وَلَا فَسْخَ لِوَلِيِّ صَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ بِإِعْسَارٍ بِمَهْرٍ وَنَفَقَةٍ.
وَلَوْ أَعْسَرَ زَوْجُ أَمَةٍ بِالنَّفَقَةِ فَلَهَا الْفَسْخُ، فَإِنْ رَضِيَتْ فَلَا فَسْخَ لِلسَّيِّدِ فِي الْأَصَحِّ، وَلَهُ أَنْ يُلْجِئَهَا إلَيْهِ بِأَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهَا وَيَقُولَ: افْسَخِي أَوْ جُوعِي.
ــ
[مغني المحتاج]
رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ وَقَبْلَهُ عَلَى التَّرَاخِي؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُؤَخِّرُ الطَّلَبَ لِتَوَقُّعِ الْيَسَارِ، وَعُلِمَ مِنْ كَوْنِهِ عَلَى الْفَوْرِ بَعْدَ الطَّلَبِ أَنَّهُ لَا يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَا دُونَهَا، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَيْسَ بِوَاضِحٍ، بَلْ قَدْ يُقَالُ: إنَّ الْإِمْهَالَ هُنَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا تَتَضَرَّرُ بِتَأْخِيرِ النَّفَقَةِ، بِخِلَافِ الْمَهْرِ انْتَهَى، وَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنَّ الْمَنْقُولَ خِلَافُهُ (وَ) اعْلَمْ أَنَّ الْفَسْخَ حَقُّ الزَّوْجَةِ وَحِينَئِذٍ (لَا فَسْخَ لِوَلِيِّ صَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ) وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لَهُمَا (بِإِعْسَارٍ بِمَهْرٍ وَنَفَقَةٍ) كَمَا لَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَتُهُمَا؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ يَتَعَلَّقُ بِالطَّبْعِ وَالشَّهْوَةِ فَلَا يُفَوَّضُ إلَى غَيْرِ مُسْتَحِقَّةٍ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِمَا مِنْ مَالِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَالٌ أَنْفَقَ عَلَيْهِمَا مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمَا كَنَفَقَةِ الْخَلِيَّةِ وَتَصِيرُ نَفَقَتُهُمَا وَمَهْرُهُمَا دَيْنًا عَلَيْهِ يُطَالَبُ بِهِ إذَا أَيْسَرَ.
تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ عَدَمَ فَسْخِ وَلِيِّ الْبَالِغَةِ مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَالسَّفِيهَةُ الْبَالِغَةُ هُنَا كَالرَّشِيدَةِ.
(وَلَوْ أَعْسَرَ زَوْجُ أَمَةٍ) أَوْ مَنْ فِيهَا رِقٌّ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (بِالنَّفَقَةِ) أَوْ الْكِسْوَةِ (فَلَهَا الْفَسْخُ) بِذَلِكَ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهَا، فَإِنْ ضَمِنَ لَهَا النَّفَقَةَ بَعْدَ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِهَا صَحَّ كَضَمَانِ الْأَجْنَبِيِّ، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَضْمَنُ السَّيِّدُ وَهُوَ رَبُّ الدَّيْنِ دَيْنَهُ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ النَّفَقَةَ فِي الْأَصْلِ لَهَا، ثُمَّ يَتَلَقَّاهَا السَّيِّدُ فَصَحَّ ضَمَانُهُ.
تَنْبِيهٌ: اُسْتُثْنِيَ مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهَا مَا لَوْ أَنْفَقَ السَّيِّدُ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لَهَا حِينَئِذٍ، وَمَا لَوْ كَانَتْ زَوْجَةَ أَحَدِ أُصُولِ سَيِّدِهَا الْمُوسِرِ الَّذِي يَلْزَمُهُ إعْفَافُهُ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا عَلَى سَيِّدِهَا، وَحِينَئِذٍ فَلَا فَسْخَ لَهُ وَلَا لَهَا، وَأُلْحِقَ بِهَا نَظَائِرُهَا كَمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدِهِ وَاسْتَخْدَمَهُ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْدِمْهُ وَعَجَزَ عَنْ الْكَسْبِ فَيَظْهَرُ أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ إنْ لَمْ تَرْضَ بِذِمَّتِهِ وَلَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا السَّيِّدُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ (فَإِنْ رَضِيَتْ) وَهِيَ مُكَلَّفَةٌ بِإِعْسَارِهِ (فَلَا فَسْخَ لِلسَّيِّدِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَهُ الْفَسْخُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي النَّفَقَةِ لَهُ وَضَرَرُ فَوَاتِهَا يَعُودُ إلَيْهِ.
وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِمَا مَرَّ فَيَكُونُ الْفَسْخُ لَهَا.
تَنْبِيهٌ: اُحْتُرِزَ بِالنَّفَقَةِ عَنْ الْمَهْرِ فَلَا يَثْبُتُ الْفَسْخُ لَهَا بِإِعْسَارِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ، بَلْ هُوَ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّهُ مَحْضُ حَقِّهِ وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهَا فِي فَوَاتِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَلْزَمُ السَّيِّدُ نَفَقَتَهَا إذَا كَانَتْ بَالِغَةً عَاقِلَةً وَلَكِنْ (لَهُ أَنْ يُلْجِئَهَا إلَيْهِ) أَيْ الْفَسْخِ (بِأَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهَا وَيَقُولَ) لَهَا (افْسَخِي أَوْ جُوعِي) دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ، فَإِذَا فَسَخَتْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا وَاسْتَمْتَعَ بِهَا أَوْ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِهِ كَفَى نَفْسَهُ مُؤْنَتَهَا، أَمَّا الصَّغِيرَةُ وَالْمَجْنُونَةُ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ إلْجَاؤُهُمَا إذْ لَا يُمْكِنُهُمَا الْفَسْخُ. فُرُوعٌ: لِلْأَمَةِ مُطَالَبَةُ زَوْجِهَا بِالنَّفَقَةِ كَمَا كَانَتْ تُطَالِبُ السَّيِّدَ، فَإِنْ أَعْطَاهَا لَهَا بَرِئَ مِنْهَا وَمَلَكَهَا السَّيِّدُ دُونَهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ، لَكِنْ لَهَا قَبْضُهَا وَتَنَاوُلُهَا؛ لِأَنَّهَا كَالْمَأْذُونَةِ فِي الْقَبْضِ بِحُكْمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute