فَإِنْ أَخْدَمَهَا بِحُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ بِأُجْرَةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهَا أَوْ بِأَمَتِهِ أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِالْمِلْكِ أَوْ بِمَنْ صَحِبَتْهَا لَزِمَهُ نَفَقَتُهَا.
وَجِنْسُ طَعَامِهَا جِنْسُ طَعَامِ الزَّوْجَةِ، وَهُوَ مُدٌّ عَلَى مُعْسِرٍ وَكَذَا مُتَوَسِّطٌ فِي الصَّحِيحِ، وَمُوسِرٌ مُدٌّ وَثُلُثٌ وَلَهَا كِسْوَةٌ تَلِيقُ بِحَالِهَا،
ــ
[مغني المحتاج]
الرِّضَا بِهَا؛ لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا، وَلَهُ أَنْ لَا يَرْضَى بِهِ لِابْتِذَالِهَا بِذَلِكَ، فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ فَكَاعْتِيَاضِهَا عَنْ النَّفَقَةِ حَيْثُ لَا رِبَا، وَقَضِيَّتُهُ الْجَوَازُ يَوْمًا بِيَوْمٍ (فَإِنْ أَخْدَمَهَا) الزَّوْجُ (بِحُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ بِأُجْرَةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهَا) أَيْ الْأُجْرَةِ، وَلَوْ أَخْدَمَهَا أَمَةً مُسْتَعَارَةً أَوْ حُرَّةً مُتَبَرِّعَةً بِالْخِدْمَةِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: سَقَطَ الْوُجُوبُ عَنْهُ، وَحَمَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَلَى مَا إذَا رَضِيَتْ الزَّوْجَةُ بِهِ، فَإِنْ امْتَنَعَتْ فَلَهَا ذَلِكَ لِلْمِنَّةِ (أَوْ) أَخْدَمَهَا (بِأَمَتِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِالْمِلْكِ، أَوْ) أَخْدَمَهَا (بِمَنْ صَحِبَتْهَا) حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً (لَزِمَهُ نَفَقَتُهَا) وَفِطْرَتُهَا كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا، فَإِنْ كَانَتْ الْمَصْحُوبَةُ مَمْلُوكَةً لِلزَّوْجَةِ مَلَكَتْ نَفَقَتَهَا كَمَا تَمْلِكُ نَفَقَةَ نَفْسِهَا، وَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَيَجُوزُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنْ تَمْلِكَ نَفَقَةَ نَفْسِهَا كَمَا تَمْلِكُ الزَّوْجَةُ نَفَقَةَ نَفْسِهَا، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: تَمْلِكُهَا الزَّوْجَةُ لِتَدْفَعَهَا إلَيْهَا، وَلَهَا أَنْ تَتَصَرَّفَ فِيهَا وَتَكْفِيَهَا مِنْ مَالِهَا. فَائِدَةٌ: الْخَادِمُ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَلِذَلِكَ يُذَكِّرُ الْمُصَنِّفُ الضَّمَائِرَ تَارَةً، وَيُؤَنِّثُهَا أُخْرَى كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التَّقْدِيرِ فِي كَلَامِهِ، وَيُقَالُ فِي لُغَةٍ قَلِيلَةٍ لِلْأُنْثَى خَادِمَةٌ. .
تَنْبِيهٌ لُزُومُ نَفَقَةِ الْمَصْحُوبَةِ سَبَقَ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى مَنْ صَحِبَتْهَا، وَلَعَلَّ ذِكْرَهُ ثَانِيًا لِبَيَانِ جِنْسِ مَا تُعْطَاهُ، وَقَدْرِهِ كَمَا قَالَ (وَجِنْسُ طَعَامِهَا) أَيْ خَادِمِ الزَّوْجَةِ (جِنْسُ طَعَامِ الزَّوْجَةِ) وَقَدْ مَرَّ، إذْ مِنْ الْمَعْرُوفِ أَنْ لَا يَتَخَصَّصَ عَنْ خَادِمِهَا.
تَنْبِيهٌ سَكَتَ عَنْ النَّوْعِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُجْعَلُ نَوْعُ الْمَخْدُومَةِ أَجْوَدَ لِلْعَادَةِ (وَهُوَ) أَيْ مِقْدَارُ طَعَامِ الْخَادِمِ (مُدٌّ عَلَى مُعْسِرٍ) جَزْمًا، إذْ النَّفْسُ لَا تَقُومُ بِدُونِهِ غَالِبًا فَلِذَلِكَ سَارَتْ الْمَخْدُومَةُ فِيهِ (وَكَذَا مُتَوَسِّطٌ) عَلَيْهِ مُدٌّ (فِي الصَّحِيحِ) قِيَاسًا عَلَى الْمُعْسِرِ، وَالثَّانِي، مُدٌّ وَثُلُثٌ كَالْمُوسِرِ، وَالثَّالِثُ مُدٌّ وَسُدُسٌ لِتَفَاوُتِ الْمَرَاتِبِ بَيْنَ الْخَادِمِ وَالْمَخْدُومَةِ (وَمُوسِرٌ مُدٌّ وَثُلُثٌ) عَلَى النَّصِّ. قَالَ الْأَصْحَابُ: وَلَا نَدْرِي مِنْ أَيْنَ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هَذَا التَّقْرِيرَ، وَأَقْرَبُ مَا قِيلَ فِي تَوْجِيهِهِ: إنَّ نَفَقَةَ الْخَادِمَةِ عَلَى الْمُتَوَسِّطِ مُدٌّ وَهُوَ ثُلُثَا نَفَقَةِ الْمَخْدُومَةِ، وَالْمُدُّ وَالثُّلُثُ عَلَى الْمُوسِرِ، وَهُوَ ثُلُثَا نَفَقَةِ الْمَخْدُومَةِ، وَوَجَّهُوا أَيْضًا التَّقْدِيرَ فِي الْمُوسِرِ بِمُدٍّ وَثُلُثٍ، وَفِي الْمُتَوَسِّطِ بِمُدٍّ بِأَنَّ لِلْخَادِمَةِ وَالْمَخْدُومَةِ فِي النَّفَقَةِ حَالَةَ كَمَالٍ وَحَالَةَ نَقْصٍ، وَهُمَا فِي الثَّانِيَةِ يَسْتَوِيَانِ، فَفِي الْأُولَى يُزَادُ فِي الْمَفْضُولَةِ ثُلُثُ مَا يُزَادُ لِلْفَاضِلَةِ كَمَا أَنَّ لِلْأَبَوَيْنِ فِي الْإِرْثِ حَالَةَ كَمَالٍ وَحَالَةَ نَقْصٍ، وَهُمَا فِي الثَّانِيَةِ سَوَاءٌ، وَهِيَ أَنْ يَكُونَ لِلْمَيِّتِ ابْنٌ يَسْتَوِيَانِ فِي أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمْ السُّدُسَ، وَفِي الْأُولَى إذَا انْفَرَدَا يَكُونُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا فَيُزَادُ لِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا يُزَادُ لِلْأَبِ، وَلِهَذَا أَلْحَقُوا الْمُتَوَسِّطَ بِالْمُعْسِرِ وَلَمْ يُلْحِقُوهُ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ بِهِ (وَلَهَا) أَيْضًا (كِسْوَةٌ تَلِيقُ بِحَالِهَا) وَلَوْ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute