للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنَّ الْمُتَنَفِّلَ لَا يُجَاوِزُ رَكْعَتَيْنِ إلَّا مَنْ نَوَى عَدَدًا فَيُتِمُّهُ.

وَلَا يُصَلِّي بِتَيَمُّمٍ غَيْرَ فَرْضٍ،

ــ

[مغني المحتاج]

١ -

فُرُوعٌ: لَوْ يُمِّمَ مَيِّتٌ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ ثُمَّ وُجِدَ الْمَاءُ وَجَبَ غُسْلُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ أَمْ بَعْدَهَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ. ثُمَّ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجِبَ وَمَا قَالَهُ مَحَلُّهُ فِي الْحَضَرِ. أَمَّا فِي السَّفَرِ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كَالْحَيِّ جَزَمَ بِهِ ابْنُ سُرَاقَةَ فِي تَلْقِينِهِ، لَكِنَّهُ فَرَضَهُ فِي الْوِجْدَانِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَعُلِمَ أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ كَغَيْرِهَا وَأَنَّ تَيَمُّمَ الْمَيِّتِ كَتَيَمُّمِ الْحَيِّ.

وَلَوْ رَأَى الْمَاءَ فِي صَلَاتِهِ الَّتِي تَسْقُطُ بِالتَّيَمُّمِ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ بِسَلَامِهِ مِنْهَا، وَإِنْ عَلِمَ تَلَفَهُ قَبْلَ سَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ ضَعُفَ بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ وَكَانَ مُقْتَضَاهُ بُطْلَانَ الصَّلَاةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا لَكِنْ خَالَفْنَاهُ لِحُرْمَتِهَا، وَيُسَلِّمُ الثَّانِيَةَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الصَّلَاةِ كَمَا بَحَثَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلرُّويَانِيِّ وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ وَالِدُ الرُّويَانِيِّ

، وَلَوْ رَأَتْ حَائِضٌ تَيَمَّمَتْ لِفَقْدِ الْمَاءِ - الْمَاءَ وَهُوَ يُجَامِعُهَا حَرُمَ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ وَوَجَبَ النَّزْعُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ لِبُطْلَانِ طُهْرِهَا، وَلَوْ رَآهُ هُوَ دُونَهَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ النَّزْعُ لِبَقَاءِ طُهْرِهَا خِلَافًا لِمَا فِي الْأَنْوَارِ مِنْ وُجُوبِ النَّزْعِ.

وَلَوْ رَأَى الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ قِرَاءَةٍ قَدْ تَيَمَّمَ لَهَا بَطَلَ تَيَمُّمَهُ بِالرُّؤْيَةِ سَوَاءٌ أَنَوَى قِرَاءَةَ قَدْرٍ مَعْلُومٍ أَمْ لَا لِبُعْدِ ارْتِبَاطِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ. قَالَهُ الرُّويَانِيُّ.

(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْمُتَنَفِّلَ) الْوَاجِدَ لِلْمَاءِ فِي صَلَاتِهِ الَّذِي لَمْ يَنْوِ قَدْرًا (لَا يُجَاوِزُ رَكْعَتَيْنِ) بَلْ يُسَلِّمُ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ الْأَحَبُّ وَالْمَعْهُودُ فِي النَّفْلِ. هَذَا إذَا رَأَى الْمَاءَ قَبْلَ قِيَامِهِ لِلثَّالِثَةِ فَمَا فَوْقَهَا وَإِلَّا أَتَمَّ مَا هُوَ فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ، وَقِيلَ: لَهُ أَنْ يَزِيدَ مَا شَاءَ كَمَا لَهُ تَطْوِيلُ الْأَرْكَانِ، وَقِيلَ يَقْتَصِرُ عَلَى رَكْعَةٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ حَمْلَ النَّذْرِ الْمُطْلَقِ عَلَيْهَا (إلَّا مَنْ نَوَى) شَيْئًا (عَدَدًا) أَوْ رَكْعَةً (فَيُتِمُّهُ) لِانْعِقَادِ نِيَّتِهِ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ الْمَكْتُوبَةَ الْمُقَدَّرَةَ وَلَا يَزِيدُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ كَافْتِتَاحِ نَافِلَةٍ بِدَلِيلِ افْتِقَارِهَا إلَى قَصْدٍ جَدِيدٍ، وَلَوْ عَبَّرَ بِمَا قَدَّرْته لِيَشْمَلَ الرَّكْعَةَ لَكَانَ أَوْلَى فَإِنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَيْسَ بِعَدَدٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مَبْدَأُ الْعَدَدِ، وَلَوْ رَأَى الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ. قَالَ الْفُورَانِيُّ: إنْ قُلْنَا يَجُوزُ تَفْرِيقُهُ: أَيْ وَهُوَ الْأَصَحُّ تَوَضَّأَ وَإِلَّا فَكَالصَّلَاةِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْحُكْمِ الثَّانِي وَهُوَ مَا يُسْتَبَاحُ بِالتَّيَمُّمِ فَقَالَ (وَلَا يُصَلِّي بِتَيَمُّمٍ غَيْرَ فَرْضٍ) ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ كَانَ لِكُلِّ فَرْضٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: ٦] [الْمَائِدَةُ] وَالتَّيَمُّمُ بَدَلٌ عَنْهُ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ فِي الْوُضُوءِ «بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى يَوْمَ الْفَتْحِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ» فَبَقِيَ التَّيَمُّمُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَلِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِ الصَّحِيحِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: " يَتَيَمَّمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ ".

وَلِأَنَّهُ طَهَارَةٌ ضَرُورَةً، وَمِثْلُ فَرْضِ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ فَرْضُ الطَّوَافِ، وَخُطْبَةُ الْجُمُعَةِ، فَيَمْتَنِعُ الْجَمْعُ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ بَيْنَ طَوَافَيْنِ مَفْرُوضَيْنِ وَبَيْنَ طَوَافِ فَرْضٍ وَفَرْضِ صَلَاةٍ، وَبَيْنَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَخُطْبَتِهَا عَلَى مَا رَجَّحَاهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ وَإِنْ كَانَتْ فَرْضَ كِفَايَةٍ أُلْحِقَتْ بِفَرْضِ الْعَيْنِ، إذْ قِيلَ إنَّهَا قَائِمَةٌ مَقَامَ رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ قِيلَ: لِمَ جَمَعَ بَيْنَ خُطْبَتَيْ الْجُمُعَةِ بِتَيَمُّمٍ، وَهُمَا فَرْضَانِ؟ . .

أُجِيبَ بِأَنَّهُمَا فِي حُكْمِ شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ: وَلَا يَفْعَلُ بِتَيَمُّمٍ غَيْرَ فَرْضٍ كَانَ أَوْلَى لِيَعُمَّ الطَّوَافَيْنِ وَالطَّوَافَ وَالصَّلَاةَ كَمَا تَقَرَّرَ، وَالصَّبِيُّ لَا يُؤَدِّي بِتَيَمُّمِهِ غَيْرَ فَرْضٍ كَالْبَالِغِ؛ لِأَنَّ مَا يُؤَدِّيهِ كَالْفَرْضِ فِي النِّيَّةِ وَغَيْرِهَا. نَعَمْ لَوْ تَيَمَّمَ لِلْفَرْضِ ثُمَّ بَلَغَ لَمْ يُصَلِّ بِهِ الْفَرْضَ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ نَفْلٌ كَمَا صَحَّحَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>