لَا فِي وِلَادَتِهَا فِي الْأَصَحِّ. وَلَا تُصَدَّقُ فِيهِ فِي تَعْلِيقِ غَيْرِهَا.
وَلَوْ قَالَ إنْ حِضْتُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَزَعَمَتَاهُ وَكَذَّبَهُمَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَلَمْ يَقَعْ،
ــ
[مغني المحتاج]
الْحُكْمُ فِيمَا لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهَا كَالْحُبِّ وَالْبُغْضِ وَالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا حَلَفَتْ لِلتُّهْمَةِ؛ لِأَنَّهَا تَتَخَلَّصُ بِهِ مِنْ النِّكَاحِ، أَمَّا إذَا صَدَّقَهَا الزَّوْجُ فَلَا تَحْلِيفَ (لَا فِي وِلَادَتِهَا) إنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِهَا كَإِنْ وَلَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَتْ: وَلَدْت وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ، وَقَالَ: هَذَا الْوَلَدُ مُسْتَعَارٌ مَثَلًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ يَتَعَذَّرُ أَيْ يَتَعَسَّرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَإِنْ شُوهِدَ الدَّمُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ دَمَ اسْتِحَاضَةٍ، كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَا، لَكِنَّ الْمَنْقُولَ فِي الشَّهَادَاتِ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ الْجَزْمُ بِقَبُولِ الشَّهَادَةِ بِالْحَيْضِ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفِ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَقَدْ يُقَالُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي إنَّهُ لَا تَعَارُضَ، لِأَنَّ مَا هُنَا ثُبُوتُ حَيْضٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ، وَذَلِكَ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ النِّسْوَةِ بِالْحَيْضِ، وَمَا هُنَاكَ ثُبُوتُ حَيْضٍ بِشَهَادَةِ نِسْوَةٍ فَلَا تَعَارُضَ. وَالثَّانِي وَعَلَيْهِ جَمْعٌ: تُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ فِي رَحِمِهَا حَيْضًا وَطُهْرًا أَوْ وَضْعَ حَمْلٍ فِي الْعِدَّةِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨] .
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِهِ، أَمَّا فِي لُحُوقِ الْوَلَدِ بِهِ فَلَا تُصَدَّقُ قَطْعًا كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي شَرْحِ الْفُرُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ، بَلْ يُعْتَبَرُ تَصْدِيقُهُ أَوْ شَهَادَةُ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ ثِقَاتٍ (وَلَا تُصَدَّقُ فِيهِ) أَيْ الْحَيْضِ (فِي تَعْلِيقِ) طَلَاقِ (غَيْرِهَا) عَلَى حَيْضِهَا كَإِنْ حِضْت فَضَرَّتُك طَالِقٌ، فَقَالَتْ: حِضْت وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى تَصْدِيقِهَا بِغَيْرِ يَمِينٍ، وَإِذَا حَلَفَتْ لَزِمَ الْحُكْمُ لِلْإِنْسَانِ بِيَمِينِ غَيْرِهِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ.
تَنْبِيهٌ: اعْتَرَضَ عَلَى هَذَا ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ بِلَا يَمِينٍ وَيَقْضِي بِذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ زَيْدٌ، فَقَالَ: شِئْت فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ اهـ.
وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْحَيْضِ بِخِلَافِ الْمَشِيئَةِ، وَهَذَا الْفَرْقُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِقَبُولِ الشَّهَادَةِ بِالْحَيْضِ، وَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ فِيهِ، وَأَيْضًا إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمَشِيئَةِ مُمْكِنٌ، فَإِنَّ الْمَشِيئَةَ يُشْتَرَطُ فِيهَا اللَّفْظُ كَمَا سَيَأْتِي، فَهَذَا الْفَرْقُ مَمْنُوعٌ، وَالْإِشْكَالُ أَيْضًا مَمْنُوعٌ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ لَهُ أَوْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، فَقَوْلُهُ: قَدْ وَقَعَتْ مِنِّي الْمَشِيئَةُ، فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الزَّوْجُ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ لَمْ يَقَعْ بِهِ طَلَاقٌ.
(وَلَوْ) عَلَّقَ طَلَاقَ كُلٍّ مِنْ زَوْجَتَيْهِ بِحَيْضِهِمَا مَعًا كَأَنْ (قَالَ) لَهُمَا (إنْ حِضْتُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَزَعَمَتَاهُ) أَيْ الْحَيْضَ وَصَدَّقَهُمَا الزَّوْجُ فِيهِ طَلُقَتَا لِوُجُودِ الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا بِاعْتِرَافِهِ (وَ) إنْ (كَذَّبَهُمَا) فِيمَا زَعَمَتَاهُ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَلَمْ يَقَعْ) طَلَاقُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَيْضِ وَبَقَاءُ النِّكَاحِ. نَعَمْ إنْ أَقَامَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِحَيْضِهَا وَقَعَ، صَرَّحَ بِهِ فِي الشَّامِلِ، وَتَوَقَّفَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِنَّ، وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ: إنَّهُ لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِوِلَادَتِهَا فَشَهِدَ بِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute