وَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُ ثَيِّبٍ إلَّا بِإِذْنِهَا، فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَمْ تُزَوَّجْ حَتَّى تَبْلُغَ، وَالْجَدُّ كَالْأَبِ عِنْدَ عَدَمِهِ، وَسَوَاءٌ زَالَتْ الْبَكَارَةُ بِوَطْءٍ حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ، وَلَا أَثَرَ لِزَوَالِهَا بِلَا وَطْءٍ كَسَقْطَةٍ فِي الْأَصَحِّ، وَمَنْ عَلَى حَاشِيَةِ النَّسَبِ كَأَخٍ وَعَمٍّ لَا يُزَوِّجُ صَغِيرَةً بِحَالٍ،
ــ
[مغني المحتاج]
يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهَا (وَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُ ثَيِّبٍ) بَالِغَةٍ وَإِنْ عَادَتْ بَكَارَتُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو خَلَفٍ الطَّبَرِيُّ فِي شَرْحِ الْمِفْتَاحِ (إلَّا بِإِذْنِهَا) لِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيّ السَّابِقِ وَخَبَرِ: «لَا تُنْكِحُوا الْأَيَامَى حَتَّى تَسْتَأْمِرُوهُنَّ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ،
وَلِأَنَّهَا عَرَفَتْ مَقْصُودَ النِّكَاحِ فَلَا تُجْبَرُ بِخِلَافِ الْبِكْرِ (فَإِنْ كَانَتْ) تِلْكَ الثَّيِّبُ (صَغِيرَةً) غَيْرَ مَجْنُونَةٍ وَغَيْرَ أَمَةٍ (لَمْ تُزَوَّجْ) سَوَاءٌ احْتَمَلَتْ الْوَطْءَ أَمْ لَا (حَتَّى تَبْلُغَ) لِأَنَّ إذْنَ الصَّغِيرَةِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَامْتَنَعَ تَزْوِيجُهَا إلَى الْبُلُوغِ، أَمَّا الْمَجْنُونَةُ فَيُزَوِّجُهَا الْأَبُ وَالْجَدُّ عِنْدَ عَدَمِهِ قَبْلَ بُلُوغِهَا لِلْمَصْلَحَةِ كَمَا سَيَأْتِي، وَأَمَّا الْأَمَةُ فَلِسَيِّدِهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا وَكَذَا لِوَلِيِّ السَّيِّدِ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ (وَالْجَدُّ) أَبُو الْأَبِ وَإِنْ عَلَا (كَالْأَبِ عِنْدَ عَدَمِهِ) أَوْ عَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ فِيمَا ذَكَرَ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً وَعُصُوبَةً كَالْأَبِ وَيَزِيدُ الْجَدُّ عَلَيْهِ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ تَوَلِّي طَرَفَيْ الْعَقْدِ كَمَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ الْأَبِ، وَوَكِيلُ الْأَبِ وَالْجَدُّ كَالْأَبِ وَالْجَدِّ، لَكِنَّ وَكِيلَ الْجَدِّ لَا يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي (وَسَوَاءٌ) فِي حُصُولِ الثُّيُوبَةِ وَاعْتِبَارِ إذْنِهَا (زَالَتْ الْبَكَارَةُ بِوَطْءٍ) فِي قُبُلِهَا (حَلَالٍ) كَالنِّكَاحِ (أَوْ حَرَامٍ) كَالزِّنَا أَوْ بِوَطْءٍ لَا يُوصَفُ بِهِمَا كَشُبْهَةٍ كَمَا شَمِلَهُ عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ بِقَوْلِهِ: بِالْوَطْءِ الْحَلَالِ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ لَا يُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا بِحُرْمَةٍ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي نَوْمٍ أَوْ يَقَظَةٍ (وَلَا أَثَرَ لِزَوَالِهَا بِلَا وَطْءٍ) فِي الْقُبُلِ (كَسَقْطَةٍ) وَحِدَّةِ طَمْثٍ وَطُولِ تَعْنِيسٍ وَهُوَ الْكِبَرُ أَوْ بِأُصْبُعٍ وَنَحْوِهِ (فِي الْأَصَحِّ) وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالصَّحِيحِ بَلْ حُكْمُهَا حُكْمُ الْأَبْكَارِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُمَارِسْ الرِّجَالَ فَهِيَ عَلَى غَبَاوَتِهَا وَحَيَائِهَا، وَالثَّانِي: أَنَّهَا كَالثَّيِّبِ فِيمَا ذُكِرَ، وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِزَوَالِ الْعُذْرَةِ وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُمَارِسْ الرِّجَالَ بِالْوَطْءِ فِي مَحَلِّ الْبَكَارَةِ.
تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْبِكْرَ لَوْ وُطِئَتْ فِي قُبُلِهَا وَلَمْ تَزُلْ بَكَارَتُهَا بِأَنْ كَانَتْ غَوْرَاءَ كَسَائِرِ الْأَبْكَارِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَنَظِيرِهِ الْآتِي فِي التَّحْلِيلِ عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِ وَإِنْ كَانَ قَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِمْ بِمُمَارَسَةِ الرِّجَالِ خِلَافَهُ كَمَا أَنَّ قَضِيَّتَهُ كَذَلِكَ إذَا زَالَتْ بِذَكَرِ حَيَوَانٍ غَيْرِ آدَمِيٍّ كَقِرْدٍ مَعَ أَنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهَا كَالثَّيِّبِ، وَلَوْ خُلِقَتْ بِلَا بَكَارَةٍ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْأَبْكَارِ كَمَا حَكَى فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ وَأَقَرَّهُ وَتُصَدَّقُ الْمُكَلَّفَةُ فِي دَعْوَى الْبَكَارَةِ وَإِنْ كَانَتْ فَاسِقَةً. قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي: بِلَا يَمِينٍ وَكَذَا فِي دَعْوَى الثُّيُوبَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ وَلَا تُسْأَلُ عَنْ الْوَطْءِ، فَإِنْ ادَّعَتْ الثُّيُوبَةَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَدْ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ بِغَيْرِ إذْنِهَا نُطْقًا فَهُوَ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِمَا فِي تَصْدِيقِهَا مِنْ إبْطَالِ النِّكَاحِ بَلْ لَوْ شَهِدَتْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ عِنْدَ الْعَقْدِ لَمْ يَبْطُلْ لِجَوَازِ إزَالَتِهَا بِأُصْبُعٍ أَوْ نَحْوِهِ، أَوْ أَنَّهَا خُلِقَتْ بِدُونِهَا كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَإِنْ أَفْتَى الْقَاضِي بِخِلَافِهِ (وَمَنْ عَلَى حَاشِيَةِ النَّسَبِ كَأَخٍ وَعَمٍّ) لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ وَابْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا (لَا يُزَوِّجُ صَغِيرَةً بِحَالٍ) بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute