عِدَّتِهَا.
وَالْحَائِلُ الْبَائِنُ بِخُلْعٍ أَوْ ثَلَاثٍ لَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا كِسْوَةَ، وَيَجِبَانِ لِحَامِلٍ لَهَا، وَفِي قَوْلٍ لِلْحَمْلِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا تَجِبُ لِحَامِلٍ عَنْ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ.
ــ
[مغني المحتاج]
انْقِضَاءِ (عِدَّتِهَا) ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ عَلَيْهِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي مُدَّتِهَا بِيَمِينِهَا إنْ كَذَّبَهَا، وَبِدُونِهِ إنْ صَدَّقَهَا، فَإِنْ جَهِلَتْ وَقْتَ انْقِضَائِهَا قَدَّرَتْ بِعَادَتِهَا حَيْضًا وَطُهْرًا إنْ لَمْ تَخْتَلِفْ، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ اُعْتُبِرَ بِأَقَلِّهَا فَيَرْجِعُ الزَّوْجُ بِمَا زَادَ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقِّنُ وَهِيَ لَا تَدَّعِي زِيَادَةً عَلَيْهِ، فَإِنْ نَسِيَتْهَا اُعْتُبِرَتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَيَرْجِعُ بِمَا زَادَ عَلَيْهِ أَخْذًا بِغَالِبِ الْعَادَاتِ، وَقِيلَ: يَرْجِعُ بِمَا زَادَ عَلَى أَقَلِّ مَا يُمْكِنُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِهِ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ انْتَفَى عَنْهُ الْوَلَدُ الَّذِي أَتَتْ بِهِ لِعَدَمِ إمْكَانِ لُحُوقِهِ اسْتَرَدَّ الزَّوْجُ مِنْهَا مَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ وَلَكِنَّهَا تُسْأَلُ عَنْ الْوَلَدِ فَقَدْ تَدَّعِي وَطْءَ شُبْهَةٍ فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ وَالْحَمْلُ يَقْطَعُهَا كَالنَّفَقَةِ فَتُتِمُّ الْعِدَّةَ بَعْدَ وَضْعِهِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا تَتْمِيمَهَا.
(وَ) الْمُعْتَدَّةُ (الْحَائِلُ الْبَائِنُ بِخُلْعٍ أَوْ ثَلَاثٍ) فِي الْحُرِّ وَاثْنَتَيْنِ فِي الْعَبْدِ (لَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا كِسْوَةَ) قَطْعًا لِزَوَالِ الزَّوْجِيَّةِ فَأَشْبَهَتْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا (وَيَجِبَانِ) أَيْ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ (لِحَامِلٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ} [الطلاق: ٦] وَلِأَنَّهَا مَشْغُولَةٌ بِمِائَةٍ فَهُوَ مُسْتَمْتِعٌ بِرَحِمِهَا فَسَارَ كَالِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ، إذْ النَّسْلُ مَقْصُودٌ بِالنِّكَاحِ كَمَا أَنَّ الْوَطْءَ مَقْصُودٌ بِهِ.
تَنْبِيهٌ: اقْتِصَارُهُ عَلَى النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ قَدْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَيْرُهُمَا، وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ يَجِبُ لَهَا الْأُدْمُ كَمَا فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ وَالسُّكْنَى كَمَا مَرَّ آخِرَ الْعَدَدِ، وَذَكَرَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ أَيْضًا وُجُوبَ الْخَادِمِ لِمَخْدُومَةٍ، وَاحْتُرِزَ بِالْبَيْنُونَةِ بِالْخُلْعِ أَوْ الثَّلَاثِ عَنْ الْبَائِنِ بِالْفَسْخِ بِالْعَيْبِ وَغَيْرِهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِسَبَبٍ مُقَارِنٍ لِلْعَقْدِ كَالْعَيْبِ وَالْغُرُورِ فَلَا نَفَقَةَ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ بِهِ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ، وَلِذَلِكَ لَا يَجِبُ الْمَهْرُ إنْ لَمْ يَكُنْ دُخُولٌ، وَإِنْ كَانَ بِسَبَبٍ عَارِضٍ كَالرِّدَّةِ وَالرَّضَاعِ وَاللِّعَانِ إنْ لَمْ يَنْفِ الْوَلَدَ فَيَجِبُ؛ لِأَنَّهُ قُطِعَ لِلنِّكَاحِ كَالطَّلَاقِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الدَّمِيرِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ أَنْ هَذَا التَّفْصِيلَ فِي الْحَائِلِ، وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ إنَّمَا هُوَ فِي الْحَامِلِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَالْوَاجِبُ فِيمَا ذُكِرَ (لَهَا) بِسَبَبِ الْحَمْلِ عَلَى الصَّحِيحِ أَنَّهَا تَجِبُ مُقَدَّرَةً، وَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، وَلَوْ كَانَتْ لِلْحَمْلِ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ (وَفِي قَوْلٍ) قَدِيمٍ يَجِبُ مَا ذُكِرَ (لِلْحَمْلِ) فَقَطْ لِوُجُوبِ مَا ذُكِرَ بِوُجُودِ الْحَمْلِ وَعَدَمِهِ بِعَدَمِ الْحَمْلِ، وَإِنَّمَا صُرِفَ لَهَا لِتُغَذِّيَهُ بِغِذَائِهَا، ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى الْخِلَافِ قَوْلَهُ (فَعَلَى الْأَوَّلِ) الْأَصَحُّ (لَا تَجِبُ) نَفَقَةٌ وَلَا غَيْرُهَا (لِحَامِلٍ عَنْ) وَطْءِ (شُبْهَةٍ) وَهِيَ غَيْرُ مُزَوَّجَةٍ (أَوْ) لِحَامِلٍ عَنْ (نِكَاحٍ فَاسِدٍ) لِأَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا فِي حَالِ التَّمْكِينِ فَبَعْدَهُ أَوْلَى، وَعَلَى الثَّانِي تَجِبُ كَمَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بَعْدَ الِانْفِصَالِ، وَلَوْ كَانَ زَوْجُ الْحَامِلِ الْبَائِنِ رَقِيقًا، إنْ قُلْنَا: النَّفَقَةُ لَهَا وَجَبَتْ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْمُعْسِرِ وَإِلَّا فَلَا.
أَمَّا الْمَنْكُوحَةُ إذَا حَبِلَتْ مِنْ الْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ، فَإِنْ أَوْجَبْنَا النَّفَقَةَ عَلَى الْوَاطِئِ سَقَطَتْ عَنْ الزَّوْجِ قَطْعًا، وَإِلَّا فَعَلَى الْأَصَحِّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute