وَالْمُحْصَنُ مُكَلَّفٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ عَفِيفٌ عَنْ وَطْءٍ يُحَدُّ بِهِ، وَتَبْطُلُ الْعِفَّةُ بِوَطْءِ مَحْرَمٍ مَمْلُوكَةٍ عَلَى الْمَذْهَبِ، لَا زَوْجَتِهِ فِي عِدَّةِ شُبْهَةٍ وَأَمَةِ وَلَدِهِ وَمَنْكُوحَتِهِ بِلَا وَلِيٍّ فِي الْأَصَحِّ
ــ
[مغني المحتاج]
أَوْلَى، وَسَيَأْتِي بَيَانُ التَّعْزِيرِ آخِرَ كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ (وَالْمُحْصَنُ) الَّذِي يُحَدُّ قَاذِفُهُ (مُكَلَّفٌ) وَمِثْلُهُ السَّكْرَانُ الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَسْتَثْنِهِ مَعَ أَنَّهُ عَلَى رَأْيِهِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ اعْتِمَادًا عَلَى اسْتِثْنَائِهِ لَهُ فِي بَابِ حَدِّ الْقَذْفِ (حُرٌّ مُسْلِمٌ عَفِيفٌ عَنْ وَطْءٍ يُحَدُّ بِهِ) فَإِنْ لَمْ يَطَأُ أَصْلًا أَوْ وَطِئَ وَطْئًا لَا يُحَدُّ بِهِ كَوَطْءِ الشَّرِيكِ الْأَمَةَ الْمُشْتَرَكَةَ؛ لِأَنَّ أَضْدَادَ ذَلِكَ نَقْصٌ، وَفِي الْخَبَرِ «مَنْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ فَلَيْسَ بِمُحْصَنٍ» وَإِنَّمَا جَعَلَ الْكَافِرَ مُحْصَنًا فِي حَدِّ الزِّنَا؛ لِأَنَّ حَدَّهُ إهَانَةٌ لَهُ، وَالْحَدُّ بِقَذْفِهِ إكْرَامٌ لَهُ، وَاعْتُبِرَتْ الْعِفَّةُ، لِأَنَّ مَنْ زَنَى لَا يَتَعَيَّرُ بِهِ
تَنْبِيهٌ: يُرَدُّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ وَطْءُ زَوْجَتِهِ فِي دُبُرِهَا فَإِنَّهُ تَبْطُلُ بِهِ حَصَانَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ مَعَ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِهِ وَيُتَصَوَّرُ الْحَدُّ بِقَذْفِ الْكَافِرِ بِأَنْ يَقْذِفَ مُرْتَدًّا بِزِنًا يُضِيفُهُ إلَى حَالِ إسْلَامِهِ، وَبِقَذْفِ الْمَجْنُونِ بِأَنْ يَقْذِفَهُ بِزِنًا يُضِيفُهُ إلَى حَالِ إفَاقَتِهِ، وَبِقَذْفِ الْعَبْدِ بِأَنْ يَقْذِفَهُ بِزِنًا يُضِيفُهُ إلَى حَالِ حُرِّيَّتِهِ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ الرِّقُّ، وَصُورَتُهُ فِيمَا إذَا أَسْلَمَ الْأَسِيرُ ثُمَّ اخْتَارَ الْإِمَامُ فِيهِ الرِّقَّ (وَتَبْطُلُ الْعِفَّةُ) الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْإِحْصَانِ (بِوَطْءِ) شَخْصٍ وَطْئًا حَرَامًا وَإِنْ لَمْ يُحَدَّ بِهِ كَوَطْءِ (مَحْرَمٍ) لَهُ بِرَضَاعٍ أَوْ نَسَبٍ كَأُخْتٍ (مَمْلُوكَةٍ) مَعَ عِلْمِهِ بِالتَّحْرِيمِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِدَلَالَتِهِ عَلَى قِلَّةِ مُبَالَاتِهِ بِالزِّنَا بَلْ غُشْيَانُ الْمَحَارِمِ أَشَدُّ مِنْ غُشْيَانِ الْأَجْنَبِيَّاتِ، وَقِيلَ: لَا تَبْطُلُ الْعِفَّةُ بِهِ عَلَى نَفْسِ الْحَدِّ لِعَدَمِ الْتِحَاقِهِ بِالزِّنَا
تَنْبِيهٌ: عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْخِلَافِ الْمُرَتَّبِ بِالْمَذْهَبِ عَلَى خِلَافِ اصْطِلَاحِهِ، وَ (لَا) تَبْطُلُ الْعِفَّةُ بِوَطْءٍ حَرَامٍ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ كَوَطْءِ (زَوْجَتِهِ فِي عِدَّةِ شُبْهَةٍ) لِأَنَّ التَّحْرِيمَ عَارِضٌ يَزُولُ (وَ) لَا بِوَطْءِ (أَمَةِ وَلَدِهِ) لِثُبُوتِ النَّسَبِ حَيْثُ حَصَلَ عَلُوقٌ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ مَعَ انْتِفَاءِ الْحَدِّ، وَقَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ مَوْطُوءَةَ الْوَلَدِ وَلَا مُسْتَوْلَدَتَهُ، وَالظَّاهِرُ إطْلَاقُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ (وَ) لَا بِوَطْءٍ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ كَوَطْءِ (مَنْكُوحَتِهِ) بِهَاءِ الضَّمِيرِ (بِلَا وَلِيٍّ) أَوْ بِلَا شُهُودٍ لِقُوَّةِ الشُّبْهَةِ، وَقَوْلُهُ (فِي الْأَصَحِّ) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ، وَمُقَابِلُهُ تَبْطُلُ الْعِفَّةُ بِمَا ذَكَرَ لِحُرْمَةِ الْوَطْءِ فِيهِ
تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي وَطْءِ الْمَنْكُوحَةِ بِلَا وَلِيٍّ بَيْنَ مُعْتَقِدِ الْحِلِّ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ قَضِيَّةُ نَصِّ الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَكَلَامُ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ اخْتِصَاصُهُ بِمُعْتَقِدِ التَّحْرِيمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا تَبْطُلُ الْعِفَّةُ بِوَطْءِ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ فِي حَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ، أَوْ إحْرَامٍ، أَوْ صَوْمٍ، أَوْ اعْتِكَافٍ، وَلَا بِوَطْءِ مَمْلُوكَةٍ لَهُ مُرْتَدَّةٍ، أَوْ مُزَوَّجَةٍ، أَوْ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ مُكَاتَبَةٍ، وَلَا بِوَطْءِ زَوْجَتِهِ الرَّجْعِيَّةِ، وَلَا بِزِنَا صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ، وَلَا بِوَطْءِ جَاهِلِ تَحْرِيمِ الْوَطْءِ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشْأَتِهِ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ، وَلَا بِوَطْءِ مُكْرَهٍ، وَلَا بِوَطْءِ مَجُوسِيٍّ مُحَرَّمًا لَهُ كَأُمِّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute