُ النَّاقِصُ مِنْ الثُّلُثِ) لِأَنَّ الْحَيْلُولَةَ مُعَرَّضَةٌ لِلزَّوَالِ، فَلَوْ قُوِّمَ بِمَنْفَعَتِهِ بِمِائَةٍ وَبِدُونِهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ بِثَمَانِينَ فَالْوَصِيَّةُ بِعِشْرِينَ، وَلَوْ أَوْصَى بِبَعْضِ الْمَنْفَعَةِ.

قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَوَّمَ الْمُوصَى بِهِ دُونَ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوصِ لَهُ بِجَمِيعِ مَنَافِعِهَا، وَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِمَنْفَعَةِ عَبْدٍ وَلِآخَرَ بِرَقَبَتِهِ فَرَدَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ الْوَصِيَّةَ عَادَتْ إلَى الْوَارِثِ كَمَا اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ

تَنْبِيهٌ: ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْعَبْدَ مِثَالًا، فَإِنَّ مَنْفَعَةَ الدَّارِ وَثَمَرَةَ الْبُسْتَانِ كَذَلِكَ.

وَلَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ الْمُوصَى بِمَنَافِعِهَا فَأَعَادَهَا الْوَارِثُ بِآلَتِهَا عَادَ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ كَمَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، وَلَوْ غُصِبَ الْمُوصَى بِمَنَافِعِهِ فَأُجْرَتُهُ عَنْ مُدَّةِ الْغَصْبِ لِلْمُوصَى لَهُ لَا لِلْوَارِثِ، بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْمُؤَجَّرِ؛ لِأَنَّهَا هُنَا بَدَلُ حَقِّهِ بِخِلَافِهَا ثَمَّ، فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَتَعُودُ الْمَنَافِعُ إلَى مَالِكِ الرَّقَبَةِ.

(وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِحَجٍّ) وَعُمْرَةِ (تَطَوُّعٍ فِي الْأَظْهَرِ) بِنَاءً عَلَى الْأَظْهَرِ مِنْ جَوَازِ النِّيَابَةِ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَدْخُلُ النِّيَابَةُ فِي فَرْضِهَا فَتَدْخُلُ فِي نَفْلِهَا كَأَدَاءِ الزَّكَاةِ، فَإِنْ قِيلَ: قَدْ نُقِضَ هَذَا فِي الْمَجْمُوعِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا نِيَابَةَ فِي نَفْلِهِ قَطْعًا.

أُجِيبَ بِأَنَّ النِّيَابَةَ تَصِحُّ فِي فَرْضِ الزَّكَاةِ وَفَرْضِ الْحَجِّ فِي الْحَيَاةِ بِشَرْطِهِ وَبَعْدَ الْمَمَاتِ، وَهُوَ الْمُرَادُ فَصَحَّتْ النِّيَابَةُ فِي نَفْلِهِمَا.

وَأَمَّا فَرْضُ الصَّوْمِ فَلَمْ تَصِحَّ النِّيَابَةُ فِيهِ فِي الْحَيَاةِ بِحَالٍ فَلَمْ تَقَعْ الْمُشَابَهَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا فَلَا يُنْقَضُ بِهِ ذَلِكَ. فَإِنْ قِيلَ: ذَكَرُوا هُنَا فِي الصَّوْمِ عَنْ الْمَرِيضِ الْمَأْيُوسِ وَجْهَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: تَشْبِيهًا بِالْحَجِّ، وَقَضِيَّتُهُ الْجَوَازُ فَلَا يَصِحُّ الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ.

أُجِيبَ بِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا فِي بَابِ الصَّوْمِ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الصَّوْمُ عَنْ حَيٍّ بَلَا خِلَافٍ مَعْذُورًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ التَّشْبِيهِ الِاتِّحَادُ فِي التَّرْجِيحِ. .

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَجِيءُ الْخِلَافُ فِي حَجِّ الْوَارِثِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ عَمَّنْ مَاتَ وَلَمْ يَجِبْ

<<  <  ج: ص:  >  >>