للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلْيَقُلْ رَدَدْتهَا إلَيَّ أَوْ إلَى نِكَاحِي وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ فَتَصِحُّ بِكِنَايَةٍ

وَلَا تَقْبَلُ تَعْلِيقًا،

ــ

[مغني المحتاج]

صَرِيحَانِ؛ لِأَنَّهُمَا صَالِحَانِ لِلِابْتِدَاءِ فَلَأَنْ يَصْلُحَا لِلتَّدَارُكِ أَوْلَى (وَلْيَقُلْ) أَيْ الْمُرْتَجِعُ (رَدَدْتهَا إلَيَّ أَوْ إلَى نِكَاحِي) حَتَّى يَكُونَ صَرِيحًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهُ إلَى الْفَهْمِ ضِدُّ الْقَبُولِ، وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ الرَّدُّ إلَى الْأَبَوَيْنِ بِسَبَبِ الْفِرَاقِ فَلَزِمَ تَقْيِيدُهُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ الْبَقِيَّةِ (وَالْجَدِيدُ) وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْأَظْهَرِ (أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ) فِي الرَّجْعَةِ (الْإِشْهَادُ) بِهَا لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ اسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ السَّابِقِ، وَلِذَلِكَ لَا يُحْتَاجُ إلَى الْوَلِيِّ وَرِضَا الْمَرْأَةِ وَالْقَدِيمُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لَا لِكَوْنِهَا بِمَنْزِلَةِ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ، بَلْ لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] أَيْ عَلَى الْإِمْسَاكِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الرَّجْعَةِ.

وَأَجَابَ الْأَوَّلَ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ: كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: ٢٨٢] لِلْأَمْنِ مِنْ الْجُحُودِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْإِشْهَادُ عَلَى النِّكَاحِ لِإِثْبَاتِ الْفِرَاشِ وَهُوَ ثَابِتٌ هُنَا، فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ اُسْتُحِبَّ الْإِشْهَادُ عِنْدَ إقْرَارِهَا بِالرَّجْعَةِ خَوْفَ جُحُودِهَا فَإِنَّ إقْرَارَهُ بِهَا فِي الْعِدَّةِ مَقْبُولٌ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْإِنْشَاءِ وَعَلَى الْجَدِيدِ (فَتَصِحُّ) الرَّجْعَةُ (بِكِنَايَةٍ) وَلِهَذَا أَتَى بِفَاءِ التَّفْرِيعِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بِهَا كَالطَّلَاقِ وَعَلَى مُقَابِلِهِ، لَا، بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا فِي حُكْمِ الِابْتِدَاءِ.

تَنْبِيهٌ: هَلْ الْكِتَابَةُ بِالتَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ كَالْكِنَايَةِ أَوْ لَا؟ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَاَلَّذِي جَرَى عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا بِاللَّفْظِ مِنْ الْقَادِرِ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَإِنَّ قَوْلَهُمْ يَصِحُّ بِالصَّرِيحِ وَبِالْكِنَايَةِ صَرِيحٌ فِي الْأَوَّلِ، أَمَّا الْأَخْرَسُ فَتَصِحُّ مِنْهُ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ، فَإِنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ فَصَرِيحَةٌ أَوْ فَظُنُونٌ فَقَطْ فَكِنَايَةٌ، وَبِالْكِتَابَةِ بِالْفَوْقِيَّةِ لِعَجْزِهِ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ، وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا الزَّوْجَةِ وَلَا رِضَا وَلِيِّهَا وَلَا سَيِّدِهَا إذَا كَانَتْ، أَمَةً، وَيُسَنُّ إعْلَامُ سَيِّدِهَا (وَ) لَا تَسْقُطُ الرَّجْعَةُ بِالْإِسْقَاطِ

(وَلَا تَقْبَلُ تَعْلِيقًا) وَلَا تَأْقِيتًا كَالنِّكَاحِ، فَلَوْ قَالَ: رَاجَعْتُك إنْ شِئْت لَمْ يَصِحَّ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقْتَضَاهُ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَلَا يَضُرُّ رَاجَعْتُك إنْ شِئْت أَوْ أَنْ شِئْت بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ تَعْلِيلٌ لَا تَعْلِيقٌ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ وَيَسْتَفْسِرَ الْجَاهِلُ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَإِنْ قَالَ: رَاجَعْتُك شَهْرًا أَوْ زَمَنًا لَمْ يَصِحَّ لِمَا مَرَّ

تَنْبِيهٌ: لَوْ قَالَ لِرَجْعِيَّةٍ: مَتَى رَاجَعْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَقَالَ لِمَنْ فِي نِكَاحِهِ: مَتَى طَلَّقْتُك وَرَاجَعْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَرَاجَعَهَا صَحَّ الِارْتِجَاعُ وَطَلُقَتْ، وَلَوْ قَالَ: رَاجَعْتُك لِلضَّرْبِ أَوْ لِلْإِكْرَامِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّ فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ إنْ قَصَدَهُمَا أَوْ أَطْلَقَ، لَا إنْ قَصَدَ ذَلِكَ دُونَ الرَّجْعَةِ فَيَضُرُّ فَيَسْأَلُ احْتِيَاطًا لِأَنَّهُ قَدْ يَتَبَيَّنُ مَا لَا تَحْصُلُ بِهِ الرَّجْعَةُ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ السُّؤَالِ حَصَلَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>