وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِلْكَهُ.
وَعَلَيْهِ لِمَنْ لَا يَلِيقُ بِهَا خِدْمَةُ نَفْسِهَا إخْدَامُهَا بِحُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ لَهُ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ، أَوْ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى مَنْ صَحِبَتْهَا مِنْ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ لِخِدْمَةٍ وَسَوَاءٌ فِي هَذَا مُوسِرٌ وَمُعْسِرٌ وَعَبْدٌ،
ــ
[مغني المحتاج]
وَالْكِسْوَةِ حَيْثُ رُوعِيَ فِيهِمَا حَالُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِكُ إبْدَالَهُمَا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِمَّنْ يَسْكُنُ الْخَانَ أُسْكِنَتْ دَارًا أَوْ حُجْرَةً، وَيُنْظَرُ إلَى مَا يَلِيقُ بِهَا مِنْ سَعَةٍ أَوْ ضِيقٍ، قَالَ تَعَالَى: {وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} [الطلاق: ٦] ، (وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي الْمَسْكَنِ (كَوْنُهُ مِلْكَهُ) قَطْعًا، بَلْ يَجُوزُ إسْكَانُهَا فِي مَوْقُوفٍ وَمُسْتَأْجَرٍ وَمُسْتَعَارٍ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَلَوْ سَكَنَتْ هِيَ وَالزَّوْجُ فِي مَنْزِلِهَا مُدَّةً سَقَطَ فِيهَا حَقُّ السُّكْنَى، وَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا بِأُجْرَةِ سَكَنِهِ مَعَهَا إنْ كَانَتْ أَذِنَتْ لَهُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ الْمُطْلَقَ الْعَرِيَّ عَنْ ذِكْرِ عِوَضٍ يُنَزَّلُ عَلَى الْإِعَارَةِ وَالْإِبَاحَةِ اهـ. وَمَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ فِي آخِرِ الْعِدَدِ. .
ثُمَّ شَرَعَ فِي الْوَاجِبِ السَّابِعِ وَهُوَ الْخَادِمُ فَقَالَ (وَ) يَجِبُ (عَلَيْهِ لِمَنْ) أَيْ لِزَوْجَةٍ حُرَّةٍ (لَا يَلِيقُ بِهَا خِدْمَةُ نَفْسِهَا) بِأَنْ كَانَتْ مِمَّنْ تُخْدَمُ فِي بَيْتِ أَبِيهَا مَثَلًا، لِكَوْنِهَا لَا يَلِيقُ بِهَا خِدْمَةُ نَفْسِهَا فِي عَادَةِ الْبَلَدِ كَمَنْ يَخْدُمُهَا أَهْلُهَا، أَوْ تُخْدَمُ بِأَمَةٍ، أَوْ بِحُرَّةٍ، أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، لَا بِارْتِفَاعِهَا بِالِانْتِقَالِ إلَى بَيْتِ زَوْجِهَا (إخْدَامُهَا) لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ، وَذَلِكَ إمَّا (بِحُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ لَهُ) أَوْ لَهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي (أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ، أَوْ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى مَنْ صَحِبَتْهَا مِنْ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ لِخِدْمَةٍ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ كَلَامُهُ يَقْتَضِي تَعَيُّنَ الْإِنَاثِ لِلْإِخْدَامِ وَلَيْسَ مُرَادًا، فَيَجُوزُ كَوْنُ الْخَادِمِ صَبِيًّا مُمَيِّزًا مُرَاهِقًا، أَوْ مَحْرَمًا، أَوْ مَمْلُوكًا لَهَا، أَوْ مَمْسُوحًا، وَلَا يَجُوزُ بِكَبِيرٍ وَلَا شَيْخٍ لِتَحْرِيمِ النَّظَرِ، وَلَا بِذِمِّيَّةٍ لِمُسْلِمَةٍ، إذْ لَا تُؤْمَنُ عَدَاوَتُهَا الدِّينِيَّةُ، وَلِتَحْرِيمِ النَّظَرِ، وَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَدَمُ جَوَازِ عَكْسِهِ أَيْضًا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِهْنَةِ، وَهَذَا فِي الْخِدْمَةِ الْبَاطِنَةِ. أَمَّا الظَّاهِرَةُ كَقَضَاءِ الْحَوَائِجِ مِنْ السُّوقِ فَيَتَوَلَّاهَا الرِّجَالُ وَغَيْرُهُمْ.
تَنْبِيهٌ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُتَّبَعَ فِي تَعْيِينِ الْخَادِمِ الزَّوْجُ لَا الزَّوْجَةُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي الِابْتِدَاءِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَخْدَمَهَا خَادِمًا وَأَلِفَتْهُ، أَوْ كَانَتْ حَمَلَتْ مَعَهَا خَادِمًا وَأَرَادَ إبْدَالَهُ فَلَا يَجُوزُ لِتَضَرُّرِهَا بِقَطْعِ الْمَأْلُوفِ إلَّا إنْ ظَهَرَتْ رِيبَةٌ أَوْ خِيَانَةٌ فَلَهُ الْإِبْدَالُ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ خَادِمٍ، وَلَوْ أَرَادَتْ زِيَادَةَ خَادِمٍ آخَرَ مِنْ مَالِهَا كَانَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ دُخُولِ دَارِهِ وَمِنْ اسْتِخْدَامِهَا لَهُ، وَلَهُ إخْرَاجُ مَا عَدَا خَادِمِهَا مِنْ مَالٍ وَوَلَدٍ لَهَا مِنْ غَيْرِهِ، وَلَهُ مَنْعُ أَبَوَيْهَا مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهَا، لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ (وَسَوَاءٌ فِي هَذَا) أَيْ وُجُوبِ الْإِخْدَامِ (مُوسِرٌ) وَمُتَوَسِّطٌ (وَمُعْسِرٌ) وَمُكَاتَبٌ (وَعَبْدٌ) كَسَائِرِ الْمُؤَنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهَا.
تَنْبِيهٌ أَفْهَمَ قَوْلُهُ " إخْدَامُهَا " أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ قَالَ: أَنَا أَخْدُمُهَا بِنَفْسِي لِيَسْقُطَ عَنِّي مُؤْنَةُ الْخَادِمِ لَمْ يَلْزَمْهَا الرِّضَا بِهِ وَلَوْ فِيمَا لَا تَسْتَحِي مِنْهُ كَغَسْلِ ثَوْبٍ، وَاسْتِقَاءِ مَاءٍ، وَطَبْخٍ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَحِي مِنْهُ وَتُعَيَّرُ بِهِ، وَأَنَّهَا لَوْ قَالَتْ: أَنَا أَخْدُمُ نَفْسِي وَآخُذُ أُجْرَةَ الْخَادِمِ أَوْ مَا يَأْخُذُ مِنْ نَفَقَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute