للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُحَلَّفُ مُنْكِرُ رَضَاعٍ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ، وَمُدَّعِيهِ عَلَى بَتٍّ، وَيَثْبُتُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَبِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ، وَالْإِقْرَارُ بِهِ شَرْطُهُ رَجُلَانِ

وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ إنْ لَمْ تَطْلُبْ أُجْرَةً، وَلَا ذَكَرَتْ فِعْلَهَا، وَكَذَا إنْ ذَكَرَتْ فَقَالَتْ: أَرْضَعْتُهُ فِي الْأَصَحِّ،

ــ

[مغني المحتاج]

فَرْعٌ: يَحْرُمُ عَلَى السَّيِّدِ وَطْءُ أَمَةٍ أَقَرَّتْ بِالْمُرَاضَعَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، وَيُخَالِفُ ذَلِكَ كَمَا قَالَ الْبَغَوِيّ مَا لَوْ أَقَرَّتْ بِأَنَّ بَيْنَهُمَا أُخُوَّةَ نَسَبٍ حَيْثُ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ أَصْلٌ يَنْبَنِي عَلَيْهِ أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ بِخِلَافِ التَّحْرِيمِ بِالرَّضَاعِ

ثُمَّ شَرَعَ فِي كَيْفِيَّةِ يَمِينِ الرَّضَاعِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا فَقَالَ (وَيُحَلَّفُ مُنْكِرُ رَضَاعٍ) مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ فِي يَمِينٍ (عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ) لِأَنَّهُ يَنْفِي فِعْلَ الْغَيْرِ، وَلَا نَظَرَ إلَى فِعْلِهَا فِي الِارْتِضَاعِ لِأَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا

تَنْبِيهٌ هَذَا فِي الْيَمِينِ الْأَصْلِيَّةِ، أَمَّا إذَا نَكَلَ أَحَدُهُمَا وَرُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْآخَرِ فَإِنَّهُ يُحَلَّفُ عَلَى الْبَتِّ؛ لِأَنَّهَا مُثْبِتَةٌ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ فِي كَوْنِهِ يُحَلَّفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَتْنِ (وَ) يُحَلَّفُ (مُدَّعِيهِ) أَيْ الْإِرْضَاعِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ (عَلَى بَتٍّ) لِأَنَّهُ حُلِّفَ عَلَى إثْبَاتِ فِعْلِ الْغَيْرِ، وَخَالَفَ فِي هَذَا الْقَفَّالُ أَيْضًا وَقَالَ: يُحَلَّفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ (وَيَثْبُتُ) الرَّضَاعُ (بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ) لِأَنَّ كُلَّ مَا يُقْبَلُ فِيهِ النِّسَاءُ الْخُلَّصُ يُقْبَلُ فِيهِ الرِّجَالُ وَالنَّوْعَانِ وَهَذَا يَثْبُتُ بِالنِّسَاءِ الْخُلَّصِ كَمَا قَالَ (وَبِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ) لِاخْتِصَاصِ النِّسَاءِ بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ غَالِبًا كَالْوِلَادَةِ، وَلَا يَثْبُتُ بِدُونِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ إذْ كُلُّ امْرَأَتَيْنِ بِمَثَابَةِ رَجُلٍ

تَنْبِيهٌ مَحَلُّ شَهَادَةِ الرِّجَالِ مَا لَمْ يَتَعَمَّدُوا النَّظَرَ إلَى الثَّدْيِ لِغَيْرِ الشَّهَادَةِ فَإِنْ تَعَمَّدُوا ذَلِكَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ لِفِسْقِهِمْ، وَرَدَّهُ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّ مُجَرَّدَ النَّظَرِ صَغِيرَةٌ لَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ مَا لَمْ يُصِرَّ فَاعِلُ ذَلِكَ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا أَصَرَّ لَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ، وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ تَغْلِبْ طَاعَتُهُ مَعَاصِيَهُ وَمَحَلُّ قَبُولِ شَهَادَةِ النِّسَاءِ إذَا كَانَ النِّزَاعُ فِي الِارْتِضَاعِ مِنْ الثَّدْيِ، أَمَّا إذَا كَانَ فِي الشُّرْبِ أَوْ الْإِيجَارِ مِنْ ظَرْفٍ فَلَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ الْمُتَمَحِّضَاتِ؛ لِأَنَّهُنَّ لَا اخْتِصَاصَ لَهُنَّ بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ يُقْبَلْنَ فِي أَنَّ لَبَنَ الْإِنَاءِ لَبَنُ فُلَانَةَ؛ لِأَنَّ الرِّجَالَ لَا يَطَّلِعُونَ عَلَى الْحَلْبِ غَالِبًا (وَالْإِقْرَارُ بِهِ) أَيْ الرَّضَاعِ (شَرْطُهُ رَجُلَانِ) وَلَا يَثْبُتُ بِغَيْرِهِمَا لِاطِّلَاعِ الرِّجَالِ عَلَيْهِ غَالِبًا

تَنْبِيهٌ إنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَهَا فِي الشَّهَادَاتِ الَّتِي هِيَ مَحَلُّهَا تَتْمِيمًا لِمَا يَثْبُتُ بِهِ الرَّضَاعُ

(وَتُقْبَلُ) فِي الرَّضَاعِ (شَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ) مَعَ غَيْرِهَا (إنْ لَمْ تَطْلُبْ أُجْرَةً) عَنْ رَضَاعِهَا (وَلَا ذَكَرَتْ فِعْلَهَا) بَلْ شَهِدَتْ أَنَّ بَيْنَهُمَا رَضَاعًا مُحَرِّمًا مَعَ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ الْآتِيَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَجُرُّ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ نَفْعًا وَلَا تَدْفَعُ ضَرَرًا، وَلَا نَظَرَ إلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ ثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ وَجَوَازِ الْخَلْوَةِ وَالْمُسَافَرَةِ، فَإِنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُرَدُّ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَغْرَاضِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ أَنَّ فُلَانًا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ أَوْ أَعْتَقَ أَمَةً تُقْبَلُ وَإِنْ اسْتَفَادَ حِلَّ الْمُنَاكَحَةِ (وَكَذَا إنْ ذَكَرَتْهُ) أَيْ فِعْلَهَا (فَقَالَتْ أَرْضَعْتُهُ) مَعَ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ الْآتِيَةِ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا مَرَّ بِخِلَافِ مَا إذَا طَلَبَتْ الْأُجْرَةَ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ لِأَنَّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>