عَلَى الْمَذْهَبِ.
ــ
[مغني المحتاج]
بِشُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ لَا، أَعْلَنَ بِفِسْقِهِ أَوْ لَا (عَلَى الْمَذْهَبِ) بَلْ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ لِحَدِيثِ: «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إنَّهُ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي الْبَابِ. وَنَقَلَ ابْنُ دَاوُد عَنْ الشَّافِعِيِّ فِي الْبُوَيْطِيِّ أَنَّهُ قَالَ: الْمُرَادُ بِالْمُرْشِدِ فِي الْحَدِيثِ الْعَدْلُ، وَلِأَنَّهُ نَقْصٌ يَقْدَحُ فِي الشَّهَادَةِ فَيَمْنَعُ الْوِلَايَةَ كَالرِّقِّ، وَلَا يُرَدُّ سَيِّدُ الْأَمَةِ لِأَنَّهُ يُزَوِّجُ بِالْمِلْكِ لَا بِالْوِلَايَةِ كَمَا مَرَّ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ طُرُقٌ جَمَعَهَا بَعْضُهُمْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ طَرِيقَةً، أَشْهَرُهَا عَلَى مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ طَرِيقَةُ الْقَوْلَيْنِ، أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُعَبِّرَ بِالْأَظْهَرِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَلِي، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَجَمَاعَاتٌ؛ لِأَنَّ الْفَسَقَةَ لَمْ يُمْنَعُوا مِنْ التَّزْوِيجِ فِي عَصْرِ الْأَوَّلِينَ، وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْوَازِعَ الطَّبْعِيَّ أَقْوَى مِنْ الْوَازِعِ الشَّرْعِيِّ، وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَوْ سَلَبَ الْوِلَايَةَ لَانْتَقَلَتْ إلَى حَاكِمٍ فَاسِقٍ وُلِّيَ وَإِلَّا فَلَا. قَالَ: وَلَا سَبِيلَ إلَى الْفَتْوَى بِغَيْرِهِ، إذْ الْفِسْقُ قَدْ عَمَّ الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ حَسَنٌ، وَيَنْبَغِي الْعَمَلُ بِهِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَيْسَ هَذَا مُخَالِفًا لِلْمَشْهُورِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالنَّصِّ وَالْحَدِيثِ، بَلْ ذَلِكَ عِنْدَ وُجُودِ الْحَاكِمِ الْمَرْضِيِّ الْعَالِمِ الْأَهْلِ. وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ الْجَهَلَةِ وَالْفُسَّاقِ فَكَالْعَدِمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَئِمَّةُ فِي الْوَدِيعَةِ وَفِي غَيْرِهَا. اهـ.
وَالْأَوْجَهُ إطْلَاقُ الْمَتْنِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ يُزَوِّجُ لِلضَّرُورَةِ، وَقَضَاؤُهُ نَافِذٌ.
أَمَّا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فَلَا يَقْدَحُ فِسْقُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِهِ فَيُزَوِّجُ بَنَاتِهِ وَبَنَاتِ غَيْرِهِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ تَفْخِيمًا لِشَأْنِهِ، فَعَلَيْهِ إنَّمَا يُزَوِّجُ بَنَاتِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلِيٌّ غَيْرُهُ كَبَنَاتِ غَيْرِهِ، وَيُزَوِّجُ الْفَاسِقُ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنْ يَضُرَّ بِهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute