مِنْ الدِّيَةِ بِاعْتِبَارِ الرُّءُوسِ.
وَلَا يُقْتَلُ شَرِيكُ مُخْطِئٍ وَشِبْهِ عَمْدٍ.
وَيُقْتَلُ شَرِيكُ الْأَبِ، وَعَبْدٌ شَارَكَ حُرًّا فِي عَبْدٍ، وَذِمِّيٌّ شَارَكَ مُسْلِمًا فِي ذِمِّيٍّ، وَكَذَا شَرِيكُ حَرْبِيٍّ،
ــ
[مغني المحتاج]
مِنْ الدِّيَةِ) وَعَنْ جَمِيعِهِمْ عَلَى الدِّيَةِ. ثُمَّ إنْ كَانَ الْقَتْلُ بِجِرَاحَاتٍ وُزِّعَتْ الدِّيَةُ (بِاعْتِبَارِ) عَدَدِ (الرُّءُوسِ) لِأَنَّ تَأْثِيرَ الْجِرَاحَاتِ لَا يَنْضَبِطُ. وَقَدْ تَزِيدُ نِكَايَةُ الْجُرْحِ الْوَاحِدِ عَلَى جِرَاحَاتٍ كَثِيرَةٍ، وَإِنْ كَانَ بِالضَّرْبِ فَعَلَى عَدَدِ الضَّرَبَاتِ، لِأَنَّهَا تَلَاقِي الظَّاهِرَ وَلَا يَعْظُمُ فِيهَا التَّفَاوُتُ بِخِلَافِ الْجِرَاحَاتِ.
تَنْبِيهٌ: مَنْ انْدَمَلَتْ جِرَاحَتُهُ قَبْلَ الْمَوْتِ لَزِمَهُ مُقْتَضَاهَا دُونَ قِصَاصِ النَّفْسِ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ هُوَ الْجِرَاحَةُ السَّارِيَةُ، وَلَوْ جَرَحَهُ اثْنَانِ مُتَعَاقِبَانِ وَادَّعَى الْأَوَّلُ انْدِمَالَ جُرْحِهِ وَأَنْكَرَهُ الْوَلِيُّ وَنَكَلَ وَحَلَفَ مُدَّعِي الِانْدِمَالَ سَقَطَ عَنْهُ قِصَاصُ النَّفْسِ، فَإِنْ عَفَا الْوَلِيُّ عَنْ الْآخَرِ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا نِصْفُ الدِّيَةِ، إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِالِانْدِمَالِ فَيَلْزَمَهُ كَمَالُ الدِّيَةِ.
قَاعِدَةٌ: لَا يُقْتَصُّ مِنْ شَرِيكِ مُخْطِئٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ، وَيُقْتَصُّ مِنْ شَرِيكِ مَنْ امْتَنَعَ قَوَدُهُ لِمَعْنًى فِيهِ إذَا تَعَمَّدَا جَمِيعًا. وَقَدْ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (وَلَا يُقْتَلُ شَرِيكُ مُخْطِئٍ وَشِبْهِ عَمْدٍ) لِأَنَّ الزُّهُوقَ حَصَلَ بِفِعْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا يُوجِبُهُ، وَالْآخَرُ يَنْفِيه، فَغَلَبَ الْمُسْقِطُ، كَمَا إذَا قَتَلَ الْمُبَعَّضُ رَقِيقًا وَفُهِمَ مِنْ نَفْيِهِ الْقَتْلَ وُجُوبُ الدِّيَةِ فَيَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ غَيْرِ الْمُتَعَمِّدِ نِصْفُ الدِّيَةِ مُخَفَّفَةً أَوْ مُثَقَّلَةً، وَعَلَى الْمُتَعَمِّدِ نِصْفُهَا مُغَلَّظَةً سَوَاءٌ تَعَدَّدَ الْجَارِحُ كَمَا هُنَا أَمْ اتَّحَدَ كَمَا سَيَأْتِي، وَاسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ وَالدَّمِيرِيُّ وَابْنُ قَاسِمٍ مَا لَوْ قَطَعَ شَخْصٌ طَرَفَ رَجُلٍ عَمْدًا، ثُمَّ قَطَعَ آخَرُ طَرَفَهُ الثَّانِي خَطَأً، ثُمَّ سَرَى إلَى نَفْسِهِ وَمَاتَ فَعَلَى الْمُتَعَمِّدِ الْقِصَاصُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ، فَإِنَّ شَرِيكَ الْمُخْطِئِ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ. فَإِنْ قِيلَ: إنَّهُ يَقْتَصُّ مِنْ الْمُتَعَمِّدِ فِي الطَّرَفِ وَلَا قِصَاصَ عَلَى قَاطِعِ الطَّرَفِ الْآخَرِ خَطَأً وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا فِي النَّفْسِ لَلسِّرَايَةِ إلَيْهَا بِجِنَايَتَيْنِ إحْدَاهُمَا خَطَأٌ وَالْأُخْرَى عَمْدٌ.
أُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا مَمْنُوعٌ أَيْضًا، لِأَنَّهُمْ اسْتَثْنَوْا ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَلَا يُقْتَلُ شَرِيكُ مُخْطِئٍ. وَأَمَّا قِصَاصُ الطَّرَفِ فَهُوَ ظَاهِرٌ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِهِ فِيمَا مَرَّ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِقَوْلِهِ (وَيُقْتَلُ شَرِيكُ الْأَبِ) فِي قَتْلِ وَلَدِهِ، وَعَلَى الْأَبِ نِصْفُ الدِّيَةِ مُغَلَّظَةً، وَفَارَقَ شَرِيكُ الْأَبِ شَرِيكَ الْمُخْطِئِ بِأَنَّ الْخَطَأَ شُبْهَةٌ فِي فِعْلِ الْخَاطِئِ وَالْفِعْلَانِ مُضَافَانِ إلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَأَوْرَثَ شُبْهَةً فِي الْقِصَاصِ كَمَا لَوْ صَدَرَا مِنْ وَاحِدٍ وَشُبْهَةُ الْأُبُوَّةِ فِي ذَاتِ الْأَبِ لَا فِي الْفِعْلِ وَذَاتُ الْأَبِ مُتَمَيِّزَةٌ عَنْ ذَاتِ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا تُورِثُ شُبْهَةً فِي حَقِّهِ (وَ) يُقْتَلُ (عَبْدٌ شَارَكَ حُرًّا فِي) قَتْلِ (عَبْدٍ، وَ) يُقْتَلُ (ذِمِّيٌّ شَارَكَ مُسْلِمًا فِي) قَتْلِ (ذِمِّيٍّ) وَنَحْوِهِ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ لَوْ انْفَرَدَ اُقْتُصَّ مِنْهُ فَإِذَا شَارَكَهُ فِي الْعَمْدِيَّةِ مَنْ لَا يَقْتَصُّ مِنْهُ لِمَعْنًى فِيهِ وَجَبَ أَيْضًا، كَمَا لَوْ رَمَى اثْنَانِ سَهْمًا إلَى وَاحِدٍ وَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْإِصَابَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْآخَرِ، وَكَمَا لَوْ كَانَا عَامِدَيْنِ فَعَفَا الْوَلِيُّ عَنْ أَحَدِهِمَا (وَكَذَا) يُقْتَلُ (شَرِيكُ حَرْبِيٍّ) فِي قَتْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute