النِّكَاحُ بِنَفْسِهِ، وَلَوْ طَلَّقَ فَجُنَّ فَلِلْوَلِيِّ الرَّجْعَةُ عَلَى الصَّحِيحِ حَيْثُ لَهُ ابْتِدَاءُ النِّكَاحِ.
وَتَحْصُلُ بِرَاجَعْتُك وَرَجَعْتُك وَارْتَجَعْتُك، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الرَّدَّ وَالْإِمْسَاكَ صَرِيحَانِ، وَأَنَّ التَّزْوِيجَ وَالنِّكَاحَ كِنَايَتَانِ،
ــ
[مغني المحتاج]
أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ بِنَفْسِهِ) بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا مُخْتَارًا غَيْرَ مُرْتَدٍّ، لِأَنَّ الرَّجْعَةَ كَإِنْشَاءِ النِّكَاحِ فَلَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ فِي الرِّدَّةِ وَالصِّبَا وَالْجُنُونِ، وَلَا مِنْ مُكْرَهٍ كَمَا لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ فِيهَا.
تَنْبِيهٌ: الِاحْتِرَازُ عَنْ الصَّبِيِّ فِيهِ تَجَوُّزٌ فَإِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُ طَلَاقِهِ حَتَّى يُقَالَ: لَا تَصِحُّ رَجْعَتُهُ، وَتَصِحُّ مِنْ السَّكْرَانِ الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ فَإِنْ قِيلَ: يُرَدُّ عَلَى هَذَا الْمُحْرِمُ فَإِنَّهُ تَصِحُّ رَجْعَتُهُ وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُهُ.
أُجِيبَ بِأَنَّ فِيهِ الْأَهْلِيَّةَ، وَإِنَّ الْإِحْرَامَ مَانِعٌ، وَلِهَذَا لَوْ طَلَّقَ مَنْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ وَأَمَةُ الْأَمَةِ صَحَّتْ رَجْعَتُهُ لَهَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِنِكَاحِهَا؛ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلنِّكَاحِ فِي الْجُمْلَةِ، وَتَصِحُّ مُرَاجَعَةُ الْعَبْدِ وَالسَّفِيهِ بِلَا إذْنٍ وَإِنْ احْتَاجَا فِي النِّكَاحِ إلَيْهِ إذْ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ عَتَقَتْ الرَّجْعِيَّةُ تَحْتَ عَبْدٍ كَانَ لَهُ الرَّجْعَةُ قَبْلَ اخْتِيَارِهَا (وَلَوْ طَلَّقَ فَجُنَّ فَلِلْوَلِيِّ الرَّجْعَةُ عَلَى الصَّحِيحِ حَيْثُ لَهُ ابْتِدَاءُ النِّكَاحِ) بِنَاءً عَلَى جَوَازِ التَّوْكِيلِ فِي الرَّجْعَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَإِنْ قِيلَ: مُقْتَضَى تَعْبِيرِهِ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَيْنِ لِلْأَصْحَابِ مَعَ أَنَّ مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْهُمَا لَيْسَ بِوَجْهٍ بَلْ هُوَ بَحْثٌ لِلرَّافِعِيِّ جَزَمَ بِهِ الْجِيلِيُّ.
أُجِيبَ بِاحْتِمَالِ وُقُوفِ الْمُصَنِّفِ عَلَى نَقْلِ الْوَجْهَيْنِ
ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الثَّانِي وَهُوَ الصِّيغَةُ وَفِي انْقِسَامِهَا إلَى صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ فَقَالَ: (وَتَحْصُلُ) الرَّجْعَةُ مِنْ نَاطِقٍ (بِرَاجَعْتُك وَرَجَعْتُك وَارْتَجَعْتُك) وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ صَرِيحَةٌ لِشُيُوعِهَا وَوُرُودِ الْأَخْبَارِ بِهَا، وَيَلْحَقُ بِهَا كَمَا فِي التَّتِمَّةِ مَا اُشْتُقَّ مِنْ لَفْظِهَا: كَقَوْلِهِ: أَنْتِ مُرَاجَعَةٌ أَوْ مُرْتَجَعَةٌ أَوْ مُسْتَرْجَعَةٌ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَتَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِمَعْنَى هَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَمَا بَعْدَهَا مِنْ سَائِرِ اللُّغَاتِ، سَوَاءٌ أَعَرِفَ الْعَرَبِيَّةَ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ أَضَافَ إلَيْهِ أَوْ إلَى نِكَاحِهِ كَقَوْلِهِ: إلَيَّ أَوْ إلَى نِكَاحِي أَمْ لَا، لَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ.
تَنْبِيهٌ: لَا يَكْفِي مُجَرَّدُ رَاجَعْت أَوْ ارْتَجَعْت أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إضَافَةِ ذَلِكَ إلَى مُظْهَرٍ كَرَاجَعْتُ فُلَانَةَ أَوْ مُضْمَرٍ كَرَاجَعْتُكِ أَوْ مُشَارٍ إلَيْهِ كَرَاجَعْتُ هَذِهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الرَّدَّ وَالْإِمْسَاكَ) كَرَدَدْتُك أَوْ أَمْسَكْتُك، وَفِي لُغَةٍ قَلِيلَةٍ مَسَكْتُك (صَرِيحَانِ) فِي الرَّجْعَةِ أَيْضًا لِوُرُودِهِمَا فِي الْقُرْآنِ قَالَ تَعَالَى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة: ٢٢٨] أَيْ فِي الْعِدَّةِ {إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا} [البقرة: ٢٢٨] أَيْ رَجْعَةً: كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَالَ تَعَالَى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: ٢٣١] وَالثَّانِي أَنَّهُمَا كِنَايَتَانِ لِعَدَمِ اشْتِهَارِهِمَا فِي الرَّجْعَةِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ التَّزْوِيجَ وَالنِّكَاحَ) فِي قَوْلِ الْمُرْتَجِعِ تَزَوَّجْتُك أَوْ نَكَحْتُك (كِنَايَتَانِ) وَإِنْ جُوِّزَ الْعَقْدُ عَلَى صُورَةِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ لِعَدَمِ اشْتِهَارِهِمَا فِي الرَّجْعَةِ، وَلِأَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ لَا يَكُونُ صَرِيحًا فِي غَيْرِهِ كَالطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ وَالثَّانِي: هُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute