للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُسَنُّ مُؤَذِّنَانِ لِلْمَسْجِدِ يُؤَذِّنُ وَاحِدٌ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَآخَرُ بَعْدَهُ

وَيُسَنُّ لِسَامِعِهِ مِثْلُ قَوْلِهِ

ــ

[مغني المحتاج]

مِنْ اللَّيْلِ، وَفِي الصَّيْفِ لِنِصْفِ سُبْعٍ، وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِهِ وَضَعَّفَهُ الْمُصَنِّفُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ، وَقَالَ: إنَّ قَائِلَهُ اعْتَمَدَ حَدِيثًا بَاطِلًا مُحَرَّفًا، وَيَدْخُلُ سُبْعُ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ الْأَوَّلِ، وَقِيلَ: وَقْتُهُ جَمِيعُ اللَّيْلِ، وَقِيلَ: إذَا خَرَجَ وَقْتُ اخْتِيَارِ الْعِشَاءِ، وَضَبَطَ الْمُتَوَلِّي السَّحَرَ بِمَا بَيْنَ الْفَجْرِ الْكَاذِبِ وَالصَّادِقِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي الصَّيْفِ: السَّحَرُ هُوَ السُّدُسُ الْأَخِيرُ.

(وَيُسَنُّ مُؤَذِّنَانِ لِلْمَسْجِدِ) وَنَحْوَهُ تَأَسِّيًا بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْ فَوَائِدِهِمَا أَنَّهُ (يُؤَذِّنُ وَاحِدٌ) لِلصُّبْحِ (قَبْلَ الْفَجْرِ وَآخَرُ بَعْدَهُ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ، وَيُزَادُ عَلَيْهِمَا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ كَمَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ فِي اسْتِحْبَابِ الِاقْتِصَارِ عَلَى أَرْبَعَةٍ، وَيَتَرَتَّبُونَ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ، وَيَقْتَرِعُونَ لِلْبُدَاءَةِ إنْ تَنَازَعُوا، فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَالْمَسْجِدُ كَبِيرٌ تَفَرَّقُوا فِي أَقْطَارِهِ وَإِنْ صَغُرَ اجْتَمَعُوا إنْ لَمْ يُؤَدِّ اجْتِمَاعُهُمْ إلَى اضْطِرَابٍ وَاخْتِلَاطٍ وَيَقِفُونَ عَلَيْهِ كَلِمَةً كَلِمَةً فَإِنْ أَدَّى إلَى ذَلِكَ أَذَّنَ بَعْضُهُمْ بِالْقُرْعَةِ.

قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَعِنْدَ التَّرْتِيبِ لَا يَتَأَخَّرُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ: لِئَلَّا يَذْهَبَ أَوَّلُ الْوَقْتِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ سُنَّ لَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ الْمَرَّتَيْنِ.

فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى مَرَّةٍ فَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ بَعْدَ الْفَجْرِ، وَالْمُؤَذِّنُ الْأَوَّلُ أَوْلَى بِالْإِقَامَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّاتِبُ غَيْرَهُ فَالرَّاتِبُ أَوْلَى، وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَرْزُقَ الْمُؤَذِّنَ مِنْ مَالٍ الْمَصَالِحِ.

قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْزُقَ مُؤَذِّنًا وَهُوَ يَجِدُ مُتَبَرِّعًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ.

قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: لِأَنَّ الْإِمَامَ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَالْوَصِيِّ فِي مَالِ الْيَتِيمِ، وَالْوَصِيُّ لَوْ وَجَدَ مَنْ يَعْمَلُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مُتَبَرِّعًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ فَكَذَا الْإِمَامُ.

فَإِنْ تَطَوَّعَ بِهِ فَاسِقٌ وَثَمَّ أَمِينٌ أَوْ أَمِينٌ، وَثَمَّ أَمِينٌ أَحْسَنُ صَوْتًا مِنْهُ وَأَبَى الْأَمِينُ فِي الْأُولَى وَالْأَحْسَنُ صَوْتًا فِي الثَّانِيَةِ إلَّا بِالرِّزْقِ رَزَقَهُ الْإِمَامُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ عِنْدَ الْحَاجَةِ بِقَدْرِهَا، وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَرْزُقَهُمْ وَإِنْ تَعَدَّدُوا بِعَدَدِ الْمَسَاجِدِ وَإِنْ تَقَارَبَتْ وَأَمْكَنَ جَمْعُ النَّاسِ بِأَحَدِهَا لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ، وَيَبْدَأُ وُجُوبًا إنْ ضَاقَ بَيْتُ الْمَالِ وَنَدْبًا إنْ اتَّسَعَ بِالْأَهَمِّ كَمُؤَنِ الْجَامِعِ، وَأَذَانُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَهَمُّ مِنْ غَيْرِهِ لِكَثْرَةِ جَمَاعَتِهَا وَقَصْدِ النَّاسِ لَهَا، وَلِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ اسْتِئْجَارُهُ عَلَى الْأَذَانِ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ مَعْلُومٌ يُرْزَقُ عَلَيْهِ كَكِتَابَةِ الصَّكِّ وَلِرُجُوعِ نَفْعِهِ إلَى عُمُومِ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ كَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْمُدَّةِ إذَا اسْتَأْجَرَهُ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَقُولَ اسْتَأْجَرْتُكَ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ مِنْ مَالِهِ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ غَيْرُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهَا عَلَى الْأَصْلِ فِي الْإِجَارَةِ، وَتَدْخُلُ الْإِقَامَةُ فِي اسْتِئْجَارِ الْأَذَانِ ضِمْنًا، وَيَبْطُلُ إفْرَادُهَا بِإِجَارَةٍ إذْ لَا كُلْفَةَ فِيهَا، وَفِي الْأَذَانِ كُلْفَةٌ غَالِبًا لِرِعَايَةِ الْوَقْتِ فَسَقَطَ مَا قِيلَ: إنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ لَيْسَتْ بِصَافِيَةٍ عَنْ الْإِشْكَالِ.

وَلَا يَصِحُّ الْأَذَانُ لِلْجَمَاعَةِ بِالْعَجَمِيَّةِ وَهُنَاكَ مَنْ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ هُنَاكَ مَنْ لَا يُحْسِنُهَا، فَإِنْ أَذَّنَ لِنَفْسِهِ وَكَانَ لَا يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ صَحَّ.

وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يُحْسِنُهَا، وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ، حَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيُّ، وَأَقَرَّهُ.

(وَيُسَنُّ لِسَامِعِهِ) أَيْ الْمُؤَذِّنِ وَمُسْتَمِعِهِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى، وَمِثْلُ الْمُؤَذِّنِ الْمُقِيمِ (مِثْلُ قَوْلِهِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا سَمِعْتُمْ النِّدَاءَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ» (١) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَيُقَاسُ بِالْمُؤَذِّنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>