للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَهَا الْخُرُوجُ زَمَنَ الْمُهْلَةِ لِتَحْصِيلِ النَّفَقَةِ، وَعَلَيْهَا الرُّجُوعُ لَيْلًا.

وَلَوْ رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ أَوْ نَكَحَتْهُ عَالِمَةً بِإِعْسَارِهِ فَلَهَا الْفَسْخُ بَعْدَهُ، وَلَوْ رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ بِالْمَهْرِ فَلَا،

ــ

[مغني المحتاج]

تَمَامِ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْأَدَاءِ بِقَصْدِ الْمُؤَدِّي، فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ فَفِيهِ احْتِمَالَانِ: أَحَدُهُمَا: لَهَا الْفَسْخُ عِنْدَ تَمَامِ الثَّلَاثِ بِالتَّلْفِيقِ. وَثَانِيهِمَا: لَا، وَتُجْعَلُ الْقُدْرَةُ عَلَيْهَا مُبْطِلَةً لِلْمُهْلَةِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْمُتَبَادِرُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ، وَرَجَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الثَّانِي بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا فَسْخَ بِنَفَقَةِ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ.

وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ عَدَمَ فَسْخِهَا بِنَفَقَةِ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ قَبْلَ أَيَّامِ الْمُهْلَةِ لَا فِيهَا.

(وَلَهَا الْخُرُوجُ) مِنْ بَيْتِهَا (زَمَنَ الْمُهْلَةِ) نَهَارًا (لِتَحْصِيلِ النَّفَقَةِ) بِكَسْبٍ أَوْ تِجَارَةٍ أَوْ سُؤَالٍ، وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا سَوَاءٌ كَانَتْ فَقِيرَةً أَمْ غَنِيَّةً؛ لِأَنَّ التَّمْكِينَ وَالطَّاعَةَ فِي مُقَابَلَةِ النَّفَقَةِ، فَإِذَا لَمْ يُوَفِّهَا مَا عَلَيْهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ عَلَيْهَا حَجْرًا.

تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهَا الْإِنْفَاقُ مِنْ مَالِهَا أَوْ كَسْبٍ فِي بَيْتِهِ امْتَنَعَ عَلَيْهَا الْخُرُوجُ وَهُوَ وَجْهٌ، وَالصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ الْأَوَّلُ (وَعَلَيْهَا الرُّجُوعُ) إلَى بَيْتِهَا (لَيْلًا) لِأَنَّهُ وَقْتُ الْإِيوَاءِ دُونَ الْعَمَلِ وَالِاكْتِسَابِ، وَلَهَا مَنْعُهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا نَهَارًا، وَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِذَلِكَ فَكَذَا لَيْلًا، لَكِنْ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا عَنْ ذِمَّةِ الزَّوْجِ مُدَّةَ مَنْعِهَا، وَظَاهِرُ عِبَارَةِ ابْنِ الْمُقْرِي سُقُوطُهَا حَيْثُ مَنَعَتْهُ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، فَفِي الْحَاوِي أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ التَّمَتُّعَ بِهَا لَيْلًا لَا نَهَارًا مِنْ الْمُهْلَةِ، فَإِنْ أَبَتْ نَهَارَهُ فَلَيْسَتْ بِنَاشِزَةٍ، أَوْ لَيْلًا فَنَاشِزَةٌ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَتَبِعَهُ فِي الْكِفَايَةِ.

(وَلَوْ رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ) الْعَارِضِ (أَوْ نَكَحَتْهُ عَالِمَةً بِإِعْسَارِهِ فَلَهَا الْفَسْخُ بَعْدَهُ) أَيْ الرِّضَا فِي الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ يَتَجَدَّدُ كُلَّ يَوْمٍ، وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهَا: رَضِيت بِإِعْسَارِهِ أَبَدًا فَإِنَّهُ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ.

تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ يَوْمَ الرِّضَا فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لَهَا فِيهِ كَمَا قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْبَغَوِيُّ، وَيَتَجَدَّدُ الْإِمْهَالُ إذَا طَلَبَتْ الْفَسْخَ بَعْدَ الرِّضَا (وَلَوْ رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ بِالْمَهْرِ فَلَا) فَسْخَ لَهَا بِذَلِكَ بَعْدَ الرِّضَا؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يَتَجَدَّدُ وَالْحَاصِلُ مَرْضِيٌّ بِهِ.

تَنْبِيهٌ: سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَمَّا لَوْ نَكَحَتْهُ عَالِمَةً بِإِعْسَارِهِ بِالْمَهْرِ، بَلْ قَضِيَّتُهُ ثُبُوتُ الْفَسْخِ، لَكِنَّهُمَا رَجَّحَا عَدَمَهُ، كَمَا لَوْ رَضِيَتْ بِهِ فِي النِّكَاحِ ثُمَّ بَدَا لَهَا أَنْ تَفْسَخَ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ، فَقَدْ حَكَاهُ الْعِمْرَانِيُّ عَنْ الْجَدِيدِ، وَذَلِكَ عَنْ الْقَدِيمِ، وَقَدْ اغْتَرَّ فِي الرَّوْضَةِ بِمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ عِنْدِهِ لَمَّا لَمْ يَقِفْ عَلَى غَيْرِهِ وَزَادَ فَعَبَّرَ بِالْأَصَحِّ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَعَلَى الْفَسْخِ اقْتَصَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْجُمْهُورُ اهـ.

وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْفَسْخِ لِمَا مَرَّ، وَسَكَتَ أَيْضًا عَمَّا لَوْ نَكَحَتْ ثُمَّ عَلِمَتْ بِإِعْسَارِهِ فَأَمْسَكَتْ عَنْ الْمُحَاكَمَةِ، وَاَلَّذِي نَقَلَاهُ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّاهُ وَهُوَ فِي الْحَاوِي: أَنَّهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ طَلَبِهَا الْمَهْرَ كَانَ رِضًا بِالْإِعْسَارِ وَسَقَطَ خِيَارُهَا، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ لَمْ يَسْقُطْ، فَقَدْ تُؤَخِّرُ الْمُطَالَبَةَ لِوَقْتِ الْيَسَارِ، وَالْخِيَارُ بَعْدَ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي عَلَى الْفَوْرِ، فَلَوْ أَخَّرَتْ الْفَسْخَ سَقَطَ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يَتَجَدَّدُ وَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>