للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَجِبُ إيصَالَهُ مَنْبَتَ الشَّعْرِ الْخَفِيفِ، وَلَا تَرْتِيبَ فِي نَقْلِهِ فِي الْأَصَحِّ فَلَوْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ وَمَسَحَ بِيَمِينِهِ وَجْهَهُ وَبِيَسَارِهِ يَمِينَهُ جَازَ.

وَتُنْدَبُ التَّسْمِيَةُ وَمَسْحُ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ بِضَرْبَتَيْنِ. قُلْتُ: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ وُجُوبُ ضَرْبَتَيْنِ، وَإِنْ أَمْكَنَ بِضَرْبَةٍ بِخِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ،

ــ

[مغني المحتاج]

وَالْقَدِيمُ يَكْفِي مَسْحُهُمَا إلَى الْكُوعَيْنِ، وَرَجَّحَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالتَّنْقِيحِ.

وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ: إنَّهُ الَّذِي يَتَعَيَّنُ تَرْجِيحُهُ اهـ.

وَهَذَا مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ، وَإِلَّا فَالْمُرَجَّحُ فِي الْمَذْهَبِ مَا فِي الْمَتْنِ.

وَالرُّكْنُ الْخَامِسُ: التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ الْمُسْتَفَادُ مِنْ ثَمَّ، وَلِمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ التَّيَمُّمِ عَنْ حَدَثٍ أَكْبَرَ أَوْ أَصْغَرَ أَوْ غُسْلٍ مَسْنُونٍ أَوْ وُضُوءٍ مُجَدَّدٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُطْلَبُ لَهُ التَّيَمُّمُ. فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ يَجِبْ التَّرْتِيبُ فِي الْغُسْلِ وَوَجَبَ فِي التَّيَمُّمِ الَّذِي هُوَ بَدَلٌ عَنْهُ؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّ الْغُسْلَ لِمَا وَجَبَ فِيهِ تَعْمِيمُ جَمِيعِ الْبَدَنِ صَارَ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ، وَالتَّيَمُّمُ يَجِبُ فِي عُضْوَيْنِ فَقَطْ فَأَشْبَهَ الْوُضُوءَ (وَلَا يَجِبُ إيصَالَهُ) أَيْ التُّرَابِ (مَنْبَتَ الشَّعْرِ الْخَفِيفِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْعُسْرِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ، بَلْ لَا يُسْتَحَبُّ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ فَالْكَثِيفُ أَوْلَى (وَلَا تَرْتِيبَ) وَاجِبٌ (فِي نَقْلِهِ) أَيْ التُّرَابِ إلَى الْعُضْوَيْنِ (فِي الْأَصَحِّ) بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ (فَلَوْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ) التُّرَابَ دَفْعَةً وَاحِدَةً أَوْ ضَرَبَ الْيَمِينَ قَبْلَ الْيَسَارِ (وَمَسَحَ بِيَمِينِهِ وَجْهَهُ وَبِيَسَارِهِ يَمِينَهُ) أَوْ عَكَسَ (جَازَ) ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ الْأَصْلِيَّ الْمَسْحُ وَالنَّقْلُ وَسِيلَةٌ إلَيْهِ. وَالثَّانِي: يُشْتَرَطُ كَمَا فِي الْمَسْحِ.

وَأَجَابَ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الِاشْتِرَاطِ فِي الْمَسْحِ الِاشْتِرَاطُ فِي وَسِيلَتِهِ. وَيُشْتَرَطُ قَصْدُ التُّرَابِ لِعُضْوٍ مُعَيَّنٍ يَمْسَحُهُ: أَيْ أَوْ يُطْلِقُ، فَلَوْ أَخَذَ التُّرَابَ لِيَمْسَحَ بِهِ وَجْهَهُ فَتَذَكَّرَ أَنَّهُ مَسَحَهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَمْسَحَ بِذَلِكَ التُّرَابِ يَدَيْهِ، وَكَذَا لَوْ أَخَذَهُ لِيَدَيْهِ ظَانًّا أَنَّهُ مَسَحَ الْوَجْهَ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ لَمْ يَمْسَحْهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَمْسَحَ بِهِ وَجْهَهُ ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ.

ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْ أَرْكَانِ التَّيَمُّمِ شَرَعَ فِي ذِكْرِ بَعْضِ سُنَنِهِ، فَقَالَ (وَتُنْدَبُ) لِلْمُتَيَمِّمِ وَلَوْ مُحْدِثًا حَدَثًا أَكْبَرَ (التَّسْمِيَةُ) أَوَّلَهُ كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ (وَمَسْحُ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ بِضَرْبَتَيْنِ) لِوُرُودِهِمَا فِي الْأَخْبَارِ مَعَ الِاكْتِفَاءِ بِالضَّرْبَةِ إذَا حَصَلَ بِهَا التَّعْمِيمُ لِحَدِيثِ عَمَّارٍ السَّابِقِ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ إنَّمَا هُوَ إيصَالُ التُّرَابِ وَقَدْ حَصَلَ (قُلْتُ: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ وُجُوبُ ضَرْبَتَيْنِ، وَإِنْ أَمْكَنَ بِضَرْبَةٍ بِخِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا) بِأَنْ يَأْخُذَ خِرْقَةً كَبِيرَةً فَيَضْرِبَهَا ثُمَّ يَمْسَحَ بِبَعْضِهَا وَجْهَهُ وَبِبَعْضِهَا يَدَيْهِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِخَبَرِ الْحَاكِمِ «التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ» .

وَرَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَيَمَّمَ بِضَرْبَتَيْنِ مَسَحَ بِإِحْدَاهُمَا وَجْهَهُ وَبِأُخْرَى ذِرَاعَيْهِ» لَكِنَّ الْأَوَّلَ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ عُمَرَ. وَالثَّانِي فِيهِ رَاوٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. وَمَعَ هَذَا صَحَّحَ وُجُوبَ الضَّرْبَتَيْنِ، وَقَالَ: إنَّهُ الْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ: أَيْ لِأَنَّ الِاسْتِيعَابَ غَالِبًا لَا يَتَأَتَّى بِدُونِهِمَا فَأَشْبَهَا الْأَحْجَارَ الثَّلَاثَةَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ، وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ جَائِزَةٌ بِالِاتِّفَاقِ، بَلْ قِيلَ: يُسْتَحَبُّ ثَلَاثُ ضَرَبَاتٍ لِكُلِّ عُضْوٍ ضَرْبَةٌ، فَلَوْ جَازَ أَيْضًا النُّقْصَانُ لَمْ يَبْقَ لِلتَّقْيِيدِ بِالْعَدَدِ.

فَائِدَةٌ: فَإِنْ قِيلَ فِي حَدِيثِ عَمَّارٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: إنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَقُولَ بِيَدَيْكَ هَكَذَا ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الْأَرْضَ ضَرْبَةً وَاحِدَةً ثُمَّ نَفَضَهُمَا ثُمَّ مَسَحَ الشِّمَالَ عَلَى الْيَمِينِ وَظَاهِرَ كَفَّيْهِ وَوَجْهَهُ»

<<  <  ج: ص:  >  >>