للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ أَنْ يُمْسِكَهَا بَعْدَ ظِهَارِهِ زَمَنَ إمْكَانَ فُرْقَةٍ، فَلَوْ اتَّصَلَتْ بِهِ فُرْقَةٌ، بِمَوْتٍ أَوْ فَسْخٌ أَوْ طَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ وَلَمْ يُرَاجِعْ أَوْ جُنَّ فَلَا عَوْدَ، وَكَذَا لَوْ مَلَكَهَا أَوْ لَاعَنَهَا فِي الْأَصَحِّ،

ــ

[مغني المحتاج]

بِالظِّهَارِ، وَالْعَوْدُ شَرْطٌ، أَوْ بِالْعَوْدِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ؟ أَوْجُهٌ ذَكَرَهَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ بِلَا تَرْجِيحٍ، وَالْأَوَّلُ هُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ الْمُوَافِقُ لِتَرْجِيحِهِمْ أَنَّ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ تَجِبُ بِالْيَمِينِ وَالْحِنْثِ جَمِيعًا

تَنْبِيهٌ: تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ الْكَفَّارَةَ عَلَى التَّرَاخِي، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْكَفَّارَةِ، لَكِنَّهُ جَزَمَ فِي بَابِ الصَّوْمِ بِأَنَّهَا عَلَى الْفَوْرِ، وَحَكَاهُ فِي الْحَجِّ عَنْ الْقَفَّالِ، وَعِبَارَةُ الْقَفَّالِ: كُلُّ كَفَّارَةٍ سَبَبُهَا مَعْصِيَةٌ عَلَى الْفَوْرِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَقَدْ يُدْفَعُ هَذَا بِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْعَوْدُ أَوْ مَجْمُوعُهَا عَلَى الْخِلَافِ، وَالْعَوْدُ لَيْسَ بِحَرَامٍ، حَكَاهُ فِي التَّوْشِيحِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا قُلْنَا: السَّبَبُ الْعَوْدُ فَقَطْ، وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ فِيمَا إذَا قُلْنَاهُمَا؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ حَرَامٌ، وَالْعَوْدُ لَيْسَ بِحَرَامٍ، وَقَدْ اجْتَمَعَ حَرَامٌ وَحَلَالٌ فَيَغْلِبُ الْحَرَامُ وَقَالَ: فِي الْمَطْلَبِ: ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا عَلَى التَّرَاخِي مَا لَمْ يَطَأْ أَمَّا بَعْدَ الْوَطْءِ فَهَلْ هِيَ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ التَّرَاخِي فِيهِ الْخِلَافُ فِي قَضَاءِ الْفَائِتَةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ اهـ.

وَقَضَيْته تَرْجِيحُ الْفَوْرِ (وَهُوَ) أَيْ الْعَوْدُ فِي الظِّهَارِ (أَنْ يُمْسِكَهَا) الْمُظَاهِرُ (بَعْدَ ظِهَارِهِ زَمَنَ إمْكَانِ فُرْقَةٍ) لِأَنَّ تَشْبِيهَهَا بِالْأُمِّ يَقْتَضِي أَنْ لَا يُمْسِكَهَا زَوْجَةً فَإِذَا مَسَكَهَا زَوْجَةً فَقَدْ عَادَ فِيمَا قَالَ؛ لِأَنَّ الْعَوْدَ لِلْقَوْلِ مُخَالَفَتُهُ، يُقَالُ: قَالَ فُلَانٌ قَوْلًا ثُمَّ عَادَ لَهُ وَعَادَ فِيهِ أَيْ خَالَفَهُ وَنَقَضَهُ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: عَادَ فِي هِبَتِهِ

تَنْبِيهٌ: هَذَا فِي الظِّهَارِ الْمُؤَبَّدِ أَوْ الْمُطْلَقِ وَفِي غَيْرِ الرَّجْعِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ فِي الظِّهَارِ الْمُؤَقَّتِ إنَّمَا يَصِيرُ عَائِدًا بِالْوَطْءِ فِي الْمُدَّةِ لَا بِالْإِمْسَاكِ كَمَا سَيَأْتِي، وَالْعَوْدُ فِي الرَّجْعِيَّةِ، إنَّمَا هُوَ بِالرَّجْعَةِ، وَاسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَا إذَا كَرَّرَ لَفْظَ الظِّهَارِ وَقَصَدَ بِهِ التَّأْكِيدَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِعَوْدٍ عَلَى الْأَصَحِّ مَعَ تَمَكُّنِهِ بِالْإِتْيَانِ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ بَدَلَ التَّأْكِيدِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ عَقِبَ الظِّهَارِ: أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَلْفٍ مَثَلًا فَلَمْ تَقْبَلْ، فَقَالَ عَقِبَهُ: أَنْتِ طَالِقٌ بِلَا عِوَضٍ فَلَيْسَ بِعَائِدٍ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: يَا زَانِيَةُ أَنْتِ طَالِقٌ كَقَوْلِهِ: يَا زَيْنَبُ أَنْتِ طَالِقٌ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ حُصُولِ الْعَوْدِ بِمَا ذُكِرَ مَحِلُّهُ إذَا لَمْ يَتَّصِلْ بِالظِّهَارِ فُرْقَةٌ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِهَا (فَلَوْ اتَّصَلَتْ بِهِ) أَيْ الظِّهَارِ (فُرْقَةٌ بِمَوْتٍ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (أَوْ فَسْخٌ) لِلنِّكَاحِ بِسَبَبِهِ أَوْ بِسَبَبِهَا أَوْ بِانْفِسَاخٍ كَرِدَّةٍ قَبْلَ الدُّخُولِ وَمِلْكِهَا لَهُ (أَوْ) فُرْقَةٍ بِسَبَبِ (طَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ وَلَمْ يُرَاجِعْ أَوْ جُنَّ) الزَّوْجُ عَقِبَ ظِهَارِهِ (فَلَا عَوْدَ) وَلَا كَفَّارَةَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِتَعَذُّرِ الْفِرَاقِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَفَوَاتِ الْإِمْسَاكِ فِي الْأُولَى وَانْتِفَائِهِ فِي غَيْرِهَا (وَكَذَا لَوْ) ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ الرَّقِيقَةِ ثُمَّ (مَلَكَهَا) بِشِرَاءٍ وَنَحْوِهِ (أَوْ لَاعَنَهَا) مُتَّصِلًا ذَلِكَ بِالظِّهَارِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ عَائِدًا (فِي الْأَصَحِّ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُ لَمْ يُمْسِكْهَا فِي النِّكَاحِ، وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ أَنَّهُ لَمْ يُحَرِّمْهَا عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا أَبْدَلَ حِلًّا بِحِلٍّ أَقْوَى مِنْهُ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَوَجْهُ الْأَصَحِّ اشْتِغَالُهُ بِمَا يُوجِبُ الْفِرَاقَ، وَلَا فَرْقَ فِي الْكَلِمَاتِ الْمُوجِبَةِ لِلْفِرَاقِ بَيْنَ الطَّوِيلَةِ وَالْقَصِيرَةِ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ عَقِبَ الظِّهَارِ: أَنْتِ يَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>