وَقَعَ الْمُنَجَّزُ فَقَطْ، وَقِيلَ ثَلَاثٌ، وَقِيلَ لَا شَيْءَ.
ــ
[مغني المحتاج]
قَالَهُ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ (وَقَعَ الْمُنَجَّزُ فَقَطْ) وَلَا يَقَعُ مَعَهُ الْمُعَلَّقُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ لِزِيَادَتِهِ عَلَى الْمَمْلُوكِ، وَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ لِأَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِهِ، فَوُقُوعُهُ مُحَالٌ بِخِلَافِ وُقُوعِ الْمُنَجَّزِ، إذْ قَدْ يَتَخَلَّفُ الْجَزَاءُ عَنْ الشَّرْطِ بِأَسْبَابٍ، كَمَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ سَالِمٍ بِعِتْقِ غَانِمٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَلَا يَفِي ثُلُثُ مَالِهِ إلَّا بِأَحَدِهِمَا لَا يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا بَلْ يَتَعَيَّنُ عِتْقُ غَانِمٍ، وَشِبْهُ هَذَا مِمَّا لَوْ أَقَرَّ أَخٌ بِابْنِ الْمَيِّتِ ثَبَتَ النَّسَبُ دُونَ الْإِرْثِ، وَلِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمُعَلَّقِ وَالْمُنَجَّزِ مُمْتَنِعٌ، وَوُقُوعُ أَحَدِهِمَا غَيْرُ مُمْتَنِعٍ، وَالْمُنَجَّزُ أَوْلَى بِأَنْ يَقَعَ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُعَلَّقَ يَفْتَقِرُ إلَى الْمُنَجَّزِ وَلَا يَنْعَكِسُ، وَهَذَا الْوَجْهُ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: إنَّهُ أَوْلَى، وَفِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْفَتْوَى بِهِ أَوْلَى، وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّنْبِيهِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ، وَقَالَ: مَنْ نَقَلَ عَنْهُ غَيْرَهُ فَقَدْ وَهَمَ، وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ أَكْثَرِ النَّقَلَةِ (وَقِيلَ) وَقَعَ (ثَلَاثٌ) وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَصَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ وُقُوعِ الثَّلَاثِ عَلَى وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ تَقَعُ الطَّلْقَةُ الْمُنَجَّزَةُ وَطَلْقَتَانِ مِنْ الثَّلَاثِ الْمُعَلَّقَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَتْ الْمُنَجَّزَةُ حَصَلَ شَرْطُ وُقُوعِ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثٍ فَيَقَعُ مِنْ الْمُعَلَّقِ تَمَامُ الثَّلَاثِ، وَعَلَى هَذَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَدْخُولًا بِهَا؛ لِأَنَّ وُقُوعَ طَلْقَتَيْنِ بَعْدَ طَلْقَةٍ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا فِي الْمَدْخُولِ بِهَا، وَالثَّانِي: يَقَعُ الثَّلَاثُ الْمُعَلَّقَةُ وَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ قَالَ: مَتَى تَلَفَّظْت بِأَنَّك طَالِقٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا، وَزَيَّفَهُ الْإِمَامُ، وَعَلَى هَذَا سَوَاءٌ الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا (وَقِيلَ: لَا شَيْءَ) يَقَعُ لَا الْمُنَجَّزُ وَلَا الْمُعَلَّقُ، لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الْمُنَجَّزُ لَوَقَعَ قَبْلَهُ بِحُكْمِ التَّعْلِيقِ، وَلَوْ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ، وَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْأَكْثَرُونَ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إيرَادُ الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ، وَنَقَلَاهُ عَنْ رِوَايَةِ صَاحِبِ الْإِفْصَاحِ عَنْ النَّصِّ، وَنَسَبَهُ فِي الْبَحْرِ إلَى جُمْهُورِ الْخُرَاسَانِيِّينَ، وَحَكَاهُ الْإِمَامُ عَنْ الْمُعْظَمِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ كَمَا نَقَلَهُ الْأَكْثَرُونَ عَنْ كِتَابِ الْغُنْيَةِ لَهُ، وَبِهِ اُشْتُهِرَتْ الْمَسْأَلَةُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَرَأَيْتُهُ صَرَّحَ بِهِ فِي كِتَابِ الْوَدَائِعِ، لَكِنْ فِي كِتَابِ الزِّيَادَاتِ لَهُ أَنْ يَقَعَ الْمُنَجَّزُ، وَهَذَانِ النَّقْلَانِ سَبَبُ اضْطِرَابِهِمْ فِي النَّقْلِ عَنْهُ، وَمِمَّنْ قَالَ بِعَدَمِ وُقُوعِ شَيْءٍ الْمُزَنِيّ وَابْنُ الْحَدَّادِ وَالْقَفَّالُ وَغَيْرُهُمْ، وَنُقِلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ، أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمَسَائِلِ الْمَنْثُورَةِ، وَنَصَرَهُ السُّبْكِيُّ أَوَّلًا، وَصَنَّفَ فِيهِ تَصْنِيفَيْنِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ وَنَصَرَ الْقَائِلَ بِإِيقَاعِ الثَّلَاثِ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي التَّنْقِيحِ: إذَا كَانَ صَاحِبُ الْمَذْهَبِ قَدْ نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، خُصُوصًا الشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ شَيْخَ الْعِرَاقِيِّينَ، وَالْقَفَّالَ شَيْخَ الْمَرَاوِزَةِ كَانَ هُوَ الصَّحِيحُ. وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: فَكَيْفَ يَسُوغُ الْفَتْوَى بِمَا يُخَالِفُ نَصَّ الشَّافِعِيِّ وَكَلَامَ الْأَكْثَرِينَ اهـ.
وَلَمَّا اخْتَارَ الرُّويَانِيُّ هَذَا الْوَجْهَ قَالَ: لَا وَجْهَ لِتَعْلِيمِ الْعَوَامّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي هَذَا الزَّمَانِ. وَعَنْ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِي عَدَمِ الْوُقُوعِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَإِنْ نُقِلَ عَنْ الْبُلْقِينِيُّ وَالزَّرْكَشِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute