فَالْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ، وَالْإِغْمَاءُ إنْ كَانَ لَا يَدُومُ غَالِبًا اُنْتُظِرَ إفَاقَتُهُ، وَإِنْ كَانَ يَدُومُ أَيَّامًا اُنْتُظِرَ، وَقِيلَ لِلْأَبْعَدِ.
وَلَا يَقْدَحُ الْعَمَى فِي الْأَصَحِّ.
وَلَا وِلَايَةَ لِفَاسِقٍ
ــ
[مغني المحتاج]
لِلْوِلَايَةِ (فَالْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ) لِخُرُوجِ الْأَقْرَبِ عَنْ أَنْ يَكُونَ وَلِيًّا فَأَشْبَهَ الْمَعْدُومَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ، حَتَّى لَوْ أَعْتَقَ شَخْصٌ أَمَةً وَمَاتَ عَنْ ابْنٍ صَغِيرٍ وَأَخٍ كَانَتْ الْوِلَايَةُ لِلْأَخِ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهَا فِي الْوَلَاءِ لِلْحَاكِمِ. فَقَدْ نَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَصَوَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ، فَإِنْ زَالَ الْمَانِعُ عَادَتْ الْوِلَايَةُ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ لَفْظَةُ مَتَى، وَكَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُ هَذَا عَنْ ذِكْرِهِ الْفِسْقَ وَاخْتِلَافَ الدِّينِ لِيَعُودَ إلَيْهِمَا أَيْضًا، فَإِنَّ الْوِلَايَةَ تَنْتَقِلُ فِيهِمَا إلَى الْأَبْعَدِ، وَلَوْ زَوَّجَ الْأَبْعَدُ فَادَّعَى الْأَقْرَبُ أَنَّهُ زَوَّجَ بَعْدَ تَأَهُّلِهِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: فَلَا اعْتِبَارَ بِهِمَا، وَالرُّجُوعُ فِيهِ إلَى قَوْلِ الزَّوْجَيْنِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَهُمَا فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ غَيْرِهِمَا، وَجَزَمَ فِيمَا لَوْ زَوَّجَهَا بَعْدَ تَأَهُّلِ الْأَقْرَبِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، سَوَاءٌ أَعَلِمَ بِذَلِكَ أَمْ لَمْ يَعْلَمْهُ (وَالْإِغْمَاءُ إنْ كَانَ لَا يَدُومُ غَالِبًا) كَالْحَاصِلِ بِهَيَجَانِ الْمِرَّةِ الصَّفْرَاءِ (اُنْتُظِرَ إفَاقَتُهُ) قَطْعًا كَالنَّائِمِ (وَإِنْ كَانَ يَدُومُ) يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ (أَيَّامًا اُنْتُظِرَ) أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ قَرِيبُ الزَّوَالِ كَالنَّوْمِ (وَقِيلَ) لَا تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ بَلْ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ (لِلْأَبْعَدِ) كَالْجُنُونِ وَالسُّكْرِ بِلَا تَعَدٍّ فِي مَعْنَى الْإِغْمَاءِ، فَإِنْ دَعَتْ حَاجَتُهَا إلَى النِّكَاحِ فِي زَمَنِ الْإِغْمَاءِ أَوْ السُّكْرِ فَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يُزَوِّجُهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ قَالَ الْمُتَوَلِّي يُزَوِّجُهَا.
(وَلَا يَقْدَحُ الْعَمَى) فِي وِلَايَةِ التَّزْوِيجِ (فِي الْأَصَحِّ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْبَحْثِ وَالسَّمَاعِ، وَالثَّانِي: يَقْدَحُ؛ لِأَنَّهُ نَقْصٌ يُؤَثِّرُ فِي الشَّهَادَةِ فَأَشْبَهَ الصِّغَرَ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ شَهَادَتَهُ إنَّمَا رُدَّتْ لِتَعَذُّرِ التَّحَمُّلِ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا تُقْبَلُ فِيمَا تَحَمَّلَ قَبْلَ الْعَمَى إذَا لَمْ يُحْتَجْ إلَى إشَارَةٍ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَابِهَا، وَيَجِيءُ خِلَافُ الْأَعْمَى فِي الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمِ لِغَيْرِهِ مُرَادَهُ بِالْإِشَارَةِ الَّتِي لَا يَخْتَصُّ بِفَهْمِهَا الْفَطِنُونَ، وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ إنْ كَانَ كَاتِبًا تَكُونُ الْوِلَايَةُ لَهُ فَيُوَكِّلُ بِهَا مَنْ يُزَوِّجُ مُوَلِّيَتَهُ أَوْ يُزَوِّجُهُ، وَهَذَا مُرَادُ الرَّوْضَةِ بِأَنَّهُ سَوَّى بَيْنَ الْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ وَالْكِتَابَةِ، وَأَسْقَطَهَا ابْنُ الْمُقْرِي نَظَرًا إلَى تَزْوِيجِهِ لَا إلَى وِلَايَتِهِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا كِنَايَةٌ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ.
(وَلَا وِلَايَةَ لِفَاسِقٍ) غَيْرَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ مُجْبِرًا كَانَ أَوْ لَا، فُسِّقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute