للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ فَرْضًا فَلَهُ النَّفَلُ عَلَى الْمَذْهَبِ، أَوْ نَفْلًا أَوْ الصَّلَاةُ تَنَفَّلَ لَا الْفَرْضُ عَلَى الْمَذْهَبِ.

وَمَسْحُ وَجْهِهِ

ثُمَّ يَدَيْهِ مَعَ مِرْفَقَيْهِ.

ــ

[مغني المحتاج]

وَلَا يَرْفَعُ، فَنِيَّتُهُ صَادَفَتْ اسْتِبَاحَةَ مَا لَا يُسْتَبَاحُ (أَوْ) نَوَى (فَرْضًا فَلَهُ النَّفَلُ) مَعَهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّ النَّوَافِلَ تَابِعَةٌ، وَإِذَا صَلُحَتْ طَهَارَتُهُ لِلْأَصْلِ فَلِلتَّابِعِ أَوْلَى كَمَا إذَا أَعْتَقَ الْأُمَّ يُعْتَقُ الْحَمْلُ، وَعَبَّرَ بِالْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ النَّوَافِلَ الْمُتَقَدِّمَةَ عَلَى الْفَرْضِ فِيهَا قَوْلَانِ، وَالْمُتَأَخِّرَةُ تَجُوزُ قَطْعًا، وَقِيلَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ: وَيَتَلَخَّصُ مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: لَهُ النَّفَلُ مُطْلَقًا، وَالثَّانِي: لَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهَا. وَالثَّالِثُ: لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْفَرْضِ لَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ التَّابِعَ لَا يُقَدَّمُ.

قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَوْ قِيلَ يَسْتَبِيحُ النَّافِلَةَ التَّابِعَةَ لِتِلْكَ الْفَرِيضَةِ دُونَ مَا عَدَاهَا لَمْ يَبْعُدْ، وَلَكِنْ لَمْ أَرَ مَنْ قَالَ بِهِ، وَمَنْ ظَنَّ أَوْ شَكَّ هَلْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ فَتَيَمَّمَ لَهَا ثُمَّ ذَكَرَهَا لَمْ يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْفَائِتَةِ بِالتَّذَكُّرِ كَمَا سَيَأْتِي (أَوْ) نَوَى (نَفْلًا) مِنْ الصَّلَوَاتِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْفَرْضِ (أَوْ) نَوَى (الصَّلَاةَ) وَأَطْلَقَ (تَنَفَّلَ) أَيْ لَهُ فِعْلُ النَّفْلِ الْمَنْوِيِّ وَغَيْرِهِ (لَا الْفَرْضُ عَلَى الْمَذْهَبِ) فِيهِمَا.

أَمَّا فِي الْأُولَى: فَلِأَنَّ الْفَرْضَ أَصْلٌ، وَالنَّفَلُ تَابِعٌ فَلَا يُجْعَلُ الْمَتْبُوعُ تَابِعًا. وَالثَّانِي: يَسْتَبِيحُ الْفَرْضَ قِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ: فَقِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ تُحْرِمُ بِالصَّلَاةِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَنْعَقِدُ نَفْلًا، وَالثَّانِي: يَسْتَبِيحُ الْفَرْضَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ اسْمُ جِنْسٍ يَتَنَاوَلُ النَّوْعَيْنِ فَيَسْتَبِيحُهُمَا كَمَا لَوْ نَوَاهُمَا.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ الْمُتَّجَهُ؛ لِأَنَّ الْمُفْرَدَ الْمُحَلَّى بِأَلْ لِلْعُمُومِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَفِي قَوْلٍ ثَالِثٍ: لَهُ فِعْلُ الْفَرْضِ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى، وَالْأَقْوَالُ تَحَصَّلَتْ مِنْ حِكَايَةِ قَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَطَرِيقَةٌ قَاطِعَةٌ فِي الثَّانِيَةِ بِالْجَوَازِ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ فِي الْأُولَى بِعَدَمِهِ، فَسَاغَ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُعَبِّرَ بِالْمَذْهَبِ. وَالرَّافِعِيُّ حَكَى الْخِلَافَ فِي الثَّانِيَةِ وَجْهَيْنِ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَلَوْ نَوَى بِتَيَمُّمِهِ حَمْلَ الْمُصْحَفِ أَوْ سُجُودَ التِّلَاوَةِ أَوْ الشُّكْرَ أَوْ نَوَى نَحْوُ الْجُنُبِ الِاعْتِكَافَ أَوْ الْقُرْآنَ أَوْ الْحَائِضُ اسْتِبَاحَةَ الْوَطْءِ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ كَنِيَّةِ النَّفْلِ فِي أَنَّهُ لَا يَسْتَبِيحُ بِهِ الْفَرْضَ وَلَا يَسْتَبِيحُ النَّفَلَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ النَّافِلَةَ آكَدُ مِنْ ذَلِكَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى إذَا تَيَمَّمَ لِوَاحِدٍ مِنْهَا جَازَ لَهُ فِعْلُ الْبَقِيَّةِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَوْ نَوَى بِتَيَمُّمِهِ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ كَالتَّيَمُّمِ لِلنَّفْلِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ كَالتَّيَمُّمِ لِلْفَرْضِ. وَالثَّالِثُ حَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ: التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَوْ لَا، فَعَلَى الصَّحِيحِ يَسْتَبِيحُ مَعَهَا النَّفَلَ لَا الْفَرْضَ وَيَسْتَبِيحُهَا بِالتَّيَمُّمِ لِلنَّفْلِ، وَلَوْ نَوَى فَرِيضَتَيْنِ فَائِتَتَيْنِ أَوْ فَائِتَةً وَمُؤَدَّاةً، أَوْ مَنْذُورَتَيْنِ أَوْ مَنْذُورَةً وَفَرِيضَةً أُخْرَى صَحَّ تَيَمُّمُهُ لِوَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ مَنْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ فَرْضَيْنِ فَقَدْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ فَرْضٍ

(وَ) الرُّكْنُ الثَّالِثُ (مَسْحُ وَجْهِهِ) حَتَّى ظَاهِرِ مُسْتَرْسِلِ لِحْيَتِهِ وَالْمُقْبِلِ مِنْ أَنْفِهِ عَلَى شَفَتِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: ٦] [الْمَائِدَةُ]

وَالرُّكْنُ الرَّابِعُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ) مَسَحَ (يَدَيْهِ مَعَ مِرْفَقَيْهِ) عَلَى وَجْهِ الِاسْتِيعَابِ لِلْآيَةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ طَهَارَةَ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ فِي الْوُضُوءِ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ، ثُمَّ أَسْقَطَ مِنْهَا عُضْوَيْنِ فِي التَّيَمُّمِ فِي آخِرِ الْآيَةِ، فَبَقِيَ الْعُضْوَانِ فِي التَّيَمُّمِ عَلَى مَا ذُكِرَا فِي الْوُضُوءِ، إذْ لَوْ اخْتَلَفَا لَبَيَّنَهُمَا كَذَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -

<<  <  ج: ص:  >  >>