وَلَوْ انْفَصَلَ الْوَلَدُ مَيِّتًا بِلَا جِنَايَةٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ.
وَمَنْ عَتَقَتْ تَحْتَ رَقِيقٍ أَوْ مَنْ فِيهِ رِقٌّ تَخَيَّرَتْ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ،
ــ
[مغني المحتاج]
فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ لِأَنَّهُ كَجِنَايَتِهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْوَكِيلِ فَقَطْ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ أَيْضًا وَيُطَالَبُ بِهِ حَالًا، وَإِنْ كَانَ مِنْهَا وَمِنْ الْوَكِيلِ بِأَنْ ذَكَرَاهُ مَعًا كَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ، فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ الْغُرْمِ، فَإِنْ غَرَّتْ الْوَكِيلَ بِالْحُرِّيَّةِ فَذَكَرَهَا الزَّوْجُ رَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ ثُمَّ الْوَكِيلُ عَلَيْهَا، وَإِنْ ذَكَرَتْهُ لِلْوَكِيلِ ثُمَّ ذَكَرَتْهُ لِلزَّوْجِ رَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا وَلَا رُجُوعَ عَلَى الْوَكِيلِ، وَإِنْ ذَكَرَهُ الْوَكِيلُ لِلزَّوْجِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا لَمَّا شَافَهَتْ الزَّوْجَ خَرَجَ الْوَكِيلُ مِنْ الْوَسَطِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ السَّيِّدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا عِبْرَةَ بِتَغْرِيرِ مَنْ لَيْسَ بِعَاقِدٍ وَلَا مَعْقُودٍ عَلَيْهِ، هَذَا كُلُّهُ إذَا انْفَصَلَ الْوَلَدُ فِي صُورَةِ التَّغْرِيرِ حَيًّا (وَ) أَمَّا (لَوْ انْفَصَلَ الْوَلَدُ مَيْتًا بِلَا جِنَايَةٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ) لِأَنَّ حَيَاتَهُ غَيْرُ مُتَيَقَّنَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا انْفَصَلَ بِجِنَايَةٍ فَفِيهِ - لِانْعِقَادِهِ حُرًّا - غُرَّةٌ لِوَارِثِهِ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي أَجْنَبِيًّا كَانَ أَوْ سَيِّدَ الْأَمَةِ أَوْ الْمَغْرُورَ، فَإِنْ كَانَ عَبْدًا تَعَلَّقَتْ الْغُرَّةُ بِرَقَبَتِهِ، وَيَضْمَنُهُ الْمَغْرُورُ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ لِتَفْوِيتِهِ رِقَّهُ بِعُشْرِ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَضْمَنُ بِهِ الْجَنِينَ الرَّقِيقَ، وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ إلَّا مَا يَضْمَنُ بِهِ الرَّقِيقَ. وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَرِثَ مِنْ الْغُرَّةِ فِي مَسْأَلَتِنَا مَعَ الْأَبِ الْحُرِّ غَيْرِ الْجَانِي إلَّا أُمُّ الْأُمِّ الْحُرَّةُ، وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَحْرِيرُ الْكَلَامِ فِي الْغُرَّةِ فِي آخِرِ بَابِ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي السَّبَبِ الثَّالِثِ لِلْخِيَارِ وَهُوَ الْعِتْقُ. فَقَالَ (وَمَنْ عَتَقَتْ) كُلُّهَا وَلَوْ كَافِرَةً وَمُكَاتَبَةً (تَحْتَ رَقِيقٍ أَوْ) تَحْتَ (مَنْ فِيهِ رِقٌّ) قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ بَعْدَهُ (تَخَيَّرَتْ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ) وَعَدَمِهِ لِأَنَّهَا تُعَيَّرُ بِمَنْ فِيهِ رِقٌّ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ «عِتْقُ بَرِيرَةَ تَحْتَ زَوْجِهَا مُغِيثٍ، وَكَانَ عَبْدًا فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ الْمُفَارَقَةِ وَالْمُقَامِ مَعَهُ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَأُلْحِقَ بِالْعَبْدِ الْمُبَعَّضُ لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الرِّقِّ عَلَيْهِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: تَحْتَ رَقِيقٍ مَا إذَا عَتَقَتْ تَحْتَ حُرٍّ فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لَهَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، وَمَا إذَا عَتَقَا مَعًا فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لَهَا، وَسَيَأْتِي بَاقِي الْمُحْتَرَزَاتِ.
تَنْبِيهٌ: قَدْ يُوهِمُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ عَتَقَ الزَّوْجُ بَعْدَهَا أَوْ مَاتَ قَبْلَ اخْتِيَارِهَا الْفَسْخَ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ سَقَطَ خِيَارُهَا لِزَوَالِ الضَّرَرِ، وَلَوْ فَسَخَتْ بِنَاءً عَلَى بَقَاءِ رِقِّهِ فَبَانَ خِلَافُهُ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْفَسْخِ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ فِي الْفَسْخِ بِالْعَيْبِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَا لَوْ عَتَقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي مَرَضِ مَوْتِ السَّيِّدِ، وَكَانَتْ لَا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا بِمَهْرِهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا لَوْ فَسَخَتْ لَسَقَطَ الْمَهْرُ فَيَضِيقُ الثُّلُثُ عَنْ الْوَفَاءِ بِعِتْقِهَا فَلَا تَعْتِقُ كُلُّهَا فَلَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ، وَلَا يُحْتَاجُ فِي هَذَا الْفَسْخِ لِحَاكِمٍ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ، وَلَوْ ادَّعَتْ أَنَّ سَيِّدَهَا أَعْتَقَهَا فَأَنْكَرَ، فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهَا الزَّوْجُ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا خِيَارٌ، وَإِنْ صَدَّقَهَا ثَبَتَ كَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ) أَيْ خِيَارَ الْعِتْقِ (عَلَى الْفَوْرِ) كَمَا فِي خِيَارِ الْعَيْبِ فِي رَدِّ الْمَبِيعِ. وَالثَّانِي: يَمْتَدُّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ حِينِ عِلْمِهَا بِالْعِتْقِ؛ لِأَنَّهَا مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ فَتَتَرَوَّى فِيهَا، وَقِيلَ: تَبْقَى مَا لَمْ يَمَسَّهَا مُخْتَارَةً أَوْ تُصَرِّحُ بِإِسْقَاطِهِ، وَاخْتَارَ هَذَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالسُّبْكِيُّ.
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْمُكَلَّفَةِ. أَمَّا غَيْرُهَا فَإِنَّهُ يُؤَخَّرُ إلَى تَكْلِيفِهَا جَزْمًا وَلَا يَخْتَارُ الْوَلِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute