وَلَوْ قَطَعَهُ مِنْ الْكُوعِ فَلَيْسَ لَهُ الْتِقَاطُ أَصَابِعِهِ، فَإِنْ فَعَلَهُ عُزِّرَ وَلَا غُرْمَ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ قَطْعَ الْكَفِّ بَعْدَهُ.
وَلَوْ كَسَرَ عَضُدَهُ وَأَبَانَهُ
ــ
[مغني المحتاج]
تَنْبِيهٌ: لَوْ أَوْضَحَ وَأَمَّ أَوْضَحَ لِمَا مَرَّ وَأَخَذَ مَا بَيْنَ الْمُوضِحَةِ وَالْمَأْمُومَةِ، وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ بَعِيرًا وَثُلُثٌ؛ لِأَنَّ فِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثَ الدِّيَةِ كَمَا سَيَأْتِي.
(وَلَوْ قَطَعَهُ) أَيْ كَفَّهُ (مِنْ الْكُوعِ) وَكَفُّ الْجَانِي وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَامِلَتَانِ (فَلَيْسَ لَهُ) تَرْكُ الْكَفِّ، وَ (الْتِقَاطُ أَصَابِعِهِ) لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى مَحَلِّ الْجِنَايَةِ وَمَهْمَا أَمْكَنَهُ الْمُمَاثَلَةُ لَا يَعْدِلُ عَنْهَا، بَلْ لَوْ طَلَبَ قَطْعَ أُنْمُلَةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ كَفُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ نَاقِصَةً أُصْبُعًا مَثَلًا لَمْ تُقْطَعْ السَّلِيمَةُ بِهَا، وَلَهُ أَنْ يَلْتَقِطَ أَرْبَعَ أَصَابِعَ مِنْهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ عَقِبَ هَذَا، وَالْكُوعُ بِضَمِّ الْكَافِ، وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا الْكَاعُ، وَهُوَ الْعَظْمُ الَّذِي فِي مَفْصِلِ الْكَفِّ يَلِي الْإِبْهَامَ، وَمَا يَلِي الْخِنْصَرَ كُرْسُوعٌ، وَأَمَّا الْبُوعُ فَهُوَ الْعَظْمُ الَّذِي عِنْدَ أَصْلِ الْإِبْهَامِ مِنْ الرِّجْلِ بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: لَا يَعْرِفُ ` كُوعَهُ مِنْ بُوعِهِ: أَيْ لَا يَدْرِي مِنْ غَبَاوَتِهِ مَا اسْمُ الْعَظْمِ الَّذِي عِنْدَ إبْهَامِ يَدِهِ مِنْ الَّذِي عِنْدَ إبْهَامِ رِجْلِهِ، وَقَدْ مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ وَأَمَّا الْبَاعُ فَهُوَ مَا بَيْنَ طَرَفَيْ يَدَيْ الْإِنْسَانِ إذَا مَدَّهُمَا يَمِينًا وَشِمَالًا (فَإِنْ فَعَلَهُ) أَيْ قَطْعَ الْأَصَابِعِ (عُزِّرَ) وَإِنْ قَالَ: لَا أَطْلُبُ لِلْبَاقِي قِصَاصًا وَلَا أَرْشًا لِعُدُولِهِ عَنْ الْمُسْتَحَقِّ. نَعَمْ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يُعَزَّرُ (وَلَا غُرْمَ) لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ إتْلَافَ الْجُمْلَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ بِإِتْلَافِ الْبَعْضِ غُرْمٌ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ قَطْعَ الْكَفِّ بَعْدَهُ) لِأَنَّهُ مُسْتَحِقُّهُ كَمَا أَنَّ مُسْتَحِقَّ النَّفْسِ لَوْ قَطَعَ يَدَ الْجَانِي لَهُ أَنْ يَعُودَ وَيُحِزَّ رَقَبَتَهُ، فَإِنْ قِيلَ: قَدْ قَالُوا: إنَّهُ لَوْ قَطَعَهُ مِنْ نِصْفِ سَاعِدِهِ فَلَقَطَ أَصَابِعَهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ قَطْعِ كَفِّهِ فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ؟ .
أُجِيبُ أَنَّهُ ثَمَّ بِالتَّمْكِينِ لَا يَصِلُ إلَى تَمَامِ حَقِّهِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ أَلَمٍ آخَرَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ تَرَكَ قَطْعَ الْكَفِّ وَطَلَبَ حُكُومَتَهَا لَمْ يُجَبْ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُكُومَةَ الْكَفِّ تَدْخُلُ فِي دِيَةِ الْأَصَابِعِ، وَقَدْ اسْتَوْفَى الْأَصَابِعَ الْمُقَابَلَةَ بِالدِّيَةِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَطَعَ مُسْتَحِقُّ النَّفْسِ يَدَيْ الْجَانِي ثُمَّ عَفَا عَنْ حَزِّ الرَّقَبَةِ وَطَلَبَ الدِّيَةَ لَمْ يُجَبْ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مَا يُقَابِلُهَا، وَقَدْ يُشْكِلُ هَذَا عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ كَامِلُ الْأَصَابِعِ يَدًا نَاقِصَةً أُصْبُعًا، فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ هُنَاكَ: فَإِنْ شَاءَ الْمَقْطُوعُ أَخَذَ دِيَةَ أَصَابِعِهِ الْأَرْبَعِ، وَإِنْ شَاءَ لَقَطَهَا، وَالْأَصَحُّ أَنَّ حُكُومَةَ مَنَابِتِهِنَّ تَجِبُ إنْ لَقَطَ، لَا إنْ أَخَذَ دِيَتَهُنَّ، وَعَلَّلَ بِأَنَّ الْحُكُومَةَ مِنْ جِنْسِ الدِّيَةِ، بِخِلَافِ الْقِصَاصِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِهَا فَدَخَلَتْ فِيهَا دُونَهُ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ هُنَا مُتَمَكِّنٌ مِنْ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ بِخِلَافِهِ فِيمَا سَيَأْتِي، وَلَوْ قَطَعَ يَدَهُ مِنْ الْمِرْفَقِ فَرَضِيَ عَنْهَا بِكَفٍّ أَوْ أُصْبُعٍ لَمْ يَجُزْ لِعُدُولِهِ عَنْ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، فَإِنْ قَطَعَهَا مِنْ الْكُوعِ عُزِّرَ، وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ وَهُدِرَ الْبَاقِي فَلَيْسَ لَهُ قَطْعُهُ وَلَا طَلَبُ حُكُومَتِهِ لِأَنَّهُ بِقَطْعِهِ مِنْ الْكُوعِ تَرَكَ بَعْضَ حَقِّهِ وَقَنَعَ بِبَعْضِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَإِنْ قَالَ الْبَغَوِيّ: عِنْدِي لَهُ حُكُومَةُ السَّاعِدِ، وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَنَّ لَهُ قَطْعَ الْبَاقِي بِأَنَّ الْقَاطِعَ مِنْ الْكُوعِ مُسْتَوْفٍ لِمُسَمَّى الْيَدِ بِخِلَافِ مُلْتَقِطِ الْأَصَابِعِ.
(وَلَوْ كَسَرَ عَضُدَهُ وَأَبَانَهُ) أَيْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute