يَصِحُّ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ مُكَلَّفٍ وَلَوْ ذِمِّيًّا وَخَصِيًّا، وَظِهَارُ سَكْرَانَ كَطَلَاقِهِ،
ــ
[مغني المحتاج]
«أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مُرِيهِ أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً، فَقَالَتْ أَيُّ رَقَبَةٍ، وَاَللَّهِ لَا يَجِدُ رَقَبَةً وَمَا لَهُ خَادِمٌ غَيْرِي فَقَالَ: مُرِيهِ فَلْيَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَقَالَتْ: مَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، إنَّهُ يَشْرَبُ فِي الْيَوْمِ كَذَا كَذَا مَرَّةً، فَقَالَ مُرِيهِ فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا، فَقَالَتْ: أَنَّى لَهُ ذَلِكَ»
فَائِدَةٌ: سُورَةُ الْمُجَادَلَةِ فِي كُلِّ آيَةٍ مِنْهَا اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ سُورَةٌ تُشَابِهُهَا فِي ذَلِكَ، وَهِيَ نِصْفُ الْقُرْآنِ عَدَدًا، وَعُشْرُهُ بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ وَلَهُ أَرْكَانٌ أَرْبَعَةٌ: مُظَاهِرٌ، وَمُظَاهَرٌ مِنْهَا، وَصِيغَةٌ، وَمُشَبَّهٌ بِهِ، وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا مُبْتَدِئًا بِأَوَّلِهَا، فَقَالَ: (يَصِحُّ) الظِّهَارُ (مِنْ كُلِّ زَوْجٍ) فَلَا تَصِحُّ مُظَاهَرَةُ السَّيِّدِ مِنْ أَمَتِهِ وَلَوْ كَانَتْ، أُمَّ وَلَدٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنَاطَ حُكْمَهُ بِالنِّسَاءِ، وَمُطْلَقُهُ يَنْصَرِفُ إلَى الزَّوْجَاتِ (مُكَلَّفٍ) بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا، فَلَا يَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ نَعَمْ لَوْ عَلَّقَ الْمُكَلَّفُ الظِّهَارَ عَلَى صِفَةٍ وَهُوَ مَجْنُونٌ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ حَصَلَ الظِّهَارُ قَطْعًا، قَالَهُ ابْنُ كَجٍّ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُخْتَارًا، فَلَا يَصِحُّ ظِهَارُ الْمُكْرَهِ، وَسَيَأْتِي ظِهَارُ السَّكْرَانِ، فَلَوْ قَالَ: شَرَطَهُ زَوْجٌ يَصِحُّ طَلَاقُهُ كَمَا قَالَ فِي الْإِيلَاءِ كَانَ أَخْصَرَ وَأَعَمَّ لِدُخُولِ ظِهَارِ السَّكْرَانِ (وَلَوْ) هُوَ (ذِمِّيٌّ) لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِهِ مَعَ دُخُولِهِ فِيمَا سَبَقَ لِخِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ فِيهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ اللَّهَ شَرَطَ فِيهِ الْكَفَّارَةَ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهَا لَنَا أَنَّهُ لَفْظٌ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ الزَّوْجَةِ فَيَصِحُّ مِنْهُ كَالطَّلَاقِ، وَالْكَفَّارَةُ فِيهَا شَائِبَةُ الْغَرَامَةِ، وَيُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْإِعْتَاقُ عَنْ الْكَفَّارَةِ كَأَنْ يَرِثَ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ يُسْلِمَ عَبْدُهُ، أَوْ يَقُولَ الْمُسْلِمُ: أَعْتِقْ عَبْدَك الْمُسْلِمَ عَنْ كَفَّارَتِي وَالْحَرْبِيُّ كَالذِّمِّيِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ، فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ لَشَمِلَهُ
تَنْبِيهٌ: كَثِيرًا مَا يَرْفَعُ الْمُصَنِّفُ مَا بَعْدَ لَوْ كَمَا سَبَقَ فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ طِينٌ وَمَاءٌ كَدِرٌ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ كَمَا قَدَّرْته، وَلَكِنْ الْكَثِيرُ نَصْبُهُ عَلَى حَذْفِ كَانَ وَاسْمِهَا كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " وَلَوْ خَاتَمًا " وَلَوْ هُوَ (خَصِيٌّ) وَمَجْبُوبٌ وَمَمْسُوحٌ وَعِنِّينٌ كَالطَّلَاقِ، زَادَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَعَبْدٍ لِأَجْلِ خِلَافِ مَالِكٍ فِيهِ، إذْ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْإِعْتَاقُ وَنَحْنُ نَقُولُ: هُوَ عَاجِزٌ فَيَعْدِلُ عَنْهُ إلَى الصَّوْمِ (وَظِهَارُ سَكْرَانَ كَطَلَاقِهِ) وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ صِحَّةُ طَلَاقِهِ فَظِهَارُهُ كَذَلِكَ وَالرُّكْنُ الثَّانِي: الْمُظَاهَرُ مِنْهَا، وَهِيَ زَوْجَةٌ يَصِحُّ طَلَاقُهَا فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الصَّغِيرَةُ، وَالْمَرِيضَةُ، وَالرَّتْقَاءُ، وَالْقَرْنَاءُ، وَالْكَافِرَةُ، وَالرَّجْعِيَّةُ، وَتَخْرُجُ الْأَجْنَبِيَّةُ وَلَوْ مُخْتَلِعَةً وَالْأَمَةُ كَمَا مَرَّ، فَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ: إذَا نَكَحْتُك فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ قَالَ السَّيِّدُ لِأَمَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَمْ يَصِحَّ ثُمَّ شَرَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute