وَصَرِيحُهُ أَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ أَوْ مِنِّي أَوْ مَعِي أَوْ عِنْدِي كَظَهْرِ أُمِّي، وَكَذَا أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي صَرِيحٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقَوْلُهُ: جِسْمُكِ أَوْ بَدَنُك أَوْ نَفْسُك كَبَدَنِ أُمِّي أَوْ جِسْمِهَا أَوْ جُمْلَتِهَا صَرِيحٌ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ كَيَدِهَا أَوْ بَطْنِهَا أَوْ صَدْرِهَا ظِهَارٌ، وَكَذَا كَعَيْنِهَا إنْ قَصَدَ ظِهَارًا، وَإِنْ قَصَدَ كَرَامَةً فَلَا، وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَصَحِّ، وَقَوْلُهُ: رَأْسُك أَوْ ظَهْرُك أَوْ يَدُك عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ظِهَارٌ فِي الْأَظْهَرِ،
ــ
[مغني المحتاج]
فِي الرُّكْنِ الثَّالِثُ، وَهُوَ الصِّيغَةُ، فَقَالَ: (وَصَرِيحُهُ) أَيْ الظِّهَارِ (أَنْ يَقُولَ) الزَّوْجُ (لِزَوْجَتِهِ) الْمَذْكُورَةِ (أَنْتِ عَلَيَّ أَوْ مِنِّي أَوْ مَعِي أَوْ عِنْدِي) أَوْ لَدَيَّ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ (كَظَهْرِ أُمِّي) فِي تَحْرِيمِ رُكُوبِ ظَهْرِهَا، وَأَصْلُهُ: إتْيَانُك عَلَيَّ كَرُكُوبِ ظَهْرِ أُمِّي بِحَذْفِ الْمُضَافِ، وَهُوَ إتْيَانٌ، فَانْقَلَبَ الضَّمِيرُ الْمُتَّصِلُ الْمَجْرُورُ ضَمِيرًا مَرْفُوعًا مُنْفَصِلًا (وَكَذَا) قَوْلُهُ (أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي) بِحَذْفِ الصِّلَةِ (صَرِيحٌ عَلَى الصَّحِيحِ) وَلَا يَضُرُّ حَذْفُهَا كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ: أَنْتِ طَالِقٌ صَرِيحٌ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: مِنِّي وَالثَّانِي: أَنَّهُ كِنَايَةٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ أَنْتِ عَلَى غَيْرِي كَظَهْرِ أُمِّهِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ: لَوْ قَالَ: أَرَدْت بِهِ غَيْرِي لَمْ يُقْبَلْ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا، وَجَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ قَبُولَ هَذِهِ الْإِرَادَةِ بَاطِنًا
تَنْبِيهٌ: الْمُرَادُ بِالْأُمِّ: أُمُّ الْمَحْرَمِيَّةِ، فَلَوْ شَبَّهَ زَوْجَتَهُ بِوَاحِدَةٍ مِنْ زَوْجَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ كَانَ لَغْوًا (وَقَوْلُهُ) لَهَا (جِسْمُك أَوْ بَدَنُك) أَوْ جُمْلَتُك (أَوْ نَفْسُك) أَوْ ذَاتُكِ (كَبَدَنِ أُمِّي أَوْ جِسْمِهَا أَوْ جُمْلَتِهَا) أَوْ ذَاتِهَا (صَرِيحٌ) لِتَضَمُّنِهِ الظَّهْرَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ الْجَزْمُ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الصِّلَةَ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مِنْ التَّصْرِيحِ بِالصِّلَةِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَذْكُرْهَا فَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ، وَلَوْ قَالَ قَوْلَهُ إلَخْ كَالتَّشْبِيهِ بِالظَّهْرِ لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ (وَالْأَظْهَرُ) الْجَدِيدُ (أَنَّ قَوْلَهُ) لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ (كَيَدِهَا أَوْ بَطْنِهَا أَوْ صَدْرِهَا) وَنَحْوِهَا مِنْ الْأَعْضَاءِ الَّتِي لَا تُذْكَرُ فِي مَعْرَضِ الْكَرَامَةِ وَالْإِعْزَازِ، مِمَّا سِوَى الظَّهْرِ (ظِهَارٌ) لِأَنَّهُ عُضْوٌ يَحْرُمُ التَّلَذُّذُ بِهِ فَكَانَ كَالظَّهْرِ وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ بِظِهَارٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى صُورَةِ الظِّهَارِ الْمَعْهُودَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ (وَكَذَا) قَوْلُهُ: أَنْتِ عَلَيَّ (كَعَيْنِهَا) أَوْ رَأْسِهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْكَرَامَةَ، كَقَوْلِهِ: أَنْتِ كَأُمِّي أَوْ رُوحِهَا أَوْ وَجْهِهَا ظِهَارٌ (إنْ قَصَدَ ظِهَارًا) أَيْ نَوَى أَنَّهَا كَظَهْرِ أُمِّهِ فِي التَّحْرِيمِ (وَإِنْ قَصَدَ كَرَامَةً فَلَا) يَكُونُ ظِهَارًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ تُسْتَعْمَلُ فِي الْكَرَامَةِ وَالْإِعْزَازِ (وَكَذَا) لَا يَكُونُ ظِهَارًا (إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَصَحِّ) وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ بِالْأَشْبَهِ، وَفِي الرَّوْضَةِ بِالْأَرْجَحِ حَمْلًا عَلَى الْكَرَامَةِ لِاحْتِمَالِهَا وَالثَّانِي: يُحْمَلُ عَلَى الظِّهَارِ، وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ صَرِيحٌ فِي التَّشْبِيهِ بِبَعْضِ أَجْزَاءِ الْأُمِّ (وَقَوْلُهُ) لَهَا (رَأْسُك أَوْ ظَهْرُك أَوْ يَدُك) أَوْ رِجْلُك أَوْ بَدَنُك أَوْ جِلْدُك أَوْ شَعْرُك أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ (عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ظِهَارٌ فِي الْأَظْهَرِ) لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ: كَيَدِهَا أَوْ بَطْنِهَا، وَكَانَ يَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ يُمَثِّلَ بِالْجُزْءِ الشَّائِعِ، كَالنِّصْفِ وَالرُّبْعِ وَالثَّانِي: لَيْسَ بِظِهَارٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى صُورَةِ الظِّهَارِ الْمَعْهُودَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَنَقَلَهُ الْغَزَالِيُّ قَوْلًا قَدِيمًا، وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي التَّعْبِيرُ بِالْجَدِيدِ، لَا بِالْأَظْهَرِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute