للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَجُوزُ مَا عَلَى أَرْضٍ وَبِسَاطٍ وَمِخَدَّةٍ.

ــ

[مغني المحتاج]

مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ: «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ» وَلِأَنَّهَا شَبِيهَةٌ بِالْأَصْنَامِ.

تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَحْرِيمُ دُخُولِ الْبَيْتِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى هَذِهِ الصُّوَرِ، وَكَلَامُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ عَدَمِ تَحْرِيمِهِ حَيْثُ قَالَ: وَهَلْ دُخُولُ الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ الْمَصْنُوعَةُ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ؟ وَجْهَانِ، وَبِالتَّحْرِيمِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَبِالْكَرَاهَةِ قَالَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ وَالصَّيْدَلَانِيّ، وَرَجَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ اهـ.

وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُمْ مَالُوا إلَى الْكَرَاهَةِ، وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ، وَلَكِنْ حَكَى فِي الْبَيَانِ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ التَّحْرِيمَ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الدُّخُولِ غَيْرُ الْحُضُورِ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَكَصُوَرِ الْحَيَوَانِ فِي ذَلِكَ فُرُشُ الْحَرِيرِ كَمَا يُومِئُ إلَيْهِ كَلَامُ الرَّوْضَةِ، وَخَرَجَ بِكَوْنِ الصُّورَةِ فِي مَوْضِعِ الدَّعْوَةِ، إذَا كَانَتْ فِي الْمَمَرِّ، فَلَا بَأْسَ بِدُخُولِ الْحَمَّامِ الَّذِي عَلَى بَابِهِ صُوَرٌ كَمَا فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ، وَبِالْوِسَادَةِ الْمَنْصُوبَةِ غَيْرُ الْمَنْصُوبَةِ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ التَّجْوِيزُ فِي الْمِخَدَّةِ، وَالْوِسَادَةُ وَالْمِخَدَّةُ لَفْظَانِ مُتَرَادِفَانِ، وَجُمِعَ بَيْنَ كَلَامِهِ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْجَوَازِ فِي الْمِخَدَّةِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي يُتَّكَأُ عَلَيْهَا، وَبِالْمَنْعِ فِي الْوِسَادَةِ الْكَبِيرَةِ الْمَنْصُوبَةِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَتَعْبِيرُ الْكِتَابِ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ عِنَايَةً بِهِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَثَوْبٌ مَلْبُوسٌ يَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ مُنْكَرًا فِي حَالِ كَوْنِهِ مَلْبُوسًا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَا يُرَادُ لِلُّبْسِ، سَوَاءٌ كَانَ مَلْبُوسًا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ أَمْ مُعَلَّقًا أَمْ مَوْضُوعًا عَلَى الْأَرْضِ اهـ.

وَالْأَوْجَهُ مَا فِي الْكِتَابِ.

فَائِدَةٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ صُورَةِ الْحَيَوَانِ لُعَبُ الْبَنَاتِ فَلَا تَحْرُمُ كَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِلْقَاضِي عِيَاضٍ فِي نَقْلِهِ ذَلِكَ عَنْ الْعُلَمَاءِ: «وَلِأَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - كَانَتْ تَلْعَبُ بِهَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَحِكْمَتُهُ تَدْرِيبُهُنَّ أَمْرَ التَّرْبِيَةِ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ مَا تَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الشُّرُوطِ أَكْثَرُ مِمَّا ذَكَرَهُ، وَالْمَرْأَةُ إنْ دَعَتْ نِسَاءً فَكَمَا فِي الرِّجَالِ (وَيَجُوزُ مَا) أَيْ صُورَةُ حَيَوَانٍ كَائِنَةٌ (عَلَى أَرْضٍ وَبِسَاطٍ) يُوطَأُ (وَمِخَدَّةٍ) يُتَّكَأُ عَلَيْهَا وَآنِيَةٍ تُمْتَهَنُ الصُّوَرُ بِاسْتِعْمَالِهَا كَطَبَقٍ وَخِوَانٍ وَقَصْعَةٍ، وَالضَّابِطُ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَتْ الصُّورَةُ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا يُهَانُ جَازَ وَإِلَّا فَلَا، لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ وَقَدْ سَتَرَتْ عَلَى صُفَّةٍ لَهَا سِتْرًا فِيهِ الْخَيْلُ ذَوَاتُ الْأَجْنِحَةِ فَأَمَرَ بِنَزْعِهَا» وَفِي رِوَايَةٍ: «قَطَعْنَا مِنْهَا وِسَادَةً أَوْ وِسَادَتَيْنِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْتَفِقُ بِهِمَا» كَذَا اسْتَدَلُّوا بِهِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ يُحْتَمَلُ كَوْنُ الْقَطْعِ فِي مَوْضِعِ الصُّورَةِ فَزَالَتْ وَجُعِلَتْ وِسَادَةً اهـ.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>