وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُخْتَلِّ النَّظَرِ بِهَرَمٍ أَوْ خَبَلٍ، وَكَذَا مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَمَتَى كَانَ الْأَقْرَبُ بِبَعْضِ هَذِهِ الصِّفَاتِ
ــ
[مغني المحتاج]
كَمَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ (وَ) لَا (صَبِيٍّ) لِسَلْبِ وِلَايَتِهِ (وَ) لَا (مَجْنُونٍ) فِي حَالَةِ جُنُونِهِ الْمُطْبِقِ، وَكَذَا إنْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَإِنْ صَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ لَا يُزِيلُ الْوِلَايَةَ لِعَدَمِ تَمْيِيزِهِ، وَتَغْلِيبًا لِزَمَنِ الْجُنُونِ فِي الْمُتَقَطِّعِ فَيُزَوِّجُ الْأَبْعَدُ فِي زَمَنِ جُنُونِ الْأَقْرَبِ دُونَ إفَاقَتِهِ، وَلَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ وَبَقِيَ آثَارُ الْخَبَلِ كَحِدَّةِ خُلُقٍ لَمْ تُعَدْ وِلَايَتُهُ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَعَلَّهُ الْأَصَحُّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ قَصُرَ زَمَنُ الْإِفَاقَةِ جِدًّا فَهِيَ كَالْعَدَمِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ، أَوْ قَصُرَ زَمَنُ الْجُنُونِ كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ لَمْ تُنْقَلْ الْوِلَايَةُ، بَلْ يُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ كَالْإِغْمَاءِ (وَ) لَا (مُخْتَلِّ النَّظَرِ بِهَرَمٍ) وَهُوَ كِبَرُ السِّنِّ (أَوْ خَبَلٍ) بِتَحْرِيكِ الْمُوَحَّدَةِ وَإِسْكَانِهَا، وَهُوَ فَسَادٌ فِي الْعَقْلِ، وَقِيلَ: إنَّهُ بِالْإِسْكَانِ مَصْدَرٌ، وَلَا فَرْقَ فِي الْخَبَلِ بَيْنَ الْأَصْلِيِّ وَالْعَارِضِ لِعَجْزِهِ عَنْ اخْتِيَارِ الْأَكْفَاءِ، وَفِي مَعْنَاهُ: مَنْ شَغَلَتْهُ الْأَسْقَامُ وَالْآلَامُ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ قِيلَ: سُكُونُ الْأَلَمِ لَيْسَ بِأَبْعَدَ مِنْ إفَاقَةِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ، فَإِذَا اُنْتُظِرَتْ الْإِفَاقَةُ فِي الْإِغْمَاءِ وَجَبَ أَنْ يُنْتَظَرَ السُّكُونُ هُنَا، وَبِتَقْدِيرِ عَدَمِ الِانْتِظَارِ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: يُزَوِّجُهَا السُّلْطَانُ لَا الْأَبْعَدُ كَمَا فِي صُورَةِ الْغَيْبَةِ؛ لِأَنَّ الْأَهْلِيَّةَ بَاقِيَةٌ وَشِدَّةُ الْأَلَمِ الْمَانِعَةُ مِنْ النَّظَرِ كَالْغَيْبَةِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ الْإِغْمَاءَ لَهُ أَمَدٌ يَعْرِفُهُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ فَجُعِلَ مُرَادًا، بِخِلَافِ سُكُونِ الْأَلَمِ وَإِنْ اُحْتُمِلَ زَوَالُهُ، وَالْقِيَاسُ عَلَى صُورَةِ الْغَيْبَةِ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الْغَائِبَ يَقْدِرُ عَلَى التَّزْوِيجِ مَعَهَا، وَلَا كَذَلِكَ مَعَ دَوَامِ الْأَلَمِ الْمَذْكُورِ (وَكَذَا مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ) بِأَنْ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ أَوْ بَذَّرَ فِي مَالِهِ بَعْدَ رُشْدِهِ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ لَا وِلَايَةَ لَهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ لَا يَلِي أَمْرَ نَفْسِهِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هَذَا، وَالثَّانِي: يَلِي؛ لِأَنَّهُ كَامِلُ النَّظَرِ فِي أَمْرِ النِّكَاحِ، وَإِنَّمَا حُجِرَ عَلَيْهِ لِحِفْظِ مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ؛ قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَمَا يَنْبَغِي أَنْ تَزُولَ وِلَايَتُهُ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا كَالرَّوْضَةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
وَإِنْ جَزَمَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِالزَّوَالِ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ، وَتَوْكِيلُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ فِي النِّكَاحِ كَتَوْكِيلِ الرَّقِيقِ فَيَصِحُّ فِي الْقَبُولِ دُونَ الْإِيجَابِ، وَخَرَجَ بِالسَّفَهِ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ أَوْ مَرَضٍ فَإِنَّهُ يَلِي لِكَمَالِ نَظَرِهِ، وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ لِحَقِّ الْغَيْرِ لَا لِنَقْصٍ فِيهِ (وَمَتَى كَانَ الْأَقْرَبُ بِبَعْضِ هَذِهِ الصِّفَاتِ) الْمَانِعَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute