وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الْأَمَةَ كَالْحُرَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْمَرْأَةُ مَعَ امْرَأَةٍ كَرَجُلٍ وَرَجُلٍ.
وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ نَظَرِ ذِمِّيَّةٍ إلَى مُسْلِمَةٍ.
ــ
[مغني المحتاج]
لَا أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَحْرَمًا لِلنَّاظِرِ وَلَا مَمْلُوكًا لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ نَظَرُهُ إلَيْهِمَا عِنْدَ الْأَمْنِ وَعَدَمِ الشَّهْوَةِ بِلَا خِلَافٍ، وَحَيْثُ قِيلَ بِحُرْمَةِ النَّظَرِ إلَيْهِ حَرُمَتْ الْخَلْوَةُ بِهِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ فَإِنَّهَا أَفْحَشُ وَأَقْرَبُ إلَى الْمَفْسَدَةِ.
(وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ) الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالْمَحَامِلِيِّ وَالْجُرْجَانِيِّ وَالْعِمْرَانِيِّ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقُ الْأَكْثَرِينَ، وَهُوَ أَرْجَحُ دَلِيلًا (أَنَّ الْأَمَةَ) فِي حُرْمَةِ النَّظَرِ إلَيْهَا (كَالْحُرَّةِ) فِي حُرْمَةِ نَظَرِهَا مُطْلَقًا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْأُنُوثَةِ وَخَوْفِ الْفِتْنَةِ، فَفِي الْإِمَاءِ التُّرْكِيَّاتِ وَنَحْوِهِنَّ مِنْ خَوْفِ الْفِتْنَةِ أَشَدُّ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْحَرَائِرِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ: وَمَا ادَّعَاهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ لَا يُعْرَفُ، وَهُوَ شَاذٌّ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي عَوْرَةِ الْأَمَةِ وَمُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِهِ اهـ.
وَهَذَا مَا عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ، وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَحْوَطُ لِمَا مَرَّ، وَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ أَنَّهُ رَأَى أَمَةً مُنْتَقِبَةً فَقَالَ: أَتَتَشَبَّهِينَ بِالْحَرَائِرِ يَا لَكَاعُ فَمَحْمُولٌ عَلَى الْإِمَاءِ الْمُتَبَذِّلَاتِ الْبَعِيدَاتِ عَنْ الشَّهْوَةِ، أَوْ أَنَّهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَصَدَ نَفْيَ الْأَذَى عَنْ الْحَرَائِرِ؛ لِأَنَّ الْإِمَاءَ كُنَّ يُقْصَدْنَ لِلزِّنَا. قَالَ - تَعَالَى -: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب: ٥٩] [الْأَحْزَاب] وَكَانَتْ الْحَرَائِرُ تُعْرَفُ بِالسِّتْرِ فَخَشِيَ أَنَّهُ إذَا اسْتَتَرَتْ الْإِمَاءُ حَصَلَ الْأَذَى لِلْحَرَائِرِ، فَأَمَرَ الْإِمَاءَ بِالتَّكَشُّفِ وَيَحْتَرِزْنَ فِي الصِّيَانَةِ مِنْ أَهْلِ الْفُجُورِ.
(وَالْمَرْأَةُ) الْبَالِغَةُ حُكْمُهَا (مَعَ امْرَأَةٍ) مِثْلِهَا فِي النَّظَرِ (كَرَجُلٍ) أَيْ كَنَظَرِ رَجُلٍ (وَرَجُلٍ) فِيمَا سَبَقَ فَيَجُوزُ مَعَ الْأَمْنِ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَيَحْرُمُ مَعَ الشَّهْوَةِ وَخَوْفِ الْفِتْنَةِ.
(وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ نَظَرِ) كَافِرَةٍ (ذِمِّيَّةٍ) أَوْ غَيْرِهَا (إلَى مُسْلِمَةٍ) فَتَحْتَجِبُ الْمُسْلِمَةُ عَنْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور: ٣١] [النُّورُ] فَلَوْ جَازَ لَهَا النَّظَرُ لَمْ يَبْقَ لِلتَّخْصِيصِ فَائِدَةٌ، وَصَحَّ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ مَنَعَ الْكِتَابِيَّاتِ دُخُولَ الْحَمَّامِ مَعَ الْمُسْلِمَاتِ، وَلِأَنَّهَا رُبَّمَا تَحْكِيهَا لِلْكَافِرِ. وَالثَّانِي: لَا يَحْرُمُ نَظَرًا إلَى اتِّحَادِ الْجِنْسِ كَالرِّجَالِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا فِيهِمْ بَيْنَ نَظَرِ الْكَافِرِ إلَى الْمُسْلِمِ وَالْمُسْلِمِ إلَى الْمُسْلِمِ. نَعَمْ عَلَى الْأَوَّلِ يَجُوزُ أَنْ تَرَى مِنْهَا مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ عَلَى الْأَشْبَهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقِيلَ: الْوَجْهُ وَالْكَفَّيْنِ فَقَطْ، وَرَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهَا مَعَهَا كَالْأَجْنَبِيِّ، وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ.
تَنْبِيهٌ مَحَلُّ ذَلِكَ فِي كَافِرَةٍ غَيْرِ مَحْرَمٍ لِلْمُسْلِمَةِ وَغَيْرِ مَمْلُوكَةٍ لَهَا. أَمَّا هُمَا فَيَجُوزُ لَهُمَا النَّظَرُ إلَيْهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَمْلُوكَةِ وَبَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْمَحْرَمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَظَاهِرُ إيرَادِ الْمُصَنِّفُ يَقْتَضِي أَنَّ التَّحْرِيمَ عَلَى الذِّمِّيَّةِ وَهُوَ صَحِيحٌ إنْ قُلْنَا: إنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَإِذَا كَانَ حَرَامًا عَلَى الْكَافِرَةِ حَرُمَ عَلَى الْمُسْلِمَةِ التَّمْكِينُ مِنْهُ. وَأَمَّا نَظَرُ الْمُسْلِمَةِ إلَيْهَا فَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ جَوَازُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِفَقْدِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْكَافِرَةِ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: وَالْفَاسِقَةُ مَعَ الْعَفِيفَةِ كَالْكَافِرَةِ مَعَ الْمُسْلِمَةِ رَدَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute