للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَجِبُ قَرْنُهَا بِالنَّقْلِ، وَكَذَا اسْتِدَامَتُهَا إلَى مَسْحِ شَيْءٍ مِنْ الْوَجْهِ عَلَى الصَّحِيحِ، فَإِنْ نَوَى فَرْضًا وَنَفْلًا أُبِيحَا

ــ

[مغني المحتاج]

بِمَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ نَوَى التَّيَمُّمَ لَمْ يَكْفِ جَزْمًا، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ عَنْ غُسْلٍ مَسْنُونٍ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ أَنَّهُ يَكْفِيهِ نِيَّةُ التَّيَمُّمِ بَدَلَ الْغُسْلِ (وَيَجِبُ قَرْنُهَا) أَيْ النِّيَّةِ (بِالنَّقْلِ) الْحَاصِلِ بِالضَّرْبِ إلَى الْوَجْهِ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْأَرْكَانِ (وَكَذَا) يَجِبُ (اسْتِدَامَتُهَا إلَى مَسْحِ شَيْءٍ مِنْ الْوَجْهِ عَلَى الصَّحِيحِ) فَلَوْ عَزَبَتْ قَبْلَ الْمَسْحِ لَمْ يَكْفِ؛ لِأَنَّ النَّقْلَ وَإِنْ كَانَ رُكْنًا فَهُوَ غَيْرُ مَقْصُودٍ فِي نَفْسِهِ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْمُتَّجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِاسْتِحْضَارِهَا عِنْدَهُمَا، وَإِنْ عَزَبَتْ بَيْنَهُمَا، وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِكَلَامٍ لِأَبِي خَلَفٍ الطَّبَرِيِّ (١) ، وَتَعْلِيلُ الرَّافِعِيِّ يُفْهِمُهُ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالتَّعْبِيرُ بِالِاسْتِدَامَةِ كَمَا قَالَ شَيْخِي جَرَى عَلَى الْغَالِبِ؛ لِأَنَّ هَذَا الزَّمَنَ يَسِيرُ لَا تَعْزُبُ فِيهِ النِّيَّةُ غَالِبًا، بَلْ لَوْ لَمْ يَنْوِ إلَّا عِنْدَ إرَادَةِ مَسْحِ الْوَجْهِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ أَخْذًا مِنْ الْفَرْقِ الْمُتَقَدِّمِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلُ الْأَصْحَابِ يَجِبُ قَرْنُهَا بِالنَّقْلِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ النَّقْلُ الْمُعْتَدُّ بِهِ وَهَذَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ، فَإِنَّ النَّقْلَ الْمُعْتَدَّ بِهِ الْآنَ هُوَ النَّقْلُ مِنْ الْيَدَيْنِ إلَى الْوَجْهِ وَقَدْ اقْتَرَنَتْ النِّيَّةُ بِهِ. وَالثَّانِي: لَا تَجِبُ الِاسْتِدَامَةُ كَمَا لَوْ قَارَنَتْ نِيَّةُ الْوُضُوءِ أَوَّلَ غَسْلِ الْوَجْهِ ثُمَّ انْقَطَعَتْ.

وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِمَا مَرَّ، وَلَوْ نَقَلَ التُّرَابَ قَبْلَ الْوَقْتِ وَتَيَمَّمَ بَعْدَهُ لَمْ يُجْزِهِ، وَلَوْ يَمَّمَهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ وَنَوَى الْآذِنُ عِنْدَ ضَرْبِ الْمَأْذُونِ لَهُ، وَأَحْدَثَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْمَسْحِ لَمْ يَضُرَّ، قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي فَتَاوِيهِ؛ لِأَنَّ الْآمِرَ لَيْسَ بِنَاقِلٍ فَلَا يَبْطُلُ بِحَدَثِهِ، وَالْمَأْمُورَ لَيْسَ بِنَاقِلٍ لِنَفْسِهِ حَتَّى يَبْطُلَ بِحَدَثِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ الرَّافِعِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَبْطُلَ بِحَدَثِ الْآمِرِ كَمَا فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي حُسَيْنِ، وَلَوْ تَقَدَّمَتْ النِّيَّةُ عَلَى الْمَفْرُوضَاتِ وَقَارَنَتْ شَيْئًا مِنْ السُّنَنِ كَالتَّسْمِيَةِ وَالسِّوَاكِ فَكَمَا سَبَقَ فِي الْوُضُوءِ، وَلَوْ ضَرَبَ يَدَهُ عَلَى بَشَرَةِ امْرَأَةٍ تُنْقَضُ وَعَلَيْهَا تُرَابٌ، فَإِنْ مَنَعَ الْتِقَاءَ الْبَشَرَتَيْنِ صَحَّ تَيَمُّمُهُ وَإِلَّا فَلَا.

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يُبَاحُ لَهُ بِنِيَّتِهِ، فَقَالَ: (فَإِنْ نَوَى فَرْضًا وَنَفْلًا) أَيْ اسْتِبَاحَتَهُمَا (أُبِيحَا) لَهُ عَمَلًا بِنِيَّتِهِ، وَعُلِمَ مِنْ تَنْكِيرِهِ الْفَرْضَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، فَإِذَا أَطْلَقَ صَلَّى أَيَّ فَرْضٍ شَاءَ، وَإِنْ عَيَّنَ فَرْضًا جَازَ أَنْ يُصَلِّيَ غَيْرَهُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا فِي الْوَقْتِ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ الْفَرْضَ الْمَنْوِيَّ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ، فَإِنْ عَيَّنَ فَرْضًا وَأَخْطَأَ فِي التَّعْيِينِ كَمَنْ نَوَى فَائِتَةً وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ ظُهْرًا، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ عَصْرٌ لَمْ يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الِاسْتِبَاحَةِ وَاجِبَةٌ فِي التَّيَمُّمِ، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ التَّعْيِينُ، فَإِذَا عَيَّنَ وَأَخْطَأَ لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي تَعْيِينِ الْإِمَامِ، وَالْمَيِّتُ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ مِثْلِهِ فِي الْوُضُوءِ لِعَدَمِ وُجُوبِ نِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ فِيهِ فَلَا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهَا كَمَا لَوْ عَيَّنَ الْمُصَلِّي الْيَوْمَ وَأَخْطَأَ وَلِأَنَّهُ يَرْفَعُ الْحَدَثَ فَيَسْتَبِيحُ مَا شَاءَ، وَالتَّيَمُّمُ يُبِيحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>