وَجَوَازُ نَظَرِ الْمَرْأَةِ إلَى بَدَنِ أَجْنَبِيٍّ سِوَى مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ إنْ لَمْ تَخَفْ فِتْنَةً. قُلْتُ: الْأَصَحُّ التَّحْرِيمُ كَهُوَ إلَيْهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَنَظَرُهَا إلَى مَحْرَمِهَا كَعَكْسِهِ.
ــ
[مغني المحتاج]
الْبُلْقِينِيُّ وَالرَّدُّ ظَاهِرٌ وَإِنْ جَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ.
(وَ) الْأَصَحُّ (جَوَازُ نَظَرِ الْمَرْأَةِ) الْبَالِغَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ (إلَى بَدَنِ) رَجُلٍ (أَجْنَبِيٍّ سِوَى مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ إنْ لَمْ تَخَفْ فِتْنَةً) وَلَا نَظَرَتْ بِشَهْوَةٍ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - «أَنَّهَا نَظَرَتْ إلَى الْحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ» ، وَلِأَنَّ مَا سِوَى مَا بَيْنَهُمَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ مِنْهُ فِي الصَّلَاةِ (قُلْتُ: الْأَصَحُّ التَّحْرِيمُ) أَيْ تَحْرِيمُ نَظَرِهَا تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ (كَهُوَ) أَيْ كَنَظَرِ الْأَجْنَبِيِّ (إلَيْهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: ٣١] [النُّورُ] وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - قَالَتْ: «كُنْتُ عِنْدَ مَيْمُونَةَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ أَقْبَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَجِبَا مِنْهُ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ هُوَ أَعْمَى لَا يُبْصِرُ؟ فَقَالَ أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ؟» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
تَنْبِيهٌ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَنْظُرَ إلَى وَجْهِ الرَّجُلِ وَكَفَّيْهِ عِنْدَ الْأَمْنِ عَلَى الْأَصَحِّ. قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ: وَهَذَا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَاتَّفَقَتْ الْأَوْجُهُ عَلَى جَوَازِ نَظَرِهَا إلَى وَجْهِ الرَّجُلِ وَكَفَّيْهِ عِنْدَ الْأَمْنِ مِنْ الْفِتْنَةِ. اهـ.
وَيَدُلُّ لَهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ الْمَارُّ، لَكِنَّ الْمُصَنِّفُ أَجَابَ عَنْهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهَا نَظَرَتْ إلَى وُجُوهِهِمْ وَأَبْدَانِهِمْ وَإِنَّمَا نَظَرَتْ لِلَعِبِهِمْ وَحِرَابَتِهِمْ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَعَمُّدُ النَّظَرِ إلَى الْبَدَنِ وَإِنْ وَقَعَ بِلَا قَصْدٍ صَرَفَتْهُ فِي الْحَالِ.
وَأَجَابَ عَنْهُ غَيْرُهُ بِأَنَّ ذَلِكَ لَعَلَّهُ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الْحِجَابِ، أَوْ كَانَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - لَمْ تَبْلُغْ مَبْلَغَ النِّسَاءِ؛ إذْ ذَاكَ، وَفِي وَجْهٍ ثَالِثٍ أَنَّهَا تَنْظُرُ مِنْهَا مَا يَبْدُو فِي الْمَهْنَةِ فَقَطْ؛ إذْ لَا حَاجَةَ إلَى غَيْرِهِ، وَقَوَّاهُ بَعْضُهُمْ لِعُمُومِ الْبَلْوَى فِي نَظَرِهِنَّ فِي الطُّرُقَاتِ إلَى الرِّجَالِ، وَيُسْتَثْنَى عَلَى مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ مَا إذَا قَصَدَتْ نِكَاحَهُ فَلَهَا النَّظَرُ إلَيْهَا قَطْعًا، بَلْ يُنْدَبُ كَمَا مَرَّ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفُ كَهُوَ إلَيْهَا قَدْ يَقْتَضِيهِ
(وَنَظَرُهَا إلَى مَحْرَمِهَا) حُكْمُهُ (كَعَكْسِهِ) وَهُوَ نَظَرُ الرَّجُلِ إلَى مَحْرَمِهِ فَتَنْظُرُ مِنْهُ بِلَا شَهْوَةٍ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَقِيلَ: مَا يَبْدُو مِنْهُ فِي الْمَهْنَةِ فَقَطْ.
تَنْبِيهٌ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: لَا يَحْرُمُ إلَّا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْمُحَقِّقُونَ، وَقِيلَ: كَنَظَرِهِ إلَيْهَا، وَهَذَا الَّذِي ضَعَّفَهُ هُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ هُنَا. .
وَأَمَّا الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فَيُعَامَلُ بِالْأَشَدِّ فَيُجْعَلُ مَعَ النِّسَاءِ رَجُلًا وَمَعَ الرِّجَالِ امْرَأَةً إذَا كَانَ فِي سِنٍّ يَحْرُمُ فِيهِ نَظَرُ الْوَاضِحِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ مِنْ الْمَجْمُوعِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْلُوَ بِهِ أَجْنَبِيٌّ وَلَا أَجْنَبِيَّةٌ، وَلَوْ كَانَ مَمْلُوكًا لِامْرَأَةٍ فَهُوَ مَعَهَا كَعَبْدِهَا، وَقِيلَ: يُسْتَصْحَبُ فِيهِ حُكْمُ الصِّغَرِ، وَيُؤَيِّدُهُ تَصْحِيحُ الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يُغَسِّلُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِضَعْفِ الشَّهْوَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ