وَقَاطِعٌ قِصَاصًا أَوْ حَدًّا، وَشَرِيكُ النَّفْسِ، وَدَافِعُ الصَّائِلِ فِي الْأَظْهَرِ، وَلَوْ جَرَحَهُ جُرْحَيْنِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَمَاتَ بِهِمَا، أَوْ جَرَحَ حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا ثُمَّ أَسْلَمَ وَجَرَحَهُ ثَانِيًا فَمَاتَ لَمْ يُقْتَلْ.
وَلَوْ دَاوَى جُرْحَهُ بِسُمٍّ مُذَفِّفٍ فَلَا قِصَاصَ عَلَى جَارِحِهِ،
ــ
[مغني المحتاج]
مُسْلِمٍ (وَ) كَذَا شَرِيكُ (قَاطِعٍ قِصَاصًا أَوْ) قَاطِعٍ (حَدًّا) كَأَنْ جَرَحَهُ بَعْدَ الْقَطْعِ الْمَذْكُورِ غَيْرُ الْقَاطِعِ وَمَاتَ بِالْقَطْعِ وَالْجُرْحِ (وَ) كَذَا يُقْتَلُ (شَرِيكُ) جَارِحِ (النَّفْسِ) كَأَنْ جَرَحَ الشَّخْصُ نَفْسَهُ وَجَرَحَهُ غَيْرُهُ فَمَاتَ بِهِمَا (وَ) كَذَا شَرِيكُ (دَافِعِ الصَّائِلِ) كَأَنْ جَرَحَهُ بَعْدَ دَفْعِ الصَّائِلِ فَمَاتَ بِهِمَا، وَكَذَا يُقْتَلُ شَرِيكُ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ وَمَجْنُونٍ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ فِي قَتْلِ مَنْ يُكَافِئُهُ، وَكَذَا يُقْتَلُ شَرِيكُ السَّبُعِ وَالْحَيَّةِ الْقَاتِلَيْنِ غَالِبًا فِي قَتْلِ مَنْ يُكَافِئُهُ، وَكَذَا يُقْتَلُ عَبْدٌ شَارَكَ سَيِّدًا فِي قَتْلِ عَبْدِهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِحُصُولِ الزُّهُوقِ فِيمَا ذُكِرَ بِفِعْلَيْنِ عَمْدَيْنِ وَامْتِنَاعِ الْقِصَاصِ عَلَى الْآخَرِ لِمَعْنًى يَخُصُّهُ فَصَارَ كَشَرِيكِ الْأَبِ. وَالثَّانِي: لَا يُقْتَلُ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكُ مَنْ لَا يَضْمَنُ، فَهُوَ أَخَفُّ حَالًا مِنْ شَرِيكِ الْخَاطِئِ الَّذِي فِعْلُهُ مَضْمُونٌ بِالدِّيَةِ، فَإِذَا لَمْ نُوجِبْ الْقِصَاصَ عَلَى شَرِيكِهِ فَهُنَا أَوْلَى، وَيُفَارِقُ شَرِيكَ الْأَبِ بِأَنَّ فِعْلَهُ مَضْمُونٌ بِخِلَافِهِ هُنَا.
تَنْبِيهٌ: مَا تَقَرَّرَ فِي مَسْأَلَةِ شَرِيكِ السَّبُعِ وَالْحَيَّةِ هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَوَقَعَ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ لِلْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ مُطْلَقًا، وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ، الْأَوَّلُ هُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ، وَلَوْ جَرَحَهُ شَخْصٌ خَطَأً وَنَهَشَتْهُ حَيَّةٌ وَسَبُعٌ وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ لَزِمَهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ. كَمَا لَوْ جَرَحَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ، وَخَرَجَ بِالْخَطَإِ الْعَمْدُ فَيُقْتَصُّ مِنْ صَاحِبِهِ كَمَا مَرَّ (وَلَوْ جَرَحَهُ) أَيْ وَاحِدٌ شَخْصًا (جُرْحَيْنِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً) بِالنَّصْبِ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنْ جُرْحَيْنِ (وَمَاتَ بِهِمَا، أَوْ) جَرَحَهُ جُرْحَيْنِ مَضْمُونًا وَغَيْرَ مَضْمُونٍ كَمَنْ (جَرَحَ حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا) أَوْ عَبْدَ نَفْسِهِ أَوْ صَائِلًا (ثُمَّ أَسْلَمَ) الْمَجْرُوحُ أَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ، أَوْ رَجَعَ الصَّائِلُ (وَجَرَحَهُ) أَيْ مَنْ ذُكِرَ بَعْدَ ذَلِكَ (ثَانِيًا فَمَاتَ) بِهِمَا بِالْجُرْحَيْنِ، أَوْ جَرَحَ شَخْصًا بِحَقٍّ كَقِصَاصٍ وَسَرِقَةٍ ثُمَّ جَرَحَهُ عُدْوَانًا، أَوْ جَرَحَ حَرْبِيًّا مَثَلًا ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ جَرَحَهُ ثَانِيًا فَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ (لَمْ يُقْتَلْ) ذَلِكَ الْوَاحِدُ. أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الزُّهُوقَ لَمْ يَحْصُلْ بِالْعَمْدِ الْمَحْضِ فَيَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ الْمُخَفَّفَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَنِصْفُ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ فِي مَالِهِ. وَأَمَّا فِي بَاقِي الصُّوَرِ فَلِأَنَّ الْمَوْتَ حَصَلَ بِمَضْمُونٍ وَغَيْرِ مَضْمُونٍ فَغَلَبَ مُسْقِطُ الْقِصَاصِ كَمَا مَرَّ وَيَثْبُتُ مُوجِبُ الْجُرْحِ الثَّانِي مِنْ قِصَاصٍ وَغَيْرِهِ، وَلَوْ وَقَعَتْ إحْدَى الْجِرَاحَتَيْنِ بِأَمْرِهِ لِمَنْ لَا يُمَيِّزُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، لِأَنَّهُ كَالْآلَةِ.
(وَلَوْ دَاوَى) الْمَجْرُوحُ وَلَوْ بِنَائِبِهِ (جُرْحَهُ بِسُمٍّ مُذَفِّفٍ) أَيْ قَاتِلٍ فِي الْحَالِ كَأَنْ شَرِبَهُ أَوْ وَضَعَهُ عَلَى الْجُرْحِ (فَلَا قِصَاصَ) وَلَا دِيَةَ (عَلَى جَارِحِهِ) فِي النَّفْسِ؛ لِأَنَّ الْمَجْرُوحَ قَتَلَ نَفْسَهُ فَصَارَ كَمَا لَوْ جَرَحَهُ إنْسَانٌ فَذَبَحَ هُوَ نَفْسَهُ. أَمَّا الْجُرْحُ فَعَلَى الْجَارِحِ ضَمَانُهُ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فَلَا ضَمَانَ فِي النَّفْسِ كَانَ أَوْلَى وَاسْتَغْنَى عَمَّا قَدَّرْته فِي كَلَامِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute