وَتُجْبَرُ هِيَ وَمُسْلِمَةٌ عَلَى غَسْلِ مَا نَجُسَ مِنْ أَعْضَائِهَا.
وَتَحْرُمُ مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ وَثَنِيٍّ وَكِتَابِيَّةٍ، وَكَذَا عَكْسُهُ فِي الْأَظْهَرِ، وَإِنْ خَالَفَتْ السَّامِرَةُ
ــ
[مغني المحتاج]
قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَحْضُرْ صَلَاةً فَفِي إجْبَارِهَا الْقَوْلَانِ، وَالْأَظْهَرُ الْوُجُوبُ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ حَقَّ الزَّوْجِ إنَّمَا هُوَ فِي الِاسْتِمْتَاعِ لَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الصَّلَاةِ، وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ أَوْجَهُ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي إجْبَارِ الْكِتَابِيَّةِ عَلَى مَنْعِ أَكْلِ الْخِنْزِيرِ إذَا كَانَتْ تَعْتَقِدُ حِلَّهُ كَالنَّصْرَانِيَّةِ، فَإِنْ كَانَتْ تَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ كَالْيَهُودِيَّةِ مَنَعَهَا مِنْهُ قَطْعًا (وَ) الْكِتَابِيَّةُ (تُجْبَرُ هِيَ وَمُسْلِمَةٌ عَلَى غَسْلِ مَا نَجُسَ مِنْ أَعْضَائِهَا) لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا كَمَا عَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ، وَعَلَّلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الْمَشَقَّةِ بِالتَّنْجِيسِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِمْتَاعُ بِعُضْوٍ نَجِسٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ يُتَوَلَّدُ مِنْهُ تَنْجِيسٌ وَإِلَّا فَلَا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَفِي قَدْرِ مَا يُجْبِرُهَا عَلَى الْغَسْلِ مِنْ أَكْلِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَجْهَانِ فِي الْحَاوِي أَحَدُهُمَا: سَبْعًا كَوُلُوغِهِ. وَالثَّانِي: مَرَّةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ لِحَقِّ نَفْسِهِ اهـ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ.
تَنْبِيهٌ: تَخْصِيصُ الْمُصَنِّفِ بِالْأَعْضَاءِ قَدْ يُخْرِجُ الثَّوْبَ وَلَيْسَ مُرَادًا، فَقَدْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَهُ مَنْعُهَا مِنْ لُبْسِ مَا كَانَ نَجِسًا قَطْعًا، وَفِي الرَّوْضَةِ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ لُبْسِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ دِبَاغِهِ، وَلُبْسِ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ وَلَهُ إجْبَارُهَا أَيْضًا عَلَى التَّنْظِيفِ بِالِاسْتِحْدَادِ وَقَلْمِ الْأَظَافِرِ وَإِزَالَةِ شَعْرِ الْإِبِطِ وَالْأَوْسَاخِ إذَا تَفَاحَشَ شَيْءٌ فِي ذَلِكَ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَتَفَاحَشْ، وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ أَكْلِ مَا يَتَأَذَّى مِنْ رَائِحَتِهِ كَبَصَلٍ وَثُومٍ، وَمِنْ أَكْلِ مَا يُخَافُ مِنْهُ حُدُوثُ الْمَرَضِ، وَلَهُ مَنْعُ الْكِتَابِيَّةِ مِنْ شُرْبِ مَا يُسْكِرُ، وَكَذَا مِنْ غَيْرِهِ وَمِنْ الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ كَمَا يَمْنَعَ الْمُسْلِمَةَ مِنْ شُرْبِ النَّبِيذِ إذَا كَانَتْ تَعْتَقِدُ إبَاحَتَهُ مِنْ الْقَدْرِ الَّذِي لَا يُسسْكِرُ، وَكَذَا مِنْ غَيْرِهِ وَمِنْ الْمَسَاجِدِ وَالْجَمَاعَاتِ وَكَالزَّوْجِ فِيمَا ذُكِرَ السَّيِّدُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى، وَلَيْسَ لَهُ إجْبَارُ أَمَتِهِ الْمَجُوسِيَّةِ أَوْ الْوَثَنِيَّةِ عَلَى الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ أَفَادَهَا الْأَمَانَ مِنْ الْقَتْلِ.
(وَتَحْرُمُ مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ وَثَنِيٍّ) أَوْ مَجُوسِيٍّ (وَكِتَابِيَّةٍ) جَزْمًا؛ لِأَنَّ الِانْتِسَابَ إلَى الْأَبِ وَهُوَ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ (وَكَذَا عَكْسُهُ) أَيْ مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ كِتَابِيٍّ وَوَثَنِيَّةٌ أَوْ مَجُوسِيَّةٌ (فِي الْأَظْهَرِ) تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ. وَالثَّانِي: تَحِلُّ؛ لِأَنَّهَا تُنْسَبُ لِلْأَبِ، وَهَذَا فِي صَغِيرَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ، فَإِنْ بَلَغَتْ عَاقِلَةً ثُمَّ تَبِعَتْ دِينَ الْكِتَابِيِّ مِنْهُمَا لَحِقَتْ بِهِ فَيَحِلُّ نِكَاحُهَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ لِأَنَّ فِيهَا شُعْبَةٌ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لَكِنَّا غَلَّبْنَا التَّحْرِيمَ مَا دَامَتْ تَابِعَةً لِأَحَدِ الْأَبَوَيْنِ، فَإِذَا بَلَغَتْ وَاسْتَقَلَّتْ وَاخْتَارَتْ دِينَ الْكِتَابِيِّ قَوِيَتْ تِلْكَ الشُّعْبَةُ، وَقِيلَ لَا تَلْحَقُ بِهِ فَلَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا كَالْمُتَوَلِّدَةِ بَيْنَ مَجُوسِيِّينَ، وَتَأَوَّلَ قَائِلُهُ النَّصَّ عَلَى مَا إذَا كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهَا يَهُودِيًّا وَالْآخَرُ نَصْرَانِيًّا فَبَلَغَتْ وَاخْتَارَتْ دِينَ أَحَدِهِمَا، وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَتَأْوِيلُ النَّصِّ بِمَا ذُكِرَ عَجِيبٌ فَقَدْ صَوَّرَهَا فِي الْأُمِّ بِأَنَّ أَحَدَ أَبَوَيْهَا نَصْرَانِيٌّ وَالْآخَرَ مَجُوسِيٌّ اهـ.
فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: النَّصُّ هُنَا غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ لِمَا عُرِفَ مِنْ ذَلِكَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَرَجَّحُوهُ (وَإِنْ خَالَفَتْ السَّامِرَةُ) وَهِيَ طَائِفَةٌ تُعَدُّ مِنْ الْيَهُودِ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِنِسْبَتِهَا إلَى أَصْلِهَا السَّامِرِيِّ عَابِدِ الْعِجْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute