وَإِنْ كَذَّبَ وَاحِدَةً طَلُقَتْ فَقَطْ.
وَلَوْ قَالَ إنْ أَوْ إذَا أَوْ مَتَى طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا فَطَلَّقَهَا
ــ
[مغني المحتاج]
النِّسْوَةُ لَا يَقَعُ، وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ: إنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ الْحَيْضُ، وَإِذَا ثَبَتَ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ مَمْنُوعٌ، إذْ لَوْ صَحَّ مَا ذَكَرَهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عَلَى الْوِلَادَةِ إذَا ثَبَتَ بِشَهَادَتِهِنَّ وَلَمْ يَقَعْ (وَإِنْ كَذَّبَ وَاحِدَةً) مِنْهُمَا فَقَطْ (طَلُقَتْ) أَيْ الْمُكَذَّبَةُ (فَقَطْ) إنْ حَلَفَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ لِثُبُوتِ حَيْضِهَا بِيَمِينِهَا وَحَيْضِ ضَرَّتِهَا بِتَصْدِيقِ الزَّوْجِ، وَلَا تَطْلُقُ الْمُصَدَّقَةُ إذْ لَمْ يَثْبُتْ حَيْضُ ضَرَّتِهَا إلَّا بِيَمِينِهَا، وَالْيَمِينُ لَا تُؤَثِّرُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْحَالِفِ كَمَا مَرَّ، وَتَطْلُقُ الْمُكَذِّبَةُ فَقَطْ بِلَا يَمِينٍ فِي قَوْلِهِ لَهُمَا: مَنْ حَاضَتْ مِنْكُمَا فَصَاحِبَتُهَا طَالِقٌ وَادَّعَيَاهُ وَصَدَّقَ إحْدَاهُمَا وَكَذَّبَ الْأُخْرَى لِثُبُوتِ حَيْضِ الْمُصَدَّقَةِ بِتَصْدِيقِ الزَّوْجِ.
تَنْبِيهٌ: عَطْفُهُ زَعَمَتَاهُ بِالْفَاءِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُمَا لَوْ قَالَتَا فَوْرًا حِضْنَا يُقْبَلَانِ، وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ حَيْضٍ مُسْتَأْنَفٍ، وَهُوَ يَسْتَدْعِي زَمَنًا، وَيُشْعِرُ أَيْضًا بِاسْتِعْمَالِ الزَّعْمِ فِي الْقَوْلِ الصَّحِيحِ، وَالْأَكْثَرُ اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّتِهِ أَوْ أُقِيمَ عَلَى خِلَافِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} [التغابن: ٧] .
فُرُوعٌ: لَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ: إنْ حِضْتُمَا حَيْضَةً فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ، فَقِيلَ: لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِمَا طَلَاقٌ لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَحِيضَا حَيْضَةً وَاحِدَةً، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُمَا إذَا حَاضَتَا طَلُقَتَا بِحَيْضِهِمَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِحَالَةَ نَشَأَتْ مِنْ قَوْلِهِ: حَيْضَةً فَتُلْغَى وَيَبْقَى التَّعْلِيقُ بِمُجَرَّدِ حَيْضِهِمَا فَتَطْلُقَانِ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ كَمَا مَرَّ.
وَلَوْ قَالَ: إنْ وَلَدْتُمَا وَلَدًا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ فَفِيهِ هَذَا الْخِلَافُ. أَمَّا إذَا قَالَ: وَلَدًا وَاحِدًا أَوْ حَيْضَةً وَاحِدَةً فَهُوَ مُحَالٌ فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ نَصٌّ فِي الْوِحْدَةِ، بِخِلَافِ الْحَيْضَةِ وَالْوَلَدِ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ الْجِنْسَ.
وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ: أَيَّتُكُنَّ حَاضَتْ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ فَقُلْنَ: حِضْنَ، فَإِنْ صَدَّقَهُنَّ طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثَلَاثًا لِأَنَّهُ جَعَلَ حَيْضَ كُلٍّ مِنْهُنَّ صِفَةً لِطَلَاقِ الْبَوَاقِي وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثُ صَوَاحِبَ وَقَدْ حِضْنَ، وَإِنْ كَذَّبَهُنَّ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُنَّ لَا تُصَدَّقُ فِي حَقِّ غَيْرِهَا، وَإِنْ صَدَّقَ وَاحِدَةً طَلُقَتْ الْمُكَذَّبَاتُ طَلْقَةً طَلْقَةً؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ صَاحِبَةً ثَبَتَ حَيْضُهَا، وَإِنْ صَدَّقَ اثْنَتَيْنِ طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمُكَذَّبَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَاحِبَتَيْنِ ثَبَتَ حَيْضُهُمَا وَطَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمُصَدَّقَتَيْنِ طَلْقَةً؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ صَاحِبَةً وَوَاحِدَةً ثَبَتَ حَيْضُهَا، وَإِنْ كَذَّبَ وَاحِدَةً فَقَطْ طَلُقَتْ الْمُكَذَّبَةُ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ لَهَا ثَلَاثُ صَوَاحِبَ ثَبَتَ حَيْضُهُنَّ وَطَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمُصَدَّقَاتِ طَلْقَتَيْنِ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ صَاحِبَتَيْنِ ثَبَتَ حَيْضُهُمَا،.
وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ: إنْ حِضْتُنَّ فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ فَقُلْنَ حِضْنَ، فَإِنْ صَدَّقَهُنَّ طَلُقْنَ وَاحِدَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ كَذَّبَهُنَّ لَمْ يُطَلَّقْنَ، وَإِنْ كَذَّبَ وَاحِدَةً وَحَلَفَتْ طَلُقَتْ طَلْقَةً دُونَ الْبَاقِيَاتِ، وَإِنْ كَذَّبَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ. ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْمَسْأَلَةِ الْمَشْهُورَةِ بِالسُّرَيْجِيَّةِ، وَهِيَ الدَّرْوِيَّةُ الْمَنْسُوبَةُ لِابْنِ سُرَيْجٍ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ.
(وَلَوْ قَالَ: إنْ أَوْ إذَا أَوْ مَتَى) أَوْ نَحْوُهُ (طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا فَطَلَّقَهَا) طَلْقَةً أَوْ أَكْثَرَ كَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute