للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُطِعَ مِنْ الْمِرْفَقِ، وَلَهُ حُكُومَةُ الْبَاقِي، فَلَوْ طَلَبَ الْكُوعَ مُكِّنَ فِي الْأَصَحِّ.

وَلَوْ أَوْضَحَهُ فَذَهَبَ ضَوْءُهُ أَوْضَحَهُ فَإِنْ ذَهَبَ الضَّوْءُ وَإِلَّا أَذْهَبَهُ بِأَخَفِّ مُمْكِنٍ كَتَقْرِيبِ حَدِيدَةٍ مُحْمَاةٍ مِنْ حَدَقَتِهِ.

وَلَوْ لَطَمَهُ لَطْمَةً تُذْهِبُ ضَوْءَهُ غَالِبًا فَذَهَبَ لَطَمَهُ مِثْلَهَا، فَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ أُذْهِبَ.

وَالسَّمْعُ كَالْبَصَرِ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِيهِ بِالسِّرَايَةِ.

ــ

[مغني المحتاج]

الْمَكْسُورَ (قُطِعَ مِنْ الْمِرْفَقِ) لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مَفْصِلٍ إلَى مَحَلِّ الْجِنَايَةِ وَالْعَضُدُ مِنْ مَفْصِلِ الْمِرْفَقِ إلَى الْكَتِفِ (وَلَهُ حُكُومَةُ الْبَاقِي) لِتَعَذُّرِ الْقِصَاصِ فِيهِ. فَإِنْ قِيلَ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عُلِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ: وَلَهُ قَطْعُ أَقْرَبِ مَفْصِلٍ إلَى مَوْضِعِ الْكَسْرِ وَحُكُومَةُ الْبَاقِي فَلَا فَائِدَةَ لِذِكْرِهَا. .

أُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَعَادَهَا لِأَجْلِ التَّفْرِيعِ عَلَيْهَا وَهُوَ قَوْلُهُ (فَلَوْ طَلَبَ الْكُوعَ) لِلْقَطْعِ (مُكِّنَ) مِنْهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ الْقَطْعِ فِي مَحَلِّ الْجِنَايَةِ، وَهُوَ بِالْعُدُولِ تَارِكٌ لِبَعْضِ حَقِّهِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ، وَلَهُ حُكُومَةُ السَّاعِدِ مَعَ حُكُومَةِ الْمَقْطُوعِ مِنْ الْعَضُدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ عِوَضًا عَنْهُ. وَالثَّانِي وَرَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ لَا؛ لِعُدُولِهِ عَمَّا هُوَ أَقْرَبُ إلَى مَحَلِّ الْجِنَايَةِ وَلَمْ يُصَرِّحَا فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ بِتَرْجِيحٍ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَالْأَرْجَحُ مَا فِي الْمِنْهَاجِ وَتَبِعَهُ الدَّمِيرِيُّ، وَعَلَى مَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: لَوْ قَطَعَ مِنْ الْكُوعِ ثُمَّ أَرَادَ الْقَطْعَ مِنْ الْمِرْفَقِ لَمْ يُمَكَّنْ كَمَا جَزَمَا بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْتِقَاطِ الْأَصَابِعِ، فَإِنَّ لَهُ قَطْعَ الْكَفِّ بَعْدَهُ اهـ.

وَفَرَّقَ بِأَنَّهُ هُنَاكَ يَعُودُ إلَى مَحَلِّ الْجِنَايَةِ، وَهَهُنَا إلَى غَيْرِ مَحَلِّهَا، وَإِنَّمَا جَوَّزْنَا قَطْعَ مَا دُونَهُ لِلضَّرُورَةِ. فَإِذَا قَطَعَ مَرَّةً لَمْ يُكَرِّرْهُ.

(وَلَوْ أَوْضَحَهُ) مَثَلًا (فَذَهَبَ ضَوْءُهُ) مِنْ عَيْنَيْهِ مَعًا (أَوْضَحَهُ) طَلَبًا لِلْمُمَاثَلَةِ (فَإِنْ ذَهَبَ الضَّوْءُ) مِنْ عَيْنَيْ الْجَانِي فَذَاكَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَذْهَبْ بِذَلِكَ (أَذْهَبَهُ) إنْ أَمْكَنَ ذَهَابُهُ مَعَ بَقَاءِ الْحَدَقَةِ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ (بِأَخَفِّ) أَمْرٍ (مُمْكِنٍ) فِي إذْهَابِهِ كَطَرْحِ كَافُورٍ، وَ (كَتَقْرِيبِ حَدِيدَةٍ مُحْمَاةٍ مِنْ حَدَقَتِهِ) كَمَا لَوْ أَذْهَبَ ضَوْءَهُ بِهَاشِمَةٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يَجْرِي فِيهِ الْقِصَاصُ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إذْهَابُ الضَّوْءِ أَصْلًا أَوْ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا بِإِذْهَابِ الْحَدَقَةِ سَقَطَ الْقِصَاصُ وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ مُتَعَيَّنٌ، وَلَوْ نَقَصَ الضَّوْءُ امْتَنَعَ الْقِصَاصُ إجْمَاعًا.

(وَلَوْ لَطَمَهُ) أَيْ ضَرَبَهُ عَلَى وَجْهِهِ بِبَاطِنِ رَاحَتِهِ (لَطْمَةً تُذْهِبُ ضَوْءَهُ) بِفَتْحِ الضَّادِ وَضَمِّهَا مِنْ عَيْنَيْهِ (غَالِبًا فَذَهَبَ) ضَوْءُهُ (لَطَمَهُ مِثْلَهَا) طَالِبًا لِلْمُمَاثَلَةِ لِيَذْهَبَ بِهَا ضَوْءُهُ (فَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ) بِاللَّطْمَةِ (أُذْهِبَ) بِالطَّرِيقِ الْمُتَقَدِّمِ مَعَ بَقَاءِ الْحَدَقَةِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا أُخِذَتْ الدِّيَةُ، وَفِي وَجْهٍ رَجَّحَهُ الْبَغَوِيّ: وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لَا يُقْتَصُّ فِي اللَّطْمَةِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهَا، وَلِهَذَا لَوْ انْفَرَدَتْ عَنْ إذْهَابِ الضَّوْءِ لَمْ يَجِبْ فِيهَا قِصَاصٌ، أَمَّا لَوْ ذَهَبَ الضَّوْءُ مِنْ إحْدَى عَيْنَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يُلْطَمُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَذْهَبَ مِنْهُمَا بَلْ يَذْهَبُ بِالْمُعَالَجَةِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَالدِّيَةُ، وَاحْتُرِزَ بِغَالِبًا عَمَّا إذَا لَمْ تُذْهِبْ اللَّطْمَةُ غَالِبًا الضَّوْءَ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ.

(وَالسَّمْعُ) أَيْ إذْهَابُهُ بِجِنَايَةٍ عَلَى الْأُذُنِ (كَالْبَصَرِ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِيهِ بِالسِّرَايَةِ) لِأَنَّ لَهُ مَحَلًّا مَضْبُوطًا وَقِيلَ: لَا قَوَدَ فِيهِ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ فَلَا يُمْكِنُ الْقِصَاصُ فِيهِ. قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>