فَإِنْ قَالَتْ جَهِلْت الْعِتْقَ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا إنْ أَمْكَنَ: بِأَنْ كَانَ الْمُعْتِقُ غَائِبًا، وَكَذَا إنْ قَالَتْ جَهِلْت الْخِيَارَ بِهِ فِي الْأَظْهَرِ، فَإِنْ فَسَخَتْ قَبْلَ وَطْءٍ فَلَا مَهْرَ، وَبَعْدَهُ بِعِتْقٍ بَعْدَهُ وَجَبَ الْمُسَمَّى، أَوْ قَبْلَهُ فَمَهْرُ مِثْلٍ، وَقِيلَ الْمُسَمَّى،
ــ
[مغني المحتاج]
شَيْئًا، وَفِي غَيْرِ الْمُطَلَّقَةِ رَجْعِيًّا. أَمَّا لَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا ثُمَّ عَتَقَتْ فِي الْعِدَّةِ، فَإِنَّ لَهَا الْفَسْخَ فِي الْحَالِ وَلَهَا التَّأْخِيرُ، وَلَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا فَقَدْ لَا يُرَاجِعُهَا فَتَبِينُ بِالطَّلَاقِ (فَإِنْ قَالَتْ: جَهِلْت الْعِتْقَ) بَعْدَ تَأْخِيرِهَا الْفَسْخَ وَهِيَ مُرِيدَةٌ لَهُ (صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا إنْ أَمْكَنَ) دَعْوَى جَهْلِهَا ذَلِكَ (بِأَنْ كَانَ الْمُعْتِقُ غَائِبًا) وَقْتَ الْعِتْقِ أَوْ كَانَتْ فِي مَحَلَّةٍ أُخْرَى عَنْ الْبَلَدِ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ عِلْمِهَا، وَظَاهِرُ الْحَالِ يُصَدِّقُهَا، فَإِنْ كَذَّبَهَا ظَاهِرُ الْحَالِ كَأَنْ كَانَتْ مَعَهُ فِي بَيْتِهِ فَالْمُصَدَّقُ الزَّوْجُ.
تَنْبِيهٌ: عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ كَالرَّوْضَةِ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا إنْ لَمْ يُكَذِّبْهَا ظَاهِرُ الْحَالِ، وَهِيَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْإِمْكَانَ مَوْجُودٌ فِي الْحَالَيْنِ، وَذَكَرَ الْمُحَرَّرُ حُكْمَ الطَّرَفَيْنِ حَيْثُ قَالَ: وَإِلَّا فَالْمُصَدَّقُ الزَّوْجُ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَحَدَهُمَا وَاكْتَفَى بِمَفْهُومِهِ عَنْ الْآخَرِ، وَذَلِكَ لَا يَكْفِي فِي الِاخْتِصَارِ (وَكَذَا) تُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا (إنْ قَالَتْ جَهِلْت الْخِيَارَ بِهِ) أَيْ الْعِتْقِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى عَلَى غَالِبِ النَّاسِ، وَالثَّانِي يَمْنَعُ ذَلِكَ وَيُبْطِلُ خِيَارَهَا.
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِيمَنْ يُحْتَمَلُ صِدْقُهَا وَكَذِبُهَا. أَمَّا مَنْ عُلِمَ صِدْقُهَا كَالْعَجَمِيَّةِ فَقَوْلُهَا مَقْبُولٌ قَطْعًا أَوْ عُلِمَ كَذِبُهَا بِأَنْ كَانَتْ تُخَالِطُ الْفُقَهَاءَ وَتَعْرِفُ مِنْهُمْ ذَلِكَ فَقَوْلُهَا غَيْرُ مَقْبُولٍ قَطْعًا، وَلَوْ عَلِمَتْ أَصْلَ الْخِيَارِ وَادَّعَتْ الْجَهْلَ بِفَوْرِيَّتِهِ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهَا أَوْ لَا؟ . قَالَ الرَّافِعِيُّ: لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِهَذِهِ الصُّورَةِ فِي كُتُبِ الْأَصْحَابِ، وَالْوَجْهُ الْقَوْلُ بِعَدَمِ تَصْدِيقِهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ قَدِيمَةَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَنْ عَرَفَ الْخِيَارَ عَلِمَ فَوْرِيَّتَهُ، وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَبُولُهَا فِي ذَلِكَ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْعَيْبِ وَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَنَفْيِ الْوَلَدِ وَغَيْرِهَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا وَجْهَ لِكَوْنِ الْخِيَارِ عَلَى الْفَوْرِ لِأَنَّهُ مِمَّا أَشْكَلَ عَلَى الْعُلَمَاءِ، فَعَلَى هَذِهِ الْمَرْأَةِ أَوْلَى (فَإِنْ فَسَخَتْ) مَنْ عَتَقَتْ تَحْتَ رَقِيقٍ النِّكَاحَ (قَبْلَ وَطْءٍ فَلَا مَهْرَ) وَلَا مُتْعَةَ، وَإِنْ كَانَ حَقًّا لِلسَّيِّدِ لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ جِهَتِهَا، وَلَيْسَ لِسَيِّدِهَا مَنْعُهَا مِنْ الْفَسْخِ لِخُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ وَلِمَا يَلْحَقُهَا مِنْ الضَّرَرِ مَعَ الْبَقَاءِ أَوْ فَسَخَتْ (بَعْدَهُ بِعِتْقٍ بَعْدَهُ) أَيْ الْوَطْءِ السَّابِقِ عِتْقَهَا (وَجَبَ الْمُسَمَّى) لِاسْتِقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ (أَوْ) بِعِتْقٍ (قَبْلَهُ) بِأَنْ لَمْ تَعْلَمْ بِعِتْقِهَا إلَّا بَعْدَ التَّمْكِينِ مِنْ وَطْئِهَا (فَمَهْرُ مِثْلٍ) لِاسْتِنَادِ الْفَسْخِ إلَى وَقْتِ وُجُوبِ سَبَبِهِ وَهُوَ الْعِتْقُ السَّابِقُ لِلْوَطْءِ فَصَارَ كَالْوَطْءِ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ (وَقِيلَ) يَجِبُ (الْمُسَمَّى) لِتَقَرُّرِهِ بِالْوَطْءِ قَبْلَ الْعِلْمِ، فَإِنْ عَتَقَتْ مَعَ الْوَطْءِ أَوْ فَسَخَتْ مَعَهُ بِعِتْقٍ قَبْلَهُ، فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ.
تَنْبِيهٌ: مَهْرُهَا لِسَيِّدِهَا سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُسَمَّى أَمْ مَهْرَ الْمِثْلِ فَسَخَتْ أَوْ اخْتَارَتْ الْمُقَامَ مَعَهُ، وَجَرَى فِي الْعَقْدِ تَسْمِيَةٌ صَحِيحَةٌ أَوْ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْعَقْدِ، فَإِنْ كَانَتْ مُفَوَّضَةً بِأَنْ زَوَّجَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute