للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقُدْرَتُهُ عَلَى الْكَسْبِ كَالْمَالِ، وَإِنَّمَا يُفْسَخُ بِعَجْزِهِ عَنْ نَفَقَةِ مُعْسِرٍ.

وَالْإِعْسَارُ بِالْكِسْوَةِ

ــ

[مغني المحتاج]

تَنْبِيهٌ: يَجُوزُ لَهَا إذَا أَعْسَرَ الزَّوْجُ وَلَهُ دَيْنٌ عَلَى غَيْرِ مُؤَجِّلٍ بِقَدْرِ مُدَّةِ إحْضَارِ مَالِ الْغَائِبِ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ الْفَسْخُ بِخِلَافِ تَأْجِيلِهِ بِدُونِ ذَلِكَ. وَلَهَا الْفَسْخُ أَيْضًا لِكَوْنِ مَالِهِ عُرُوضًا لَا يُرْغَبُ فِيهَا وَلِكَوْنِ دَيْنِهِ حَالًّا عَلَى مُعْسِرٍ، وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا فِي حَالِ الْإِعْسَارِ لَا تَصِلُ إلَى حَقِّهَا، وَالْمُعْسِرُ يَنْظُرُ بِخِلَافِهَا فِي حَالِ الْيَسَارِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ دَيْنُهُ عَلَى مُوسِرٍ حَاضِرٍ غَيْرِ مُمَاطِلٍ، وَلَوْ غَابَ الْمَدْيُونُ الْمُوسِرُ وَكَانَ مَالُهُ بِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، فَهَلْ لَهَا الْفَسْخُ أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ، أَوْجُهُهُمَا الثَّانِي، وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَمِيلُ إلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ الْمَدْيُونُ حَاضِرًا وَمَالُهُ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ كَانَ لَهَا الْفَسْخُ كَمَا لَوْ كَانَ مَالُ الزَّوْجِ غَائِبًا، وَلَا يُفْسَخُ بِكَوْنِ الزَّوْجِ مَدْيُونًا وَإِنْ اسْتَغْرَقَتْ الدُّيُونُ مَالَهُ حَتَّى يَصْرِفَهُ إلَيْهَا، وَلَا تُفْسَخُ بِضَمَانِ غَيْرِهِ لَهُ بِإِذْنِهِ نَفَقَةُ يَوْمٍ بِيَوْمٍ بِأَنْ تَجَدَّدَ ضَمَانُ كُلِّ يَوْمٍ. وَأَمَّا ضَمَانُهَا جُمْلَةً لَا يَصِحُّ فَتُفْسَخُ بِهِ (وَقُدْرَتُهُ) أَيْ الزَّوْجِ (عَلَى الْكَسْبِ كَالْمَالِ) أَيْ كَالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، فَلَوْ كَانَ يَكْسِبُ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرَ النَّفَقَةِ لَمْ يُفْسَخْ؛ لِأَنَّهَا هَكَذَا تَجِبُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَدَّخِرَ لِلْمُسْتَقْبَلِ، فَلَوْ كَانَ يَكْسِبُ فِي يَوْمٍ مَا يَكْفِي لِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَّصِلًا ثُمَّ لَا يَكْسِبُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً ثُمَّ يَكْسِبُ فِي يَوْمٍ مَا يَكْفِي لِلْأَيَّامِ الْمَاضِيَةِ فَلَا فَسْخَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُعْسِرٍ، وَلَا تَشُقُّ الِاسْتِدَانَةُ لِمِثْلِ هَذَا التَّأْخِيرِ الْيَسِيرِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يُصْبِرَهَا هَذِهِ الْمُدَّةَ بِلَا نَفَقَةٍ، بَلْ الْمُرَادُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ هَذَا فِي حُكْمِ الْوَاجِدِ لِنَفَقَتِهَا وَتُنْفِقُ مِمَّا اسْتَدَانَهُ لِإِمْكَانِ الْقَضَاءِ، فَلَوْ كَانَ يَكْسِبُ فِي يَوْمٍ كِفَايَةَ أُسْبُوعٍ فَتَعَذَّرَ الْعَمَلُ فِيهِ لِعَارِضٍ فَسَخَتْ لِتَضَرُّرِهَا، وَيَكُونُ قُدْرَتُهُ عَلَى الْكَسْبِ بِمَنْزِلَةِ دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ بِقَدْرِ مَا مَرَّ فِيهِ، وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْكَسْبِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ لَمْ تَفْسَخْ، كَالْمُوسِرِ الْمُمْتَنِعِ.

تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْكَسْبُ لِلْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا يَلْزَمُهُ لِنَفَقَةِ نَفْسِهِ وَأَنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَلَى تَكَسُّبِ نَفَقَةِ الْمُوسِرِ لَزِمَهُ تَعَاطِيهِ، وَلَكِنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَوَائِلَ هَذَا الْبَابِ أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى كَسْبٍ وَاسِعٍ لَا يُخْرِجهُ عَنْ حَدِّ الْإِعْسَارِ وَأَطْلَقَ الشَّيْخَانِ الْكَسْبَ، وَمَحَلُّهُ مَا إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى كَسْبٍ حَلَالٍ.

أَمَّا إذَا كَانَ الْكَسْبُ بِأَعْيَانٍ مُحَرَّمَةٍ كَبَيْعِ الْخَمْرِ أَوْ كَانَ الْفِعْلُ الْمُوَصِّلُ لِلْكَسْبِ مُحَرَّمًا كَكَسْبِ الْمُنَجِّمِ وَالْكَاهِنِ فَهُوَ كَالْعَدَمِ؛ وَإِنْ خَالَفَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي (وَإِنَّمَا يُفْسَخُ) لِلزَّوْجَةِ النِّكَاحُ (بِعَجْزِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (عَنْ نَفَقَةِ مُعْسِرٍ) حَاضِرَةٍ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ يَتَحَقَّقُ بِذَلِكَ، فَلَوْ عَجَزَ عَنْ نَفَقَةِ مُوسِرٍ أَوْ مُتَوَسِّطٍ لَمْ يَنْفَسِخْ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ الْآنَ نَفَقَةُ مُعْسِرٍ فَلَا يَصِيرُ الزَّائِدُ دَيْنًا عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْمُوسِرِ أَوْ الْمُتَوَسِّطِ إذَا أَنْفَقَ مُدًّا فَإِنَّهَا لَا تُفْسَخُ وَيَصِيرُ الْبَاقَّيْ دَيْنًا عَلَيْهِ. فُرُوعٌ: لَوْ وَجَدَ الزَّوْجُ نِصْفَ الْمُدِّ بُكْرَةَ غَدٍ وَقْتِهِ وَنِصْفَهُ عِشَاءً كَذَلِكَ لَمْ تُفْسَخُ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ وَجَدَ يَوْمًا مُدًّا وَيَوْمًا نِصْفَ مُدٍّ كَانَ لَهَا الْفَسْخُ، وَلَوْ وَجَدَ كُلَّ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ مُدٍّ كَانَ لَهَا الْفَسْخُ أَيْضًا كَمَا شَمِلَتُهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ زَعَمَ الزَّرْكَشِيُّ خِلَافَهُ.

(وَالْإِعْسَارُ بِالْكِسْوَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>