وَلَا فَسْخَ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَ قَاضٍ إعْسَارُهُ فَيَفْسَخَهُ أَوْ يَأْذَنَ لَهَا فِيهِ ثُمَّ فِي قَوْلٍ يُنَجَّزُ الْفَسْخُ، وَالْأَظْهَرُ إمْهَالُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَلَهَا الْفَسْخُ صَبِيحَةَ الرَّابِعِ إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ نَفَقَتَهُ، وَلَوْ مَضَى يَوْمَانِ بِلَا نَفَقَةٍ وَأَنْفَقَ الثَّالِثَ وَعَجَزَ الرَّابِعَ بَنَتْ، وَقِيلَ تَسْتَأْنِفُ.
ــ
[مغني المحتاج]
نَفْسِهَا بِتَسْلِيمِ بَعْضِ الصَّدَاقِ إذْ لَيْسَ لَهَا مَنْعُ الزَّوْجِ مِمَّا اسْتَقَرَّ لَهُ مِنْ الْبُضْعِ، وَهُوَ مُسْتَبْعَدٌ، وَلَوْ أُجْبِرَتْ لَاتَّخَذَ الْأَزْوَاجُ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى إبْطَالِ حَقِّ الْمَرْأَةِ مِنْ حَبْسِ نَفْسِهَا بِتَسْلِيمِ دِرْهَمٍ وَاحِدٍ مِنْ صَدَاقٍ وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَهُوَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ، وَقَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ: لَوْ جَوَّزْنَا لِلْمَرْأَةِ الْفَسْخَ لَعَادَ إلَيْهَا الْبُضْعُ بِكَمَالِهِ مُعَارَضٌ بِمِثْلِهِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجُزْ لَهَا الْفَسْخُ لَلَزِمَ إجْبَارُهَا عَلَى تَسْلِيمِ الْبُضْعِ بِكَمَالِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا مَحْذُورَ فِي رُجُوعِ الْبُضْعِ إلَيْهَا بِكَمَالِهِ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ يُرَدُّ عَلَى الزَّوْجِ بِكَمَالِهِ، إذْ عَلَى تَقْدِيرِ الْفَسْخِ يَجِبُ عَلَيْهَا رَدُّ مَا قَبَضَتْهُ (وَلَا فَسْخَ) بِإِعْسَارِ زَوْجٍ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ (حَيْثُ يَثْبُتُ عِنْدَ قَاضٍ) بَعْدَ الرَّفْعِ أَوْ عِنْدَ مُحَكِّمٍ (إعْسَارُهُ) بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي كَمَا فِي الْعُنَّةِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ اجْتِهَادٍ، وَيَكْفِي عِلْمُ الْقَاضِي إذَا قُلْنَا: يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ وَحِينَئِذٍ (فَيَفْسَخَهُ) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ بَعْدَ الثُّبُوتِ (أَوْ يَأْذَنُ لَهَا فِيهِ) وَلَيْسَ لَهَا مَعَ عِلْمِهَا بِالْعَجْزِ الْفَسْخُ قَبْلَ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي وَلَا بَعْدَهُ قَبْلَ الْإِذْنِ فِيهِ، وَلَا حَاجَةَ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ إلَى إيقَاعِهِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ إثْبَاتُ حَقِّ الْفَسْخِ.
تَنْبِيهٌ: هَذَا إذَا قَدَرَتْ عَلَى الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي، فَإِنْ اسْتَقَلَّتْ بِالْفَسْخِ لِعَدَمِ حَاكِمٍ وَمُحَكِّمٍ، أَوْ عَجَزَتْ عَنْ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي نَفَذَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِلضَّرُورَةِ، أَمَّا عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَنْفُذُ ظَاهِرًا وَكَذَا بَاطِنًا كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَصَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ أَخْذًا مِنْ نَقْلِ الْإِمَامِ لَهُ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَئِمَّةِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَيَفْسَخُهُ بِالرَّفْعِ بِخَطِّهِ، وَيَجُوزُ فِيهِ وَفِي يَأْذَنُ النَّصْبُ عَطْفًا عَلَى يَثْبُتَ (ثُمَّ) عَلَى ثُبُوتِ الْفَسْخِ بِإِعْسَارِ الزَّوْجِ بِالنَّفَقَةِ لَا يُمْهَلُ بِهَا (فِي قَوْلٍ) وَنُسِبَ لِلْقَدِيمِ بَلْ (يُنَجَّزُ الْفَسْخُ) عِنْدَ الْإِعْسَارِ وَقْتَ وُجُوبِ تَسْلِيمِهَا؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ الْإِعْسَارُ وَقَدْ حَصَلَ، وَلَا تَلْزَمُ الْإِمْهَالَ بِالْفَسْخِ (وَالْأَظْهَرُ إمْهَالُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الزَّوْجُ الْإِمْهَالَ لِتَحَقُّقِ عَجْزِهِ فَإِنَّهُ قَدْ يَعْجَزُ لِعَارِضٍ ثُمَّ يَزُولُ، وَهِيَ مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ يُتَوَقَّعُ فِيهَا الْقُدْرَةُ بِقَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَلَهَا) بَعْدَ الْإِمْهَالِ (الْفَسْخُ صَبِيحَةَ الرَّابِعِ) بِعَجْزِهِ عَنْ نَفَقَتِهِ بِلَا مُهْلَةٍ إلَى بَيَاضِ النَّهَارِ لِتَحَقُّقِ الْإِعْسَارِ (إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ نَفَقَتَهُ) أَيْ الرَّابِعِ فَقَطْ فَلَا تُفْسَخُ لِمَا مَضَى حِينَئِذٍ لِتَبَيُّنِ زَوَالِ الْعَارِضِ الَّذِي كَانَ الْفَسْخُ لِأَجْلِهِ، وَإِنْ عَجَزَ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ نَفَقَةَ الرَّابِعِ عَنْ نَفَقَةِ الْخَامِسِ بَنَتْ عَلَى الْمُدَّةِ وَلَمْ تَسْتَأْنِفْهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ (وَلَوْ مَضَى) عَلَى زَوْجِهَا (يَوْمَانِ بِلَا نَفَقَةٍ وَأَنْفَقَ الثَّالِثَ) بِأَنْ سَلَّمَ زَوْجَتَهُ نَفَقَتَهُ (وَعَجَزَ الرَّابِعَ) أَيْ: عَجَزَ فِيهِ عَنْ تَسْلِيمِ نَفَقَتِهِ (بَنَتْ) عَلَى الْيَوْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَلَهَا الْفَسْخُ صَبِيحَةَ الْخَامِسِ وَفِي الصُّورَتَيْنِ لِتَضَرُّرِهَا بِالِاسْتِئْنَافِ (وَقِيلَ تَسْتَأْنِفُ) مُدَّةً كَامِلَةً؛ لِأَنَّ الْعَجْزَ الْأَوَّلَ قَدْ زَالَ، وَضَعَّفَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ قَدْ يَتَّخِذُ ذَلِكَ عَادَةً فَيُؤَدِّي إلَى ضَرَرٍ عَظِيمٍ.
تَنْبِيهٌ: لَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ نَفَقَةَ يَوْمٍ قَدَرَ فِيهِ عَنْ نَفَقَةِ يَوْمٍ قَبْلَهُ عَجَزَ فِيهِ عَنْ نَفَقَتِهِ لِتَفْسَخَ عِنْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute