قِيلَ أَوْ لَا تَصْلُحُ، فَلَوْ قَدَرَ عَلَى غَائِبَةٍ حَلَّتْ لَهُ أَمَةٌ إنْ لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ فِي قَصْدِهَا أَوْ خَافَ زِنًا مُدَّتَهُ، وَلَوْ وَجَدَ حُرَّةً بِمُؤَجَّلٍ أَوْ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَالْأَصَحُّ حِلُّ أَمَةٍ فِي الْأُولَى، دُونَ الثَّانِيَةِ،
ــ
[مغني المحتاج]
تَنْبِيهٌ: جُعِلَ الْعَجْزُ عَنْ الْحُرَّةِ دُونَ صَدَاقِهَا لِيَشْمَلَ مَا لَوْ وَجَدَهُ وَلَمْ يَجِدْ خَلِيَّةً مِنْ زَوْجٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ جَوَازِ تَزْوِيجِ الْأَمَةِ إذَا لَمْ تَرْضَ الْحُرَّةُ إلَّا بِزِيَادَةٍ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا مَا لَوْ وَجَدَ أَمَةً وَحُرَّةً وَكَانَ صَدَاقُ الْأَمَةِ الَّتِي لَا يَرْضَى سَيِّدُهَا إلَّا بِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِ الْحُرَّةِ الْمَوْجُودَةِ وَلَمْ تَرْضَ الْحُرَّةُ أَيْضًا إلَّا بِمَا طَلَبَ سَيِّدُ الْأَمَةِ، فَمُقْتَضَى نَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى أَنْ يَنْكِحَ بِصَدَاقِهَا حُرَّةً وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْحُرَّةِ، وَجُمْلَةُ: " تَصْلُحُ " صِفَةُ حُرَّةٍ أَيْ تَصْلُحُ تِلْكَ الْحُرَّةُ لِلِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فِي الْأَصَحِّ (قِيلَ أَوْ لَا تَصْلُحُ) لَهُ كَصَغِيرَةٍ، وَأَحَالَ فِي الْمُحَرَّرِ الْخِلَافَ هُنَا عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ، وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ، لَكِنْ صَحَّحَا فِي الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ هُنَا اشْتِرَاطَ صَلَاحِيَّتِهَا (فَلَوْ قَدَرَ عَلَى) حُرَّةٍ (غَائِبَةٍ) عَنْ بَلَدِهِ (حَلَّتْ لَهُ أَمَةٌ إنْ لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ فِي قَصْدِهَا) وَضَبَطَ الْإِمَامُ الْمَشَقَّةَ بِأَنْ يُنْسَبَ مُتَحَمِّلُهَا فِي طَلَبِ الزَّوْجَةِ إلَى الْإِسْرَافِ وَمُجَاوَزَةِ الْحَدِّ (أَوْ خَافَ زِنًا مُدَّتَهُ) أَيْ قَصْدِ الْحُرَّةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ غَائِبَةٌ وَوُجِدَ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرَ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخِي، فَإِنْ لَمْ يَخَفْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأَمَةُ، وَيَجِبُ السَّفَرُ لِلْحُرَّةِ، وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إذَا أَمْكَنَ انْتِقَالُهَا مَعَهُ إلَى وَطَنِهِ وَإِلَّا فَهِيَ كَالْمَعْدُومَةِ لِمَا فِي تَكْلِيفِهِ الْمُقَامَ مَعَهَا هُنَاكَ مِنْ التَّغَرُّبِ، وَالرُّخَصُ لَا تَحْتَمِلُ هَذَا التَّضْيِيقَ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى حُرَّةٍ بِبَيْعِ مَسْكَنِهِ أَوْ خَادِمِهِ حَلَّتْ الْأَمَةُ فِي الْأَصَحِّ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَلَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ أَمَةٌ غَيْرُ مُبَاحَةٍ، فَإِنْ وَفَّتْ قِيمَتُهَا بِمَهْرِ حُرَّةٍ أَوْ ثَمَنِ أَمَةٍ يَتَسَرَّى بِهَا لَمْ يَنْكِحْ الْأَمَةَ وَإِلَّا فَيَنْكِحُهَا، وَحُمِلَ هَذَا عَلَى مَا إذَا كَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا لِلْخِدْمَةِ كَمَا قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، وَلَا يَمْنَعُ مَالُهُ الْغَائِبُ نِكَاحَهُ الْأَمَةَ كَمَا لَا يُمْنَعُ ابْنُ السَّبِيلِ الزَّكَاةَ (وَلَوْ وَجَدَ حُرَّةً) تَرْضَى (بِمُؤَجَّلٍ) وَلَمْ يَجِدْ الْمَهْرَ وَهُوَ يَتَوَقَّعُ الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَحَلِّ (أَوْ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ) وَهُوَ وَاجِدُهُ (فَالْأَصَحُّ حِلُّ أَمَةٍ) وَاحِدَةٍ (فِي) الصُّورَةِ (الْأُولَى) لِأَنَّ ذِمَّتَهُ تَصِيرُ مَشْغُولَةً فِي الْحَالِ، وَقَدْ لَا يَصْدُقُ رَجَاؤُهُ عِنْدَ تَوَجُّهِ الطَّلَبِ عَلَيْهِ.
وَالثَّانِي: لَا لِلْقُدْرَةِ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ، وَيَجْرِيَانِ فِيمَا لَوْ وَجَدَ مَنْ يَبِيعُهُ شَيْئًا بِنَسِيئَةٍ، وَهُوَ قَدْرُ مَهْرِهَا، أَوْ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ وَهُوَ مِمَّنْ يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ، أَوْ وَجَدَ مَنْ يُقْرِضُهُ، أَوْ مَنْ يَهَبُ لَهُ مَالًا أَوْ أَمَةً. فَإِنْ قِيلَ: قَدْ صَحَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّيَمُّمِ وُجُوبَ شِرَاءِ الْمَاءِ بِمُؤَجَّلٍ بِأَجَلٍ يَمْتَدُّ إلَى وُصُولِهِ بَلَدَ مَالِهِ، وَرِضَاهَا بِالْمُؤَجَّلِ أَوْلَى مِنْ رِضَا رَبِّ الْمَاءِ بِتَأْجِيلِ ثَمَنِهِ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ تُمْهَرُ غَالِبًا بِالْمَهْرِ الْحَالِّ بِخِلَافِ رَبِّ الدَّيْنِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ فِي الزَّوْجَةِ كُلْفَةً أُخْرَى وَهِيَ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ فَإِنَّهُمَا يَجِبَانِ بِمُجَرَّدِ عَرْضِهَا عَلَيْهِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ ثَمَنِ الْمَاءِ (دُونَ) الصُّورَةِ (الثَّانِيَةِ) لِقُدْرَتِهِ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ. وَالثَّانِي: لَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ.
وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمِنَّةَ فِيهِ قَلِيلَةً لِجَرَيَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute