للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَهُوَ بِالنَّفَقَةِ، وَكَذَا بِالْأُدْمِ، وَالْمَسْكَنِ فِي الْأَصَحِّ. قُلْت: الْأَصَحُّ الْمَنْعُ فِي الْأُدْمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفِي إعْسَارِهِ بِالْمَهْرِ أَقْوَالٌ: أَظْهَرُهَا تُفْسَخُ قَبْلَ وَطْءٍ لَا بَعْدَهُ،

ــ

[مغني المحتاج]

كَهُوَ) أَيْ كَالْإِعْسَارِ (بِالنَّفَقَةِ) عَلَى الصَّحِيحِ إذْ لَا بُدَّ مِنْهَا وَلَا يَبْقَى الْبَدَنُ بِدُونِهَا غَالِبًا، وَقِيلَ: لَا؛ لِأَنَّ الْحَيَاةَ تَبْقَى بِدُونِهَا.

تَنْبِيهٌ: سَكَتَ الشَّيْخَانِ عَنْ الْإِعْسَارِ بِبَعْضِ الْكِسْوَةِ، وَأَطْلَقَ الْفَارِقِيُّ أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ، وَالتَّحْرِيرَ فِيهَا كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَهُوَ أَنَّ الْمَعْجُوزَ عَنْهُ إنْ كَانَ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ كَالْقَمِيصِ، وَالْخِمَارِ، وَجُبَّةِ الشِّتَاءِ، فَلَهَا الْخِيَارُ، وَإِنْ كَانَ مِنْهُ بُدٌّ كَالسَّرَاوِيلِ وَالنَّعْلِ وَبَعْضِ مَا يُفْرَشُ وَالْمِخَدَّةِ فَلَا خِيَارَ وَلَا فَسْخَ بِالْعَجْزِ عَنْ الْأَوَانِي وَنَحْوِهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ ضَرُورِيًّا كَالسُّكْنَى وَإِنْ كَانَ يَصِيرُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ (وَكَذَا) الْإِعْسَارُ (بِالْأُدْمِ وَالْمَسْكَنِ) كَهُوَ بِالنَّفَقَةِ (فِي الْأَصَحِّ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ يُعْسَرُ الصَّبْرُ عَلَى الْخُبْزِ الْبَحْتِ، أَيْ: الَّذِي بِلَا أُدْمٍ، وَلَا بُدَّ لِلْإِنْسَانِ مِنْ مَسْكَنٍ يَقِيهِ مِنْ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ. وَالثَّانِي: لَا فَسْخَ بِذَلِكَ.

أَمَّا الْمَسْكَنُ فَلِأَنَّ النَّفْسَ تَقُومُ بِدُونِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُعْدَمُ مَسْجِدًا أَوْ مَوْضِعًا مُبَاحًا، وَرُدَّ بِأَنَّ الْحَوَالَةَ عَلَى الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ كَالْحَوَالَةِ فِي النَّفَقَةِ عَلَى السُّؤَالِ. وَأَمَّا الْأُدْمُ فَلِأَنَّ الْبَدَنَ يَقُومُ بِدُونِهِ، وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ (قُلْت: الْأَصَحُّ الْمَنْعُ) أَيْ: مَنْعُ فَسْخِهَا (فِي) الْإِعْسَارِ بِسَبَبِ (الْأُدْمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بِخِلَافِ الْقُوتِ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَاقْتَضَى كَلَامُ الْكَبِيرِ أَنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَيْهِ، وَتَوَسَّطَ الْمَاوَرْدِيُّ فَقَالَ: إنْ كَانَ الْقُوتُ مِمَّا يَنْسَاغُ دَائِمًا لِلْفُقَرَاءِ بِلَا أُدْمٍ فَلَا فَسْخَ وَإِلَّا فُسِخَتْ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي الْإِعْسَارِ بِنَفَقَةِ الْخَادِمِ.

(وَفِي إعْسَارِهِ بِالْمَهْرِ أَقْوَالٌ: أَظْهَرُهَا) عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ (تَفْسَخُ قَبْلَ وَطْءٍ) لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِ الْعِوَضِ مَعَ بَقَاءِ الْمُعَوَّضِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا لَمْ يَقْبِضْ الْبَائِعُ الثَّمَنَ حَتَّى حَجَرَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَلَسِ وَالْمَبِيعُ بَاقٍ بِعَيْنِهِ، وَهَذَا الْفَسْخُ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ، وَكَلَامُ التَّتِمَّةِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ، وَ (لَا) تُفْسَخُ (بَعْدَهُ) لِتَلَفِ الْمُعَوَّضِ وَصَيْرُورَةِ الْعِوَضِ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ. وَالثَّانِي: لَا يَثْبُتُ الْفَسْخُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ النَّفْسَ تَقُومُ بِدُونِ الْمَهْرِ. وَالثَّالِثُ: تُفْسَخُ مُطْلَقًا، أَمَّا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَمَّا مَرَّ. وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلِأَنَّ الْبُضْعَ لَا يُتْلَفُ حَقِيقَةً بِالْوَطْءِ.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ مَا إذَا لَمْ تَقْبِضْ مِنْ الْمَهْرِ شَيْئًا، فَلَوْ قَبَضَتْ بَعْضَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ كَمَا هُوَ مُعْتَادٌ وَأَعْسَرَ بِالْبَاقِي أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ لَا فَسْخَ بِعَجْزِهِ عَنْ بَقِيَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَقَرَّ لَهُ مِنْ الْبُضْعِ بِقِسْطِهِ، فَلَوْ فَسَخَتْ لَعَادَ لَهَا الْبُضْعُ بِكَمَالِهِ لِتَعَذُّرِ الشَّرِكَةِ فِيهِ فَيُؤَدِّي إلَى الْفَسْخِ فِيمَا اسْتَقَرَّ لِلزَّوْجِ، بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْفَسْخِ بِالْفَلَسِ لِإِمْكَانِ الشَّرِكَةِ فِي الْبَيْعِ، وَأَفْتَى الْبَارِزِيُّ بِأَنَّ لَهَا الْفَسْخَ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِصِدْقِ الْعَجْزِ عَنْ الْمَهْرِ بِالْعَجْزِ عَنْ بَعْضِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هُوَ الْوَجْهُ نَقْلًا وَمَعْنًى اهـ.

وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا اعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ إذْ يَلْزَمُ عَلَى فَتْوَى ابْنِ الصَّلَاحِ كَمَا قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ إجْبَارُ الزَّوْجَةِ عَلَى تَسْلِيمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>