إلَيْهِنَّ، وَلَهُ دُعَاؤُهُنَّ، وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ ذَهَابِهِ إلَى بَعْضٍ وَدُعَاءِ بَعْضٍ، إلَّا لِغَرَضٍ كَقُرْبِ مَسْكَنِ مَنْ مَضَى إلَيْهَا أَوْ خَوْفٍ عَلَيْهَا.
وَيَحْرُمُ أَنْ يُقِيمَ بِمَسْكَنِ وَاحِدَةٍ وَيَدْعُوهُنَّ إلَيْهِ.
وَأَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ ضَرَّتَيْنِ فِي مَسْكَنٍ إلَّا بِرِضَاهُمَا.
ــ
[مغني المحتاج]
إلَيْهِنَّ) اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصِيَانَةً لَهُنَّ عَنْ الْخُرُوجِ (وَلَهُ دُعَاؤُهُنَّ) إلَى مَسْكَنِهِ وَعَلَيْهِنَّ الْإِجَابَةُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لَهُ، وَمَنْ امْتَنَعَتْ مِنْهُنَّ فَهِيَ نَاشِزَةٌ أَيْ حَيْثُ لَا عُذْرَ، فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ وَنَحْوِهِ عُذِرَتْ وَبَقِيَتْ عَلَى حَقِّهَا، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ: إنْ مَنَعَهَا مَرَضٌ عَلَيْهِ أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهَا مَنْ يَحْمِلُهَا إلَيْهِ وَجُمِعَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى الْمَرَضِ الْمَعْجُوزِ مَعَهُ عَنْ الرُّكُوبِ. وَالثَّانِي عَلَى غَيْرِهِ، وَاسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ مَا إذَا كَانَتْ ذَاتَ قَدْرٍ وَخَفَرٍ وَلَمْ تَعْتَدِ الْبُرُوزَ فَلَا تَلْزَمُهَا إجَابَتُهُ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَقْسِمَ لَهَا فِي بَيْتِهَا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ حَسَنٌ وَإِنْ اسْتَغْرَبَهُ الرُّويَانِيُّ. وَأَمَّا الْمَطَرُ وَالْوَحْلُ الشَّدِيدَانِ وَنَحْوُهَا، فَإِنْ بَعَثَ لَهَا مَرْكُوبًا وَوِقَايَةً مِنْ الْمَطَرِ فَلَا عُذْرَ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عُذْرًا، وَيَخْتَلِفُ هَذَا بِاخْتِلَافِ النَّاسِ (وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ ذَهَابِهِ إلَى بَعْضٍ) مِنْ نِسَائِهِ (وَدُعَاءِ بَعْضٍ) مِنْهُنَّ لِمَسْكَنِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْوَحْشَةِ، وَلِمَا فِي تَفْضِيلِ بَعْضِهِنَّ عَلَى بَعْضٍ مِنْ تَرْكِ الْعَدْلِ. وَالثَّانِي: لَا كَمَا لَهُ الْمُسَافَرَةُ بِبَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ، وَهَذَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْإِمْلَاءِ، وَقَطَعَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ.
وَأَجَابَ مَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُمْ الْأَقَلُّونَ عَنْ الْقِيَاسِ عَلَى الْمُسَافَرَةِ بِأَنَّهَا تَكُونُ بِالْقُرْعَةِ، وَهِيَ تَدْفَعُ الْوَحْشَةَ وَإِنْ أَقْرَعَ هُنَا. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ، وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِقَوْلِهِ: يَنْبَغِي الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ أَنْ يُحْمَلَ النَّصُّ عَلَى مَا إذَا كَانَ ثَمَّ عُذْرٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (إلَّا لِغَرَضٍ كَقُرْبِ مَسْكَنِ مَنْ مَضَى إلَيْهَا) دُونَ الْأُخْرَى (أَوْ خَوْفٍ عَلَيْهَا) لِكَوْنِهَا جَمِيلَةً مَثَلًا دُونَ غَيْرِهَا لِكَوْنِهَا دَمِيمَةً أَوْ حَصَلَ تَرَاضٍ أَوْ قُرْعَةٌ كَمَا مَرَّ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ، وَيَلْزَمُ مَنْ دَعَاهَا الْإِجَابَةُ، فَإِنْ أَبَتْ بَطَلَ حَقُّهَا.
(وَيَحْرُمُ أَنْ يُقِيمَ بِمَسْكَنِ وَاحِدَةٍ) مِنْهُنَّ (وَيَدْعُوهُنَّ) أَيْ مَنْ بَقِيَ مِنْهُنَّ (إلَيْهِ) لِأَنَّ إتْيَانَ بَيْتِ الضَّرَّةِ شَاقٌّ عَلَى النَّفْسِ، وَلَا يَلْزَمُهُنَّ الْإِجَابَةُ، فَإِنْ أَجَبْنَ فَلِصَاحِبَةِ الْبَيْتِ الْمَنْعُ، وَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ مِلْكَ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ حَقَّ السُّكْنَى فِيهِ لَهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ دَاوُد.
تَنْبِيهٌ: التَّعْبِيرُ بِالْإِقَامَةِ يَقْتَضِي الدَّوَامَ، وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَلَوْ مَكَثَ أَيَّامًا لَا عَلَى نِيَّةِ الْإِقَامَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ رَضِينَ كُلُّهُنَّ بِذَلِكَ جَازَ، وَلَوْ قَالَ: إلَّا بِرِضَاهُنَّ كَالَّتِي بَعْدَهَا لَكَانَ أَوْلَى.
(وَ) يَحْرُمُ (أَنْ يَجْمَعَ) وَلَوْ لَيْلَةً وَاحِدَةً (بَيْنَ ضَرَّتَيْنِ) فَأَكْثَر (فِي مَسْكَنٍ) أَيْ بَيْتٍ وَاحِدٍ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّبَاغُضِ (إلَّا بِرِضَاهُمَا) فَيَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا، وَلَوْ رَجَعَا بَعْدَ الرِّضَا كَانَ لَهُمَا ذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ: التَّعْبِيرُ بِالْمَسْكَنِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِي السَّفَرِ إفْرَادُ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِخَيْمَةٍ وَمَرَافِقٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا فِي إيجَابِ ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ بِالزَّوْجِ، وَضَرَرُ الزَّوْجَاتِ لَا يَتَأَبَّدُ فَيُحْتَمَلُ، وَإِذَا رَضِيَتَا بِالْبَيْتِ الْوَاحِدِ. قَالَ الشَّيْخَانِ: كُرِهَ أَنْ يَطَأَ إحْدَاهُمَا بِحَضْرَةِ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُ بَعِيدٌ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute