فَإِنْ لَمْ يُجَبْ وَلَمْ يُرَدَّ، لَمْ تَحْرُمْ فِي الْأَظْهَرِ.
وَمَنْ اُسْتُشِيرَ فِي خَاطِبٍ ذَكَرَ
ــ
[مغني المحتاج]
الْبِكْرِ غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ مُلْحَقٌ بِالصَّرِيحِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي التَّحْرِيمِ أَنْ تَكُونَ الْإِجَابَةُ مِنْ الْمَرْأَةِ إنْ كَانَتْ مُعْتَبَرَةَ الْإِذْنِ، وَمِنْ وَلِيِّهَا إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُعْتَبَرَتِهِ، وَمِنْهَا مَعَ الْوَلِيِّ إنْ كَانَ الْخَاطِبُ غَيْرَ كُفْءٍ، وَمِنْ السُّلْطَانِ إنْ كَانَتْ مَجْنُونَةً بَالِغَةً فَاقِدَةَ الْأَبِ وَالْجَدِّ، وَمِنْ السَّيِّدِ إنْ كَانَتْ أَمَةً غَيْرَ مُكَاتَبَةٍ كِتَابَةً صَحِيحَةً، وَمِنْ السَّيِّدِ مَعَ الْمُكَاتَبَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَمِنْ الْمُبَعَّضَةِ مَعَ سَيِّدِهَا إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ، وَمِنْ السَّيِّدِ مَعَ وَلِيِّهَا إنْ كَانَتْ مُجْبَرَةً، وَشَرْطُ التَّحْرِيمِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْخِطْبَةِ وَالْإِجَابَةِ وَحُرْمَةِ الْخِطْبَةِ عَلَى خِطْبَةِ مِمَّنْ ذُكِرَ، وَأَنْ تَكُونَ الْخِطْبَةُ الْأُولَى جَائِزَةً، فَلَوْ رُدَّ الْخَاطِبُ الْأَوَّلُ أَوْ أُجِيبَ بِالتَّعْرِيضِ كَلَا رَغْبَةَ عَنْكَ أَوْ بِالتَّصْرِيحِ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الثَّانِي بِهَا أَوْ بِالْحُرْمَةِ أَوْ عَلِمَ بِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ كَوْنَهَا بِالصَّرِيحِ أَوْ عَلِمَ كَوْنَهَا بِهِ وَحَصَلَ إعْرَاضٌ مِمَّنْ ذُكِرَ، أَوْ كَانَتْ الْخِطْبَةُ الْأُولَى مُحَرَّمَةً كَأَنْ خَطَبَ فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ لَمْ تَحْرُمْ خِطْبَتُهُ، وَلَوْ خَطَبَ رَجُلٌ خَمْسًا وَلَوْ بِالتَّرْتِيبِ وَصُرِّحَ لَهُ بِالْإِجَابَةِ حَرُمَتْ خِطْبَةُ كُلٍّ مِنْهُنَّ حَتَّى يَعْقِدَ عَلَى أَرْبَعَ مِنْهُنَّ أَوْ يَتْرُكَهُنَّ أَوْ بَعْضَهُنَّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْغَبُ فِي الْخَامِسَةِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَوْ أَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا بِمَنْ شَاءَ صَحَّ، وَحَلَّ لِكُلِّ أَحَدٍ خِطْبَتُهَا عَلَى خِطْبَةِ غَيْرِهِ نُصَّ عَلَيْهِ كَمَا حَكَاهُ فِي الْبَحْرِ. قَالَ شَيْخِي: وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ، وَاَلَّذِي فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ يَحِلُّ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَخْطُبَهَا قَبْلَ أَنْ يَخْطُبَهَا أَحَدٌ. اهـ.
وَعَلَى هَذَا لَا خُصُوصِيَّةَ لِهَذِهِ (فَإِنْ لَمْ يُجَبْ وَلَمْ يُرَدَّ) بِأَنْ سُكِتَ عَنْ التَّصْرِيحِ لِلْخَاطِبِ بِإِجَابَةٍ أَوْ رَدٍّ وَالسَّاكِتُ غَيْرُ بِكْرٍ يَكْفِي سُكُوتُهَا أَوْ ذِكْرُ مَا يُشْعِرُ بِالرِّضَا، نَحْوُ: لَا رَغْبَةَ عَنْكَ (لَمْ تَحْرُمْ فِي الْأَظْهَرِ) «لِأَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ قَالَتْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ مُعَاوِيَةَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ الْعَصَا عَنْ عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ، انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ» وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ أَبَا جَهْمٍ وَمُعَاوِيَةَ خَطَبَاهَا، وَخَطَبَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأُسَامَةَ بَعْدَ خِطْبَتِهِمَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ أَجَابَتْ وَاحِدًا مِنْهُمَا، وَالثَّانِي تَحْرُمُ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ، وَقُطِعَ بِالْأَوَّلِ فِي السُّكُوتِ لِأَنَّهَا لَا تُبْطِلُ شَيْئًا.
تَنْبِيهٌ: قَدْ نَصُّوا عَلَى اسْتِحْبَابِ خِطْبَةِ أَهْلِ الْفَضْلِ مِنْ الرِّجَالِ، فَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ وَأَجَابَ الْأَوَّلُ الرَّجُلَ وَكَانَتْ الْمُجَابَةُ يُكْمَلُ بِهَا الْعَدَدُ الشَّرْعِيُّ، أَوْ كَانَ لَا يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَ إلَّا وَاحِدَةً امْتَنَعَ أَنْ تَخْطِبَهُ امْرَأَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَا يَخْفَى مَا يَصِحُّ إثْبَاتُهُ هُنَا مِنْ تِلْكَ الْأَحْكَامِ، فَإِنْ انْتَفَى مَا مَرَّ جَازَ إذْ جَمْعُهُ بَيْنَ أَرْبَعٍ لَا مَانِعَ مِنْهُ.
(وَمَنْ اُسْتُشِيرَ فِي خَاطِبٍ) أَوْ مَخْطُوبَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّنْ أَرَادَ الِاجْتِمَاعَ عَلَيْهِ لِنَحْوِ مُعَامَلَةٍ أَوْ مُجَاوَرَةٍ كَالرِّوَايَةِ عَنْهُ أَوْ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ (ذَكَرَ) الْمُسْتَشَارُ جَوَازًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَوُجُوبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَالْأَذْكَارِ وَالرِّيَاضِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْتَشَارِ، بَلْ أَوْجَبُوا فِي الْبَيْعِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ إذَا عَلِمَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا أَنْ يُخْبِرَ بِهِ الْمُشْتَرِيَ وَغَيْرَهُ، وَمِثْلُهُ الْبَقِيَّةُ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ التَّعْبِيرَ بِالْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي الْوُجُوبَ وَمَفْعُولُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute