للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَتَنَفَّلُ مَا شَاءَ، وَالنَّذْرُ كَفَرْضٍ فِي الْأَظْهَرِ، وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ جَنَائِزَ مَعَ فَرْضٍ

ــ

[مغني المحتاج]

فِي التَّحْقِيقِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ.

فَإِنْ قِيلَ: لِمَ جُعِلَ كَالْبَالِغِ فِي أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ بِتَيَمُّمٍ فَرْضَيْنِ وَلَا يُصَلِّي بِهِ الْفَرْضَ إذَا بَلَغَ؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ فِي أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ لِلْفَرْضِ الثَّانِي وَيَتَيَمَّمُ إذَا بَلَغَ، وَهَذَا فِي غَايَةِ الِاحْتِيَاطِ، وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ تَمْكِينُ الْحَائِضِ مِنْ الْوَطْءِ مِرَارًا، وَجَمْعُهَا بَيْنَ فَرْضٍ آخَرَ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُمَا جَائِزَانِ، وَقَوْلُ الدَّمِيرِيِّ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ الْمُتَيَمِّمُ لِلْجَنَابَةِ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ الْمَاءِ إذَا تَجَرَّدَتْ جَنَابَتُهُ عَنْ الْحَدَثِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي بِتَيَمُّمِهِ فَرَائِضَ ضَعِيفٌ تَبِعَ فِيهِ صَاحِبَ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَنَقَلَهُ عَنْ صَاحِبِ الْمِصْبَاحِ وَهُوَ غَيْرُ مَرْضِيٍّ؛ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ مَانِعَةٌ (وَيَتَنَفَّلُ) مَعَ الْفَرِيضَةِ وَبِدُونِهَا بِتَيَمُّمٍ (مَا شَاءَ) ؛ لِأَنَّ النَّوَافِلَ تَكْثُرُ فَيُؤَدِّي إيجَابُ التَّيَمُّمِ لِكُلِّ صَلَاةٍ مِنْهَا إلَى التَّرْكِ أَوْ إلَى حَرَجٍ عَظِيمٍ فَخُفِّفَ فِي أَمْرِهَا كَمَا خُفِّفَ بِتَرْكِ الْقِيَامِ فِيهَا مَعَ الْقُدْرَةِ، وَبِتَرْكِ الْقِبْلَةِ فِي السَّفَرِ، وَلَوْ نَذَرَ إتْمَامَ كُلِّ صَلَاةٍ دَخَلَ فِيهَا فَلَهُ جَمْعُهَا مَعَ فَرْضٍ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَهَا نَفْلٌ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ، وَلَوْ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ مُنْفَرِدًا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ أَرَادَ إعَادَتَهَا جَمَاعَةً بِهِ جَازَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخَفَّافُ؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ الْأُولَى عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ ثُمَّ كُلُّ صَلَاةٍ أَوْجَبْنَاهَا فِي الْوَقْتِ وَأَوْجَبْنَا إعَادَتَهَا كَمَرْبُوطٍ عَلَى خَشَبَةٍ فَفَرْضُهُ الثَّانِيَةُ، وَلَهُ أَنْ يُعِيدَهَا بِتَيَمُّمِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْأُولَى وَإِنْ وَقَعَتْ نَفْلًا فَالْإِتْيَانُ بِهَا فَرْضٌ.

فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ جَمَعَهُمَا بِتَيَمُّمٍ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فَرْضٌ؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا كَالْمَنْسِيَّةِ مِنْ خَمْسٍ يَجُوزُ جَمْعُهَا بِتَيَمُّمٍ، وَإِنْ كَانَتْ فُرُوضًا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ بِالذَّاتِ وَاحِدَةٌ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ لِلْجُمُعَةِ وَلَزِمَهُ إعَادَةُ الظُّهْرِ كَانَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهُ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ لِمَا ذُكِرَ (وَالنَّذْرُ) بِالْمُعْجَمَةِ (كَفَرْضٍ) عَيْنِيٍّ (فِي الْأَظْهَرِ) لِتَعَيُّنِهِ عَلَى النَّاذِرِ فَأَشْبَهَ الْمَكْتُوبَةَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَهُ مَعَ فَرْضٍ آخَرَ مُؤَدَّاةً كَانَتْ أَوْ مَقْضِيَّةً بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ، وَالثَّانِي: لَا لِأَنَّهُ وَاجِبٌ لِعَارِضٍ فَلَا يَلْحَقُ بِالْفَرْضِ الْأَصْلِيِّ فَلَهُ مَا ذُكِرَ، وَلَوْ تَعَيَّنَ عَلَى ذِي حَدَثٍ أَكْبَرَ تَعَلُّمُ فَاتِحَةٍ أَوْ حَمْلُ مُصْحَفٍ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ: كَحَائِضٍ انْقَطَعَ حَيْضُهَا، وَأَرَادَ الزَّوْجُ وَطَأْهَا وَتَيَمَّمَ مَنْ ذُكِرَ لِفَرِيضَةٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ ذَلِكَ مَعَهَا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَنَّهُ كَالْمَنْذُورِ (وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ جَنَائِزَ) أَوْ جِنَازَتَيْنِ أَوْ جِنَازَةٍ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى (مَعَ فَرْضٍ) بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يَحْضُرْ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ فَرَائِضِ الْأَعْيَانِ، فَهِيَ كَالنَّفْلِ فِي جَوَازِ التَّرْكِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ الْقِيَامُ فِيهَا مَعَ الْقُدْرَةِ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ قِوَامُهَا لِعَدَمِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِيهَا فَتَرْكُهُ يَمْحَقُ صُورَتَهَا، وَالثَّانِي: لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا فَرْضٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَالْفَرْضُ بِالْفَرْضِ أَشْبَهُ، وَالثَّالِثُ إنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ صَحَّتْ كَالنَّفْلِ، وَإِنْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ فَلَا كَالْفَرْضِ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ مَعَ فَرْضِ أَنَّهُ مُرَادُهُ إذَا تَيَمَّمَ لِفَرْضٍ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ ذَلِكَ الْفَرْضَ وَيُصَلِّيَ مَعَهُ أَيْضًا عَلَى جَنَائِزَ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا تَيَمَّمَ لِنَافِلَةٍ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ الْجِنَازَةَ لِأَنَّهَا كَالنَّفْلِ كَمَا مَرَّ، وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَصَّلَ تَفْصِيلًا غَرِيبًا فَقَالَ: صَلَاةُ الْجِنَازَةِ رُتْبَةٌ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ: أَيْ فَيُصَلِّي بِتَيَمُّمِ الْفَرِيضَةِ الْجِنَازَةَ وَبِتَيَمُّمِ الْجِنَازَةِ النَّافِلَةَ وَلَا يُصَلِّي بِتَيَمُّمِ النَّافِلَةِ الْجِنَازَةَ وَلَا بِتَيَمُّمِ الْجِنَازَةِ الْفَرِيضَةَ وَهُوَ مَمْنُوعٌ فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ صَحِيحٌ فِي الْبَاقِي.

(وَ) الْأَصَحُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>