وَإِلَّا فَعَلَى الثَّانِي فَقَطْ.
وَيُقْتَلُ الْجَمْعُ بِوَاحِدٍ، وَلِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ عَنْ بَعْضِهِمْ عَلَى حِصَّتِهِ
ــ
[مغني المحتاج]
تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُقَدَّمُ بِالْقُرْعَةِ، وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَلَكِنَّ الرَّاجِحَ كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْقَاتِلِ الْأَوَّلِ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ مَعَ تَعَلُّقِ الْحَقِّ بِالْعَيْنِ، وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الْقَاتِلِ الْأَوَّلِ فِي قَتْلِ أَخِيهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقْتَلُ بَعْدَ قَتْلِهِ وَبِقَتْلِهِ تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ، هَذَا مَا نَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. ثُمَّ قَالَ: وَعِنْدِي أَنَّ تَوْكِيلَهُ صَحِيحٌ، وَلِهَذَا لَوْ بَادَرَ وَكِيلُهُ فَقَتَلَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ. لَكِنْ إذَا قُتِلَ مُوَكِّلُهُ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ. فَرْعٌ: لَوْ عُلِمَ سَبْقٌ دُونَ عَيْنِ السَّابِقِ، فَمُقْتَضَى كَلَامِهِ التَّوَقُّفُ إلَى الْبَيَانِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقْرَعَ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَتْ الزَّوْجِيَّةُ بَاقِيَةً بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ (فَعَلَى) أَيْ فَالْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ (الثَّانِي فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَبَقَ قَتْلُ الْأَبِ لَمْ يَرِثْ مِنْهُ قَاتِلُهُ وَيَرِثُهُ أَخُوهُ وَالْأُمُّ، وَإِذَا قَتَلَ الْآخَرُ الْأُمَّ وَرِثَهَا الْأَوَّلُ فَتَنْتَقِلُ إلَيْهِ حِصَّتُهَا مِنْ الْقِصَاصِ وَيَسْقُطُ بَاقِيهِ وَيُسْتَحَقُّ الْقِصَاصَ عَلَى أَخِيهِ، وَلَوْ سَبَقَ قَتْلُ الْأُمِّ سَقَطَ الْقِصَاصُ عَنْ قَاتِلِهَا وَاسْتُحِقَّ قَتْلُ أَخِيهِ. فُرُوعٌ: الْأَوَّلُ إخْوَةٌ أَرْبَعَةٌ قَتَلَ الثَّانِي أَكْبَرَهُمْ ثُمَّ الثَّالِثُ أَصْغَرَهُمْ وَلَمْ يُخَلِّفْ الْقَتِيلَانِ غَيْرَ الْقَاتِلَيْنِ، فَلِلثَّانِي أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ الثَّالِثِ، وَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ عَنْهُ لِمَا وَرِثَهُ مِنْ قِصَاصِ نَفْسِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا قَتَلَ الْأَكْبَرَ صَارَ الْقِصَاصُ لِلثَّالِثِ وَالْأَصْغَرِ، فَإِذَا قَتَلَ الثَّالِثُ الصَّغِيرَ وَرِثَ الثَّانِي مَا كَانَ الْأَصْغَرُ يَسْتَحِقُّهُ. الثَّانِي: مَنْ اسْتَحَقَّ قَتْلَ مَنْ يُسْتَحَقُّ قَتْلُهُ كَأَنْ قَتَلَ زَيْدٌ ابْنًا لِعَمْرٍو وَعَمْرٌو ابْنًا لِزَيْدٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدٌ بِالْإِرْثِ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْقِصَاصُ عَلَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّ التَّقَاصَّ لَا يَجُوزُ فِي الْقِصَاصِ. الثَّالِثُ: لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى أَبِيهِمَا بِقَتْلٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا وَقُتِلَ بِهَا لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ بَلْ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي الْحُجَّةِ، وَقِيلَ: لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ لِتَرَتُّبِ الْقَتْلِ عَلَيْهَا كَمَا أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِقَتْلِ وَلَدِهِ.
(وَيُقْتَلُ الْجَمْعُ بِوَاحِدٍ) وَإِنْ تَفَاضَلَتْ جِرَاحَاتُهُمْ فِي الْعَدَدِ وَالْفُحْشِ وَالْأَرْشِ، سَوَاءٌ أَقَتَلُوهُ بِمُحَدَّدٍ أَمْ بِغَيْرِهِ كَأَنْ أَلْقَوْهُ مِنْ شَاهِقٍ أَوْ فِي بَحْرٍ لِمَا رَوَى مَالِكٌ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَتَلَ نَفَرًا خَمْسَةً أَوْ سَبْعَةً بِرَجُلٍ قَتَلُوهُ غِيلَةً: أَيْ حِيلَةً بِأَنْ يُخْدَعَ وَيُقْتَلَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَرَاهُ فِيهِ أَحَدٌ، وَقَالَ: لَوْ تَمَالَأَ - أَيْ اجْتَمَعَ - عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلَتْهُمْ بِهِ جَمِيعًا، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَصَارَ ذَلِكَ إجْمَاعًا، وَلِأَنَّ الْقِصَاصَ عُقُوبَةٌ تَجِبُ عَلَى الْوَاحِدِ فَيَجِبُ لِلْوَاحِدِ عَلَى الْجَمَاعَةِ كَحَدِّ الْقَذْفِ، وَلِأَنَّهُ شُرِعَ لِحَقْنِ الدِّمَاءِ فَلَوْ لَمْ يَجِبْ عِنْدَ الِاشْتِرَاكِ لَكَانَ كُلُّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ شَخْصًا اسْتَعَانَ بِآخَرَ عَلَى قَتْلِهِ وَاتَّخَذَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً لِسَفْكِ الدِّمَاءِ لِأَنَّهُ صَارَ آمِنًا مِنْ الْقِصَاصِ.
تَنْبِيهٌ: إنَّمَا يُعْتَدُّ فِي ذَلِكَ بِجِرَاحَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إذَا كَانَتْ مُؤَثِّرَةً فِي زُهُوقِ الرُّوحِ فَلَا عِبْرَةَ بِخَدْشَةٍ خَفِيفَةٍ، وَالْوَلِيُّ يَسْتَحِقُّ دَمَ كُلِّ شَخْصٍ بِكَمَالِهِ، إذْ الرُّوحُ لَا تَتَجَزَّأُ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُ دَمِهِ لَمْ يُقْتَلْ، وَقِيلَ: الْبَعْضُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ آلَ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ إلَّا بِالْحِصَّةِ، وَلَكِنْ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ إلَّا بِالْجَمِيعِ، فَاسْتَوْفَى لِتَعَذُّرِهِ، وَأَبْطَلَ الْإِمَامُ الْقِيَاسَ عَلَى الدِّيَةِ بِقَتْلِ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ، فَإِنَّ دَمَهُ مُسْتَحَقٌّ فِيهَا وَدِيَتَهَا عَلَى النِّصْفِ (وَلِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ عَنْ بَعْضِهِمْ عَلَى حِصَّتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute