وَتَسْتَحِقُّ الْقَسْمَ مَرِيضَةٌ وَرَتْقَاءُ وَحَائِضٌ وَنُفَسَاءُ، لَا نَاشِزَةٌ.
فَإِنْ لَمْ يَنْفَرِدْ بِمَسْكَنٍ دَارَ عَلَيْهِنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ، وَإِنْ انْفَرَدَ فَالْأَفْضَلُ الْمُضِيُّ
ــ
[مغني المحتاج]
وَاحِدٍ إذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا عُذْرٌ فِي الِانْفِرَادِ، سِيَّمَا إذَا عَرَفَ حِرْصَهَا عَلَى ذَلِكَ.
ثُمَّ شَرَعَ فِيمَنْ يَسْتَحِقُّ الْقَسْمَ وَمَنْ لَا يَسْتَحِقُّهُ، فَقَالَ: (وَيَسْتَحِقُّ الْقَسْمَ مَرِيضَةٌ) وَقَرْنَاءُ (وَرَتْقَاءُ وَحَائِضٌ وَنُفَسَاءُ) وَمَنْ آلَى مِنْهَا أَوْ ظَاهَرَ وَمُحْرِمَةٌ وَمَجْنُونَةٌ لَا يَخَافُ مِنْهَا. قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَكَذَا كُلُّ مَنْ بِهَا عُذْرٌ شَرْعِيٌّ أَوْ طَبِيعِيٌّ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْأُنْسُ لَا الِاسْتِمْتَاعُ. أَمَّا الْمَجْنُونَةُ الَّتِي يَخَافُ مِنْهَا وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهَا نُشُوزٌ وَهِيَ مُسَلِّمَةٌ لَهُ فَلَا يَجِبُ لَهَا قَسْمٌ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَإِنْ اسْتَحَقَّتْ النَّفَقَةَ، فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَوْلِنَا: وَضَابِطُ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْقَسْمَ كُلُّ مَنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا وَلَمْ تَكُنْ مُطَلَّقَةً لِتَخْرُجَ الرَّجْعِيَّةُ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْمَرِيضَةِ الْقَسْمَ مَا لَوْ سَافَرَ بِنِسَائِهِ فَتَخَلَّفَتْ وَاحِدَةٌ لِمَرَضٍ فَلَا قَسْمَ لَهَا وَإِنْ كَانَتْ تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ كَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ تَصْرِيحِ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَقَرَّهُ. وَضَابِطُ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهُ كُلُّ امْرَأَةٍ لَا نَفَقَةَ لَهَا فَلَا تَسْتَحِقُّهُ أَمَةٌ لَمْ تُسَلِّمْ لِلزَّوْجِ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَلَا الصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ، وَلَا الْمَحْبُوسَةُ، وَلَا الْمَغْصُوبَةُ، وَ (لَا نَاشِزَةٌ) بِخُرُوجِهَا عَنْ طَاعَةِ زَوْجِهَا كَأَنْ خَرَجَتْ مِنْ مَسْكَنِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، أَوْ لَمْ تَفْتَحْ لَهُ الْبَابَ لِيَدْخُلَ، أَوْ لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ نَفْسِهَا بِلَا عُذْرٍ لَهَا كَمَرَضٍ وَإِلَّا فَهِيَ عَلَى حَقِّهَا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، أَوْ دَعَاهَا فَاشْتَغَلَتْ بِحَاجَتِهَا، أَوْ ادَّعَتْ الطَّلَاقَ، وَفِي مَعْنَى النَّاشِزِ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ شُبْهَةٍ لِتَحْرِيمِ الْخَلْوَةِ بِهَا، وَنُشُوزُ الْمَجْنُونَةِ كَالْعَاقِلَةِ لَكِنَّهَا لَا تَأْثَمُ.
وَضَابِطُ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَسْمُ: كُلُّ زَوْجٍ عَاقِلٍ وَلَوْ سَكْرَانَ أَوْ سَفِيهًا أَوْ مُرَاهِقًا، فَإِنْ جَارَ أَوْ تَقَطَّعَ وَلَمْ يَنْضَبِطْ فَلَا يَلْزَمُ الْوَلِيَّ الطَّوَافُ بِهِ عَلَيْهِنَّ، سَوَاءٌ أَمِنَ مِنْهُ الضَّرَرَ أَمْ لَا، إلَّا إنْ طُولِبَ بِقَضَاءِ قَسْمٍ وَقَعَ مِنْهُ، أَوْ كَانَ الْجِمَاعُ يَنْفَعُهُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ، أَوْ مَالَ إلَيْهِ بِمَيْلِهِ إلَى النِّسَاءِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَطُوفَ بِهِ عَلَيْهِنَّ أَوْ يَدْعُوَهُنَّ إلَى مَنْزِلِهِ أَوْ يَطُوفَ بِهِ عَلَى بَعْضِهِنَّ، وَيَدْعُوَ بَعْضَهُنَّ إذَا كَانَ ثَمَّ عُذْرٌ بِحَسَبِ مَا يَرَى.
وَإِذَا قَسَمَ لِوَاحِدَةٍ فِي الْجُنُونِ وَأَفَاقَ فِي نَوْبَةِ الْأُخْرَى اُنْتُظِرَتْ إفَاقَةُ الْأُخْرَى وَقَضَى فِيهَا إقَامَتَهُ عِنْدَ تِلْكَ فِي الْجُنُونِ، فَإِنْ ضَرَّهُ الْجِمَاعُ بِقَوْلِهِمْ وَجَبَ عَلَى وَلِيِّهِ مَنْعُهُ مِنْهُ، فَإِنْ تَقَطَّعَ الْجُنُونُ وَانْضَبَطَ كَيَوْمٍ وَيَوْمٍ قَسَمَ بِنَفْسِهِ أَيَّامَ الْإِفَاقَةِ وَيَلْغُو أَيَّامُ الْجُنُونِ كَأَيَّامِ الْغَيْبَةِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: يُرَاعَى الْقَسْمُ فِي أَيَّامِ الْإِفَاقَةِ وَيُرَاعِيهِ الْوَلِيُّ فِي أَيَّامِ الْجُنُونِ وَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نَوْبَةٌ مِنْ هَذِهِ وَنَوْبَةٌ مِنْ هَذِهِ، وَهَذَا حَسَنٌ، وَأَطْلَقَ الْمَحَامِلِيُّ عَنْ الْأُمِّ أَنَّ عَلَى الْمَحْبُوسِ الْقَسْمَ، وَأَنَّ مَنْ امْتَنَعَتْ مِنْ إتْيَانِهِ سَقَطَ حَقُّهَا مِنْهُ. وَقَالَ الْعِمْرَانِيُّ: إنْ أَمْكَنَ أَنْ يَأْوِينَ مَعَهُ فِيهِ فَهُنَّ عَلَى حَقِّهِنَّ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَصْلُحَ لِلسُّكْنَى. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِنْ لَمْ يُمْكِنُهُنَّ لِكَثْرَةِ مَنْ مَعَهُ مِنْ الرِّجَالِ هُنَاكَ أَوْ مُنِعَ مِنْ النِّسَاءِ سَقَطَ الْقَسْمُ، وَالْأَوَّلُ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ.
وَلَوْ حَبَسَتْهُ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ عَلَى حَقِّهَا فَلَيْسَ لِلْأُخْرَى أَنْ تَبِيتَ مَعَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ لِئَلَّا يَتَّخِذَ الْحَبْسَ مَسْكَنًا.
(فَإِنْ لَمْ يَنْفَرِدْ) الزَّوْجُ عَنْ نِسَائِهِ (بِمَسْكَنٍ) لَهُ (دَارَ) وُجُوبًا (عَلَيْهِنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ) تَوْفِيَةً لِحَقِّ الْقَسْمِ (وَإِنْ انْفَرَدَ) بِمَسْكَنٍ (فَالْأَفْضَلُ الْمُضِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute