للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْجُك أَوْ ذَكَرُك قَذْفٌ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّ قَوْلَهُ يَدُك وَعَيْنُك، وَلِوَلَدِهِ لَسْت مِنِّي أَوْ لَسْت ابْنِي كِنَايَةٌ، وَلِوَلَدِ غَيْرِهِ لَسْت ابْنَ فُلَانٍ صَرِيحٌ إلَّا لِمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ

وَيُحَدُّ قَاذِفُ مُحْصَنٍ وَيُعَزَّرُ غَيْرُهُ،

ــ

[مغني المحتاج]

فَرْجُك أَوْ ذَكَرُك) أَوْ قُبُلُك أَوْ دُبُرُك بِفَتْحِ الْكَافِ أَوْ كَسْرِهَا فِيمَا ذَكَرَ (قَذْفٌ) لِأَنَّهُ آلَةُ ذَلِكَ الْعَمَلِ أَوْ مَحِلُّهُ

تَنْبِيهٌ: قَدْ مَرَّ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ قَذْفًا صَرِيحًا فِي الْخُنْثَى إلَّا إذَا جَمَعَ بَيْنَ الْفَرْجِ وَالذَّكَرِ، وَقَدْ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْقَذْفِ وَالْمُصَنِّفُ هُنَا

فَرْعٌ: لَوْ تَقَاذَفَ شَخْصَانِ فَلَا تَقَاصَّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ إذَا اتَّحَدَ الْجِنْسُ وَالْقَدْرُ وَالصِّفَةُ وَمَوَاقِعُ السِّيَاطِ وَأَلَمُ الضَّرَبَاتِ مُتَفَاوِتَةٌ (وَالْمَذْهَبُ أَنَّ قَوْلَهُ) زَنَتْ (يَدُك) وَرِجْلُك (وَعَيْنُك، وَ) أَنَّ قَوْلَهُ (لِوَلَدِهِ) اللَّاحِقِ بِهِ ظَاهِرًا (لَسْت مِنِّي أَوْ لَسْت ابْنِي كِنَايَةٌ) فِي قَذْفِ أُمِّهِ، فَإِنْ قَصَدَ الْقَذْفَ كَانَ قَاذِفًا وَإِلَّا فَلَا أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ زِنَا هَذِهِ الْأَعْضَاءِ اللَّمْسُ وَالْمَشْيُ وَالنَّظَرُ كَمَا فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ» فَلَا يَنْصَرِفُ إلَى الزِّنَا الْحَقِيقِيِّ إلَّا بِالْإِرَادَةِ، وَلِهَذَا لَوْ نَسَبَ ذَلِكَ إلَى نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِالزِّنَا قَطْعًا وَقِيلَ: إنَّهُ صَرِيحٌ قِيَاسًا عَلَى الْفَرْجِ، وَلِأَنَّهُ أَضَافَ الزِّنَا إلَى عُضْوٍ مِنْ الْجُمْلَةِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ الْأَبَ يَحْتَاجُ إلَى تَأْدِيبِ وَلَدِهِ إلَى مِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ زَجْرًا لَهُ فَيُحْمَلُ عَلَى التَّأْدِيبِ (وَ) أَنَّ قَوْلَهُ (لِوَلَدِ غَيْرِهِ لَسْت ابْنَ فُلَانٍ صَرِيحٌ) فِي قَذْفِ أُمِّ الْمُخَاطَبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَأْدِيبِ وَلَدِ غَيْرِهِ وَقِيلَ: إنَّهُ كِنَايَةٌ كَوَلَدِهِ (إلَّا لِمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ) وَلَمْ يَسْتَلْحِقْهُ الْمُلَاعِنُ فَلَا يَكُونُ صَرِيحًا فِي قَذْفِ أُمِّهِ لِجَوَازِ إرَادَةِ لَسْت ابْنَهُ شَرْعًا، أَوْ لَسْت تُشْبِهُهُ خَلْقًا أَوْ خُلُقًا، وَلَهَا تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ قَذْفَهَا، فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ أَنَّهُ أَرَادَ قَذْفَهَا حُدَّ وَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْهُ فَلَا حَدَّ وَيُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت الْقَذْفَ رُتِّبَ عَلَيْهِ مُوجِبُهُ مِنْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ أَمَّا إذَا قَالَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِلْحَاقِ النَّافِي لَهُ فَهُوَ قَذْفٌ صَرِيحٌ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ احْتِمَالًا مُمْكِنًا كَقَوْلِهِ: لَمْ يَكُنْ ابْنُهُ حِينَ نَفَاهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ، وَيُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ وَلَا يُحَدُّ لِاحْتِمَالِ مَا أَرَادَهُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ قَذْفٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَيَحُدُّهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْأَلَهُ مَا أَرَادَ، فَإِنْ ادَّعَى مُحْتَمَلًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَلَا حَدَّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَ الِاسْتِلْحَاقِ أَنَّا لَا نَحُدُّهُ هُنَاكَ حَتَّى نَسْأَلَهُ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ كِنَايَةٌ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقٌّ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ وَهُنَا ظَاهِرُ لَفْظِهِ الْقَذْفُ فَيُحَدُّ بِالظَّاهِرِ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ مُحْتَمَلًا

ثُمَّ شَرَعَ فِي مُوجِبِ الْقَذْفِ وَهُوَ الْحَدُّ فَقَالَ (وَيُحَدُّ قَاذِفُ مُحْصَنٍ) ثَمَانِينَ جَلْدَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: ٤] الْآيَةَ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ الْحَدِّ وَشَرْطُهُ فِي بَابِهِ (وَيُعَزَّرُ غَيْرُهُ) وَهُوَ قَاذِفُ غَيْرِ الْمُحْصَنِ كَالْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ وَالصَّبِيِّ وَالزَّانِي لِلْإِيذَاءِ

تَنْبِيهٌ: عِبَارَتُهُ قَدْ تُوهِمُ تَعْزِيرَ مَنْ لَمْ يَقْذِفْ أَحَدًا، فَلَوْ قَالَ كَالْمُحَرَّرِ وَيُعَزَّرُ قَاذِفُ غَيْرِهِ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>