للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِشَرْطِ سَبْقِ الْقَذْفِ ظِهَارَهُ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ رَاجَعَ أَوْ ارْتَدَّ، مُتَّصِلًا ثُمَّ أَسْلَمَ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ عَائِدٌ بِالرَّجْعَةِ، لَا بِالْإِسْلَامِ، بَلْ بَعْدَهُ، وَلَا تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ بَعْدَ الْعَوْدِ بِفُرْقَةٍ وَيَحْرُمُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ وَطْءٌ، وَكَذَا لَمْسٌ وَنَحْوُهُ بِشَهْوَةٍ فِي الْأَظْهَرِ قُلْت: الْأَظْهَرُ الْجَوَازُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

ــ

[مغني المحتاج]

الْفُلَانِيِّ طَالِقٌ، وَأَطَالَ فِي ذِكْرِ التَّسْمِيَةِ وَالنَّسَبِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ عَائِدًا، وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ تَخَلُّلُ كَلِمَاتِ اللِّعَانِ، وَلَوْ اشْتَغَلَ قَبْلَ الشِّرَاءِ بِأَسْبَابِهِ، كَالسَّوْمِ وَتَقْدِيرِ الثَّمَنِ كَانَ عَائِدًا فِي الْأَصَحِّ

تَنْبِيهٌ: إنَّمَا قَيَّدْت كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِالشِّرَاءِ وَنَحْوِهِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا لَوْ مَلَكَهَا عَقِبَ ظِهَارِهِ بِإِرْثٍ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ عَائِدًا قَطْعًا لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الطَّلَاقِ، وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِهَا فَقَبِلَهَا مُتَّصِلًا بِالظِّهَارِ لَمْ يَكُنْ عَائِدًا، وَإِلَّا فَيَصِيرُ عَائِدًا إنْ قُلْنَا: إنَّ الْوَصِيَّةَ تَمَلُّكٌ بِالْقَبُولِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ: وَلَوْ وُهِبَتْ لَهُ مُتَّصِلًا فَعَائِدٌ جَزْمًا فِيمَا ظَهَرَ، إذْ لَا تَمَلُّكَ إلَّا بِالْقَبْضِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِرْ عَائِدًا فِي اللِّعَانِ عَلَى الْأَصَحِّ (بِشَرْطِ سَبْقِ الْقَذْفِ) وَالْمُرَافَعَةُ لِلْقَاضِي (ظِهَارَهُ فِي الْأَصَحِّ) لِمَا فِي تَأْخِيرِ ذَلِكَ عَنْ الظِّهَارِ مِنْ زِيَادَةِ التَّطْوِيلِ، وَالثَّانِي: لَا يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ مَا ذَكَرَ لِاشْتِغَالِهِ بِأَسْبَابِ الْفِرَاقِ

تَنْبِيهٌ: الْأَصَحُّ فِي مَسْأَلَةِ اللِّعَانِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ، فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: مَلَكَهَا فِي الْأَصَحِّ أَوْ لَاعَنَهَا عَلَى النَّصِّ كَانَ مُوَافِقًا لِاصْطِلَاحِهِ (وَلَوْ رَاجَعَ) مَنْ طَلَّقَهَا عَقِبَ ظِهَارِهِ، هَذَا تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ سَابِقًا: لَمْ يُرَاجِعْ، وَقَوْلُهُ: (أَوْ ارْتَدَّ) بَعْدَ دُخُولٍ (مُتَّصِلًا) هُوَ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ ارْتَدَّ لَا مِنْ فَاعِلِ رَاجَعَ (ثُمَّ أَسْلَمَ) بَعْدَ رِدَّتِهِ فِي الْعِدَّةِ (فَالْمَذْهَبُ) بَعْدَ الْجَزْمِ بِعَوْدِ الظِّهَارِ وَحُكْمِهِ (أَنَّهُ عَائِدٌ بِالرَّجْعَةِ) وَإِنْ لَمْ يُمْسِكْهَا عَقِبَ الرَّجْعَةِ بَلْ طَلَّقَهَا (لَا بِالْإِسْلَامِ، بَلْ) هُوَ عَائِدٌ (بَعْدَهُ) إنْ مَضَى بَعْدَ الْإِسْلَامِ زَمَنٌ يَسَعُ الْفُرْقَةَ، هَذَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، فَقِيلَ فِيهِمَا قَوْلَانِ بِالنَّقْلِ وَالتَّخْرِيجِ، وَالصَّحِيحُ تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ مَقْصُودَ الرَّجْعَةِ الِاسْتِبَاحَةُ وَمَقْصُودَ الْإِسْلَامِ الرُّجُوعُ إلَى الدِّينِ الْحَقِّ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ إمْسَاكٌ وَإِنَّمَا يَحْصُلُ بَعْدَهُ (وَلَا تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ بَعْدَ الْعَوْدِ بِفُرْقَةٍ) لِمَنْ ظَاهَرَ مِنْهَا بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ لَاسْتِقْرَارهَا بِالْإِمْسَاكِ كَالدَّيْنِ لَا يَسْقُطُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ (وَيَحْرُمُ) فِي الظِّهَارِ الْمُطْلَقِ (قَبْلَ التَّكْفِيرِ) بِعِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَطْءٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْعِتْقِ: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٣] وَفِي الصَّوْمِ: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٤] وَيُقَدَّرُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فِي الْإِطْعَامِ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ لِاتِّحَادِ الْوَاقِعَةِ، وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ ظَاهَرَ: «لَا تَقْرَبَهَا حَتَّى تُكَفِّرَ» كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.

وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَدْ مُنِعَ مِنْ الْوَطْءِ حَتَّى يُكَفِّرَ بِالصَّوْمِ مَعَ طُولِ زَمَنِهِ فَمَنْعُهُ حَتَّى يُكَفِّرَ بِالْإِطْعَامِ أَوْلَى لِقِصَرِ زَمَنِهِ (وَكَذَا) يَحْرُمُ عَلَيْهِ (لَمْسٌ وَنَحْوُهُ) كَالْقُبْلَةِ (بِشَهْوَةٍ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَدْعُو إلَى الْوَطْءِ وَيُفْضِي إلَيْهِ، وَحَمْلًا لِلْمَسِّ فِي الْآيَةِ عَلَى الْتِقَاءِ الْبَشَرَتَيْنِ، وَهُوَ يَشْمَلُ الْجِمَاعَ وَغَيْرَهُ (قُلْت: الْأَظْهَرُ الْجَوَازُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَهَذَا مَا نَقَلَ الرَّافِعِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>